من خلال قصص وحكايات التي نعرضها عن تاريخ شوارع مصر القديمة وخاصة بالقاهرة، منها الفاطمية والخديوية والحديثة، نستكمل سرد قصص شوارع مُعلق عليها لافتات قديمة فوق حوائطها ينطق الجميع باسمها ولا يعرف تاريخها.
من بركة الفيل، لتل العقارب، وحوش الغجر، والدرب الأحمر، ودرب المهابيل، ودرب البرابرة، ودرب الأغوات، حتى المغربلين، والسروجية، والقربية، والسقايين؛ جميعها اسماء مناطق قررنا أن نحكي تاريخها. وأولها حوش الغجر بمجرى العيون.
حوش الغجر
وإذا انتقلنا إلى منطقة مصر القديمة نجد عددا من المناطق بأسماء غريبة مثل منطقة "حوش الغجر"، فالمنطقة تقع خلف سور مجرى العيون فى مكان شبه مغمور وخف، لذلك كانت تأتى بعض القبائل الغجرية التى كانت تطرد من الصعيد، هاربين إلى القاهرة محاولين الاختفاء فترة، ومع تكرار هذه القصة أكثر من مرة أطلق على هذا المكان حوش الغجر".
اماكن الغجر بمصر
انتشر الغجر في قرى مصر وصحاريها، وتتركز أعداد ملحوظة منهم في حي غبريال بالإسكندرية، وقرى طهواي بالدقهلية وكفر الغجر بالشرقية وحوش الغجر بسور مجرى العيون بمصر القديمة وقرية سنباط والمقطم وأبو النمرس ومنشية ناصر.
حوش الغجر
حياتهم وارتباطهم بالزير سالم
من أهم معالم تاريخ الغجر ارتباطهم بشخصية الزير سالم، وقصة الزير سالم معروفة لدى جماعات الغجر المختلفة في مصر. وتحكي القصة الصراع الذي دار بين الزير سالم وابن عمه جساس حول رئاسة القبيلة، ويعتقد الغجر أن قائدهم هو جساس، ولذا فهم يدعون أنفسهم "عرب جساس"، ولكنهم لقوا الهزيمة على يد الزير الأقوى، الذي انتصر عليهم بخداعه ثم لعنهم بأن يركبوا الحمير إلى الأبد.
حياة الغجر
يعيش الغجر في مصر في تجمعات يضم كل منها عددًا من الأسر تتراوح أعدادها بين أسرة أو اثنين وبين مئات الأسر. وطابع الغجر المصريين هو الترحال، كما أن هناك بعض التجمعات المستقرة أو شبه المستقرة التي تمارس التنقل الموسمي، وتكون لها أماكن "قرى عبور" تستقر فيها بعد الترحال بين القرى. ومن نماذج الجماعات المستقرة غجر قرية الروبيات، الذين اختاروا هذه القرية مقرًا أساسيًا لهم لتوسطها بين خمس قرى أخرى.
يعيش الغجر المستقرون في مساكن تتناسب مع المنطقة التي يحلون بها ومع مستواهم المادي، فقد تكون المساكن مشيدة بالطوب الأحمر، أو بالطوب اللبن، أو بالقش والبوص، ويتوسط مساكنهم حوش متسع به الأغنام والكلاب، أما محتويات المنزل فلا تتعدى المعدات الضرورية وبعض الأغطية والأفرشة شدية القذارة.
ويميل الغجر بصفة عامة إلى السكنى في أطراف القرى، وذلك لعدم ميلهم إلى الاختلاط بالأهالي، أو لإبعاد الأنظار عن أنشطتهم وتحركاتهم.
لا يلجأ الغجر للقانون، بل يحكمهم مجلس يسمى بمجلس المغارمة، ويتولى الفصل في المنازعات، ويتكون من كبير الغجر يعاونه ثلاثة رجال.