شارك المهندس طارق الملا وزير البترول والثروة المعدنية في جلسة مناظرة استراتيجية ضمن فعاليات اليوم الثالث من مؤتمر الغاز الطبيعي في البحر المتوسط، تحت عنوان "دور الغاز المسال في تأمين امدادات الغاز بالبحر المتوسط" والذي ينظمه مرصد الطاقة المتوسطي بالتعاون مع الاتحاد الأوروبي بالعاصمة الفرنسية باريس.
وشهدت الجلسة مناقشات مثمرة واهتماما قويا بما شهدته صناعة البترول المصرية من تغيرات جذرية وقصص نجاح جذبت أنظار العالم وعدة تساؤلات حول الآليات، التي جرى اتباعها للوصول لهذه النتائج المبهرة. وشارك في الجلسة دومينيك ريستوري مدير إدارة الطاقة بالاتحاد الأوروبي وأدارت الجلسة الدكتورة هدى علال مديرة المرصد المتوسطي للطاقة.
واستعرض الملا الجهود المصرية في دعم التعاون الإقليمي، لاستغلال موارد الغاز بمنطقة شرق المتوسط، مشيراً إلى مبادرة تأسيس أول منتدى يضم الدول المنتجة للغاز في منطقة شرق المتوسط في يناير 2019 ومقره القاهرة، ويضم 7 دول بالمنطقة ويتضمن إعلانه التأسيسي فتح الباب أمام من يريد المشاركة فيه.
أقرأ أيضا..وزير البترول يشارك في مؤتمر وزراء الطاقة بفرنسا
وأضاف الوزير أن مصر تضع نصب أعينها طموحات دول منطقة شرق المتوسط في تحقيق أقصى استفادة اقتصادية من ثروات الغاز الطبيعي المكتشفة والمتوقع اكتشافها في المستقبل وتعمل على تحقيق هذه الطموحات، مؤكداً على حتمية التكامل بين دول المنطقة لتحقيق الاستفادة المثلى من موارد الغاز لصالح شعوبها والمساهمة في تحقيق الرفاهية والرخاء لهم.
وأوضح الملا أهم ثمار السياسات التي اتبعتها الدولة المصرية في مجال الطاقة للسنوات الأربع الماضية، مؤكداً أن صناعة البترول والغاز المصرية تشهد تغيرات إيجابية مؤخراً على صعيد الاستثمار وهو ما يعد مؤشراً قوياً على نجاح خطط الإصلاحات وأن شركات عالمية كبرى جديدة حرصت على الدخول في مجال البحث والاستكشاف في مصر لأول مرة مثل شركة "اكسون موبيل"، بالإضافة إلى زيادة الشركات العالمية العاملة لاستثماراتها وعودة شركة شل للمشاركة في المزايدات وفوزها بخمس مناطق دفعة واحدة في مزايدتى هيئة البترول وإيجاس لعام 2018، بالإضافة إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي من الغاز الطبيعي والبدء في توجيه الفائض للالتزامات التعاقدية في التصدير وصناعات القيمة المضافة.
وأشار إلى أن كل هذه النجاحات التي تحققت في قطاع البترول والغاز في مصر تعد نتيجة مباشرة للإصلاحات الاقتصادية التي نفذتها الدولة وأن قطاع البترول والغاز بدوره شرع في تنفيذ إصلاحات عديدة، لزيادة قدراته كقطاع جاذب للاستثمار وتحقيق هدف مصر القومي في التحول لمركز إقليمي لتجارة وتداول الغاز والبترول.
وأكد أن هذه الإصلاحات يتم تنفيذها على كافة المحاور والأصعدة ليس فقط في الإسراع بعمليات الإنتاج والاستكشاف ولكن أيضاً في إصلاح دعم الطاقة وتطوير البنية التحتية، والمشروعات الكبرى التى يتم تنفيذها من معامل تكرير وشبكات خطوط الأنابيب.
وأضاف الملا أن ذلك جاء بالتوازي مع تنفيذ إصلاحات تشريعية، حيث تم إصدار قانون لتنظيم أنشطة سوق الغاز وتأسيس جهاز مستقل لتنظيم السوق، بالإضافة إلى تنفيذ عدة حلول لتخفيض مديونيات ومستحقات الشركاء الأجانب المتراكمة من سنوات سابقة والتي كانت مصدراً للقلق من جانب الشركات الأجنبية وتحدياً كبيراً للحكومة المصرية.
