قرى الصعيد، غالبًا ما تلقى الدعم لكي تواكب التطور الحضاري والتكنولوجي والصناعي في العصر الحالي، ولكي تتحول من قرية بسيطة يقتصر سكانها على الحرف البسيطة والأعمال المعروفة كالفلاحة والنجارة وغيرها من الأشياء التي لا تُذكر، لا بد وأن تغامر ويبدأ أبنائها في التفنن والابتكار حتى يكون لهم مكانتهم الخاصة بين القرى والمدن، أما القرى التي لا تلقى دعمًا من الحكومة أولاً، ودعما من رجال الأعمال وأصحاب المشاريع، فيلجأ سكانها إلى الاجتهاد والعمل على أنفسهم من خلال تنفيذ بعض المشاريع البسيطة التي تحتاج إلى فترة زمنية طويلة حتى تخرج إلى النور.
اقرأ أيضًا.. توريد 322 ألف طن قمح لشون وصوامع المنيا
هكذا انتهج أهالي قرية دلجا التابعة لمركز دير مواس بمحافظة المنيا، إذ تحولت إلى قرية تجارية كبيرة بعد أن كانت مرتعًا لجماعة الإخوان الإرهابية في فترة من فترات الزمن الغابر؛ وتتميز قرية دلجا بموقعها الجعرافي بين الجبلين الشرقي والغربي وتعتبر أكبر قرية على مستوى محافظات الصعيد، وصاحبة الموجة الإعلامية الكبيرة خلال السنوات الماضية ليتغير بها الحال من قرية متطرفة إلى قرية مصنعة ومنتجة حتى وصل إنتاجها إلى خارج مصر في زمن وجيز، بعد أن تم تنفيذ العديد من المشاريع الصغيرة التي تبناها أبناء القرية، وكان الهدف الأول والأخير هو القضاء على البطالة داخل القرية وتحسين مستوى المعيشة بعد فقر مدقع عاشه أهالي دلجا.
اقرأ أيضًا.. "زوغوا بخطوط سير وهمية".. محافظ المنيا يحيل 6 أطباء وممرضات بأبوقرقاص للنيابة الإدارية
من قرية صغير لمدينة صناعية
بدأ الجيل الجديد من شباب قرية دلجا التابعة لمركز ديرمواس جنوب المنيا، في تغيير فكرة العمل في المجال الزراعي والبحث عن طرق أخرى تساعد في القضاء علي نسبة البطالة التي كانت في زيادة تدريجيًا بلغت إلى نسبة 70% في السنوات الماضية بين شباب القرية البالغ عدد سكانها أكثر من 63751 نسمة حسب إحصائيات المركز القومي لتعداد السكان سنة 2019، لتتحول دلجا من قرية صغيرة إلى مدينة صناعية، نظرًا لحالة التطوير المستمرة داخلها وإنشاء بعض المشاريع الخاصة والمصانع الصغيرة صاحبة التغير الكبير، بالإضافة إلي وجود الكثير من المواهب الحرفية في كافة المجالات الصناعية، فتجد بعض الشباب الحرفيون يستخدمون وسائل الاتصال الحديثة لمعرفة كل ما هو جديد في عالم الصناعة وتنفيذ الفكرة على أرض الواقع حتى وإن كانت الإمكانيات بسيطة كخطوة تجريبية تتراوح ميزانيتها من 5 إلى 10 آلاف جنيه.
من الإبرة إلى الصاروخ
شهدت قرية دلجا عقب ثورة 25 يناير2011 الكثير من المظاهرات والمسيرات لجماعة الإخوان الإرهابية، التي دمرت منشآتها الحيوية من الكنائس والمقرات الحكومية، مما جعلها القرية الأولى في المنيا، ظهورا على الفضائيات المصرية والأجنبية عقب عزل محمد مرسي، فتحولت القرية الصغيرة إلى علامة بارزة في الصناعة بعد عودة الأمن والأمان والقضاء على الإرهاب تدريجيا، فأصبحت بارزة في تصنيع المواد والخراطة والملابس، إضافة إلى عمل دورات تدريبية للطلاب داخل المصانع للطلاب في إجازة نهاية العام الدراسي من كل سنة، لتقديمهم لسوق العمل بكل حرفية وخبرة لتصبح دلجا الأولى في القضاء علي نسبة البطالة بنسبة 40% من النسبة الموجودة بها وبالقرى المجاورة لتحقيق دفعة قوية في الصناعة الداخلية.
اقرأ أيضًا.. المناطق الأثرية بالمنيا تستقبل 11 ألف سائح أجنبي خلال 5 شهور
تحولت صحراء دلجا إلى بقعة خضراء تسر الناظرين إليها، بعد أن كانت قطعة صحراء جدباء تقبض القلوب من وحشتها، أصبحت أشجار الفواكه والمزارع على طول خط القرية، الفلاح يزرع ويحصد زرعته بكل فخر ونشاط وأمل، فكانت هي نقطة الانطلاق في القرية الصغيرة، ومنها بدأت المشاريع الصغيرة تنتشر حتى أصبحت من القرى التي تصدر منتجاتها للخارج.
اقرأ أيضًا.. 220 درجة للقبول بالثانوي العام في الإسماعيلية.. و245 لمدرسة تكنولوجيا المعلومات
صحراء صناعية
لم تقتصر صحراء قرية دلجا على زراعة أشجار الفواكه وانتشار المزارع فقط، بل تحولت أجزاء من تلك الصحراء الجرداء إلى مصانع صغيرة، بل أصبحت منطقة صناعية صغيرة تتكون من 6 مصانع متخصصة في تصنيع قطع غيار طلمبات مياه الري المعروفة بين تجار الآلات الزراعية بطلمبات الدلجاوي، وتميزها بالكفاءة العالية داخل السوق المصري ليتكرر اسم دلجا من جديد العامل الأساسي في القضاء علي البطالة بنسبة 60%، و10 مصانع للملابس الجاهزة بجوارها 5 مصانع لتصنيع الأكياس البلاستيكية، فأصبحت مصانع دلجا علامة تجارية معتمدة في الأسواق المصرