ربط خبيث من أصحاب الهوى بين ما فعله أحد الإرهابيين المقيمين في دبي وهو يكتب منشورا يعلن فيه عن فرحته باستشهاد أبناء قواتنا المسلحة في العريش أول أيام العيد، وبين ما فعله الشيخ الشعراوي عقب نكسة يونيو 1967 من سجود شكر لله.
وانتشرت منشورات على "فيس بوك" تهاجم الشيخ الشعراوي على ما فعله في نكسة 1967، مما يجعل هذا الهجوم متجدد ولكنه يظهر كل فترة في وسائل الإعلام، ورغم أن الشعراوي أوضح وجه نظره في سجوده شكرا لله عقب نكسة 67 إلا أن البعض ربما لا يلقي لتصريحات الشيخ بالا لكي يستمر في الهجوم عليه.
وهناك فيديو منشور للشيخ الشعراوي أثناء حواره لبرنامج تلفزيوني يقول فيه: «يوم نصر 6 أكتوبر كنت في السعودية وفي مكة المكرمة، وأنا في الجزائر حدثت نكسة 67.. لكن من العجيب أني استقبلتهما معا استقبالا واحدا.. هذا الاستقبال أنني انفعلت فسجدت حينما علمت بالنكسة، وحينما علمت بانتصارنا سجدت أيضا، ولكن هناك فارق بين دوافع السجدتين أما دوافع السجدة الأولي فقد نُقدت ممن حضرها وأولهم ولدي.. كيف تسجد لله وهذا علامة الشكر من نكسة أصابتنا؟».
وأضاف «الشعراوي»: «قلت يا بني لن يتسع ظنك إلى ما بيني وبين ربي، لأنني فرحت أننا لم ننتصر، ونحن في أحضان الشيوعية، لأننا لو نصرنا ونحن في أحضان الشيوعية لأُصبنا بفتنة في ديننا فربنا نزهنا».
أما الأمر الذي أعاده عددا من مهاجمي الشعراوي على مواقع التواصل الاجتماعي، هو مهاجمته للمسحيين، وبالبحث تجد أن لقاء الشعراوي والبابا شنودة يدحض كل هذه الأكاذيب ليضرب الشعراوي مثلا في تعميق الوحدة الوطنية.
وقال الشيخ الشعراوى خلال هذا اللقاء: "أنا بأعتبر من منح الله لى في محنتى. أنه جعلنى أجلس مع قداسة البابا شنودة. وردا على سؤال: ما هو أثر هذه الزيارة قال سترونها فيما بعد لأن الأثر لا يكون في ساعة الحدث» وردا على سؤال عن المحبة بين المسيحيين والمسلمين قال «لتجدن أشد الناس عداوة للذين أمنوا اللى «كذا» ولتجدن أقربهم مودة الذين قالوا إنا نصارى ذلك لأن منهم قسيسيين ورهبانا وأنهم لا يستكبرون» وأضاف قائلا «هناك مبادئ بيننا وبين المسيحيين وبين الأديان الأخرى فنسأل الله أن يجعلنا ننفذ ما جاء في كتابه الكريم» وردا على سؤال عن مسألة زيارة القدس وحديث البابا شنودة في هذا الموضوع قال «سيادة البابا تكلم كلاما لا يوجد بعده كلام ونحن مصرين على أن تكون القدس في يد المسلمين» ورد قداسة البابا «وأنا مصر على ما قلته وألا ندخل القدس إلا وهى في أيد عربية».
وردا على سؤال: ما قولك في تحليل فئة العلمانيين للعلاقة بين المسلمين والمسيحيين أجاب فضيلة الشيخ الشعراوى «ما نعملش حاجة تعطيهم الحجة أننا مختلفون فيما بيننا». وردا على سؤال موجه لقداسة البابا وفضيلة الشيخ الشعراوى عن رأيهما في حوار مشترك بين قداستكم وفضيلة الشيخ الشعراوى قال فضيلته «إن كان الحوار ما بيننا فيما أتسع لنا فمرحبا به. وإن كان الحوار فيما يؤكد فروع نختلف فيها فما أغنانا عنه» ورد قداسة البابا «الحوار الذي يرحب به الكل هو الحوار الذي يأخذ شكل التعاون فـي قضايا مشتركة ويكون الحوار كيف نعمل سويا في هذه القضايا ويكون الحوار هدفه زيادة الروابط وزيادة المحبة».
ما ذكر ليس معناه أن شخص السيخ الشعراوي فوق النقد، فالجميع يؤخذ منه ويرد إلا المعصوم محمد صلى الله عليه وسلم، ولكن هو توضيح للحقائق.
ولم يكن الشيخ الشعراوي عالمًا عاديًا، لكنه كان صاحب طريقة «متفردة» في الوصول إلى القلوب واقتحام العقول، فكان يجمع بين قوة اللغة وسهولة الإلقاء هذا بجانب تمكنه في استخدام لغة الجسد التي لم يعرف أحد إلى الآن سر إقناعه للناس بها.
كانت حياة «الشعراوي» مليئة بالتحولات الفكرية حتى وصل إلى أن أصبح له فكرًا خاصا بل وله مريدون، فهو أول من خط بيده بيان تأسيس جماعة الإخوان المسلمين وما لبث حتى أعلن انشقاقه عنها نظرا لانتمائه القديم لحزب الوفد الذي كان زعيمه «سعد زغلول» وبعده «مصطفى النحاس» اللذين كان يعشقهما الشعراوي بل وأنشد فيهما شعرا، لم يكن من محبي «السياسة» ولا من المتطلعين للمناصب، ولكن القدر ساقه إلى الاشتباك في معاركها، حتى نضاله المشهور في معهده كان ضد الإنجليز وهو ما كان يحتمه عليه واجبه الوطني، كان يرى في مؤسسة الأزهر «قداسة» لا يجب أن يصل أحد إليها، فكان من أول المعترضين على قانون الأزهر وهو ما جعل «عبد الناصر» يترأس بعثة التعريب في الجزائر، حتى جاء السادات واستدعاه للتدخل في رجوع العلاقات السعودية المصرية نظرا لعلاقاته الجيدة مع المملكة الذي قضى فيها عمرا طويلا مدرسا في كلياتها، بعده أراد السادات أن يصبغ على حكمه الصبغة الدينية فاستدعاه وزيرا للأوقاف ولكنه لم يلبث حتى خرج من الوزارة كما أتى، بل إنه اصطدم بالسادات لما رغبت «جيهان السادات» في تأييده لقانون الأحوال الشخصية، وهو كان يرى أنه مخالفا للشريعة الإسلامية، وبعدها اتفاقية «كامب ديفيد» الذي صمت الشعراوي قليلا ثم لم يمكث طويلا حتى تحدث في دروسه عن صفات اليهود السلبية، ليطالب رئيس الوزراء الإسرائيلي رسميا بوقف حلقاته.