على الرغم من أن الدولة حاولت بطرق عديدة تقديم خدمات طبية مميزة للمرضى ممثلة في مبادرات صحية لمواجهة الأمراض، إلا أن أساس المنظومة الصحية «الطبيب» يعاني من مشكلات عديدة تجعله غير قادر على أداء عمله مما تسبب في نقص عدد الأطباء حتى خرجت الدولة بقرار جديد يتضمن بحث تخريج دفعات استثنائية لكليات الطب لسد العجز في المستشفيات.
قرار الحكومة وصفه الجميع بـ«الكارثة»، لذا قررت «أهل مصر» إلقاء نظرة أكثر عمقًا على المشكلات التي تتسبب في تقديم الأطباء استقالتهم وسفرهم لدول الخليج، لوجود تسهيلات كثيرة منها مقابل مادي مغري وتوفير الإمكانيات الطبية للتدريب والتعليم، فضلاً عن الهروب من الضغوطات النفسية، وتقديم الحلول الواجب تنفيذها لحل مشكلات القطاع الطبي في مصر.
روى عدد من الأطباء مأساتهم مع دراسة الطب لمدة 7 سنوات والتي تكللت في النهاية براتب زهيد، فيقول الدكتور إسلام عوض، أخصائي جراحة عامة وجراحة أوعية دموية، إن المأساة تبدأ من سنوت الكلية حتى التخرج والحصول على الماجستير والدكتوراه على نفقته الخاصة بآلاف الجنيهات وفي النهاية يكون راتبه الشهري 2500 جنيه، وهو ما يحصل عليه الطبيب خلال ساعتين عمل بالخارج، بالإضافة إلى عدم وجود نظام تأمين محترم للأطباء يحميهم من مخاطر المهنة التي يتعرضوا لها يوميًا في كل لحظة من تعاملهم مع المرض، فلا توجد في مصر مستشفيات خاصة بعلاج الأطباء، والأغرب هو أن الحكومة قدرت بدل العدوى للأطباء بمبلغ زهيد من القرن الماضي لا يتعدى العشرون جنيهًا
واشتكى أخصائي الجراحة العامة، من كثرة الضغوط النفسية والعصبية التي يتعرض لها الأطباء فضلاً عن أنه في حالة حدوث أي مشكلة مع الطبيب يجد نفسه وحيدًا فليس هناك نقابة أو وزارة تساند الأطباء، حيث تحدث إساءات ومضايقات من جانب الأهالي في حالة عدم توفير المستشفى للإمكانيات اللازمة لإسعاف المريض، فلا يواجه المدير أو الدولة هذه المشكلة ولكن يتحملها الطبيب بشكل مباشر، وبالتالي لا يمكن مقارنة العمل في مصر بالسفر إلى الخارج.
وأوضح الدكتور حسن السيد صلاح، دكتور جراحة عامة في مستشفى الشيخ زايد آل نهيان، أن العائد المادي في المستشفيات الحكومية ضعيف جدًا وغير مناسب للأطباء، مؤكدًا أن ظاهرة عزوف الأطباء عن العمل خطيرة وأن هناك كارثة حقيقية بسبب نقص الأطباء، خاصة في التخصصات الحرجة كالتخدير والطوارئ والجراحة وفي القريب العاجل سيحدث عجز طبي.
وأضاف «صلاح» لـ«أهل مصر» أن الطبيب غير قادر على فتح عيادة خاصة للحصول على دخل آخر غير العمل الحكومي، فضلاً عن أن الأطباء مهددين بالسجن أو الغرامة في حالة شكوى المرضى، فيُصبح الطبيب الذي يعالج المريض مُعرض للمسائلة القانونية التي تصل إلى السجن أو الغرامة فضلاً.
اقرأ ايضا.. صحة المصريين في خطر.. الحكومة تواجه نقص الأطباء بكارثة "الدفعات الاستثنائية": خراب على قطاع الصحة
وأشار الدكتور موريد مكرم ميخائيل، استشاري الجراحة العامة ورئيس قسم الجراحة بمستشفيات وزارة الصحة بالقاهرة وزميل الكلية الملكية بلندن في حديثه لـ «أهل مصر» أن العائد المادي للطبيب غير مُجزي وبالتالي فمصر بلد طاردة للأطباء ودول الخليج جاذبة للأطباء المصريين، موضحًا أنه بالفعل سافر إلى سلطنة عمان للعمل بها لمدة 12 عاماً وعاد مرة أخرى لمصر منذ 6 سنوات، وذلك للدراسة والتعليم بشكل أفضل على يد استشاريين أجانب من أجل الحصول على شهادات علمية أعلى، كما أن عدد الخريجين كل عام في مصر قادر على تغطية احتياجات دول الخليج بالكامل، والأطباء التي تتمكن من السفر للدول الأوروبية وأمريكا واستراليا يستقرون ويحصلون على الجنسية ولا يعودون مرة أخرى.
نقلا عن العدد الورقي.