كما أكد الوزير أن تنفيذ كافة هذه الإصلاحات جاء تباعاً وبشكل عاجل دون إبطاء مما لفت أنظار العالم كله لما يحدث في مصر، وساهم في استمرار تدفق الاستثمارات الأجنبية إلى قطاع البترول والغاز.
ومن جانبه أكد دومينيك على أهمية دور منطقة شرق المتوسط كمصدر مهم لإمدادات الغاز إلى أوروبا، وعلى دعم الاتحاد الأوروبي الكامل لمنتدى غاز شرق المتوسط، مثمناً دور مصر في هذه المبادرة المميزة وجهودها في تقريب وجهات نظر الدول في هذا الإطار.
وأشار دومينيك إلى أن مذكرة التفاهم التي تم توقيعها بين مصر والاتحاد الأوروبي في عام 2018 للشراكة الاستراتيجية في مجال الطاقة تعد استكمالاً للعلاقات التاريخية الوثيقة بين الجانبين، منوها بأن الاتحاد الأوروبي مستمر في دعم مصر في مجال الطاقة بكافة الصور الممكنة سواء بتوفير التمويل أو الدعم الفني ونقل الخبرات والتكنولوجيات الأوروبية في مشروعات الطاقة، مشيراً إلى تطلعه لاستمرار التعاون المثمر مع مصر في مجالات الطاقة المختلفة بما يحقق المصالح المشتركة.
وعلى جانب آخر التقى المهندس طارق الملا وزير البترول والثروة المعدنية مع جين بابتيست ليموين وزير الدولة الفرنسي للشؤون الخارجية على هامش زيارته للعاصمة الفرنسية باريس، حيث تم بحث سبل تعزيز العلاقات المشتركة بين البلدين خاصة في مجالات الطاقة في ضوء تقدير المسؤولين الفرنسيين للدور القيادي الذي تقوم به مصر على الصعيدين الإقليمي والدولي، وفي ظل العلاقات المتميزة بين رئيسي البلدين ودعمهم الكامل.
وتم خلال اللقاء استعراض إجراءات الإصلاح الاقتصادي التي قامت بها الدولة المصرية والنتائج الإيجابية لصناعة البترول والغاز المصرية، ما أدى إلى جذب مزيد من الاستثمارات الفرنسية إلى مصر للاستفادة من الفرص المتميزة، وسبل دفع هذه العلاقات الممتدة تاريخياً.
كما تم مناقشة دور الغاز في منطقة شرق المتوسط في توطيد العلاقات بين دول المنطقة، ودور منتدى غاز شرق المتوسط مستقبلاً.
وأكد الملا خلال اللقاء أن العلاقات السياسية بين البلدين تتميز بالعمق والمتانة في ضوء الحرص على التشاور المستمر مع القيادة السياسية في مصر، للتعرف على تطورات الأوضاع في منطقة الشرق الأوسط، بالإضافة إلى الموضوعات الدولية الأخرى.
وأشار إلى الجهود التي تبذلها الدولة المصرية لتحقيق أقصى استفادة اقتصادية من الغاز الطبيعي المنتج، بمنطقة شرق المتوسط بما يحقق المنفعة والاستفادة لجميع الأطراف المعنية.
ومن جانبه أكد بابتيست أن الرؤية بدأت تتضح في منطقة شرق المتوسط، فيما يخص تجارة وتداول الطاقة بشكل عام والغاز الطبيعي بشكل خاص نتيجة للجهود التي تبذلها مصر والدول المهتمة والمعنية، مشيراً إلى تطلع فرنسا والاتحاد الأوروبي لما ستسفر عنه هذه الجهود، وأن هناك رغبة قوية في أوروبا بشكل عام في تأمين مصادر بديلة لإمدادات الغاز الطبيعي.
وأضاف أن الاتفاق على إنشاء منتدى لغاز منطقة شرق المتوسط، مقره مصر يعد دليلاً قوياً على الدور المهم، والمتنامى الذى تلعبه مصر في منطقة البحر المتوسط والشرق الأوسط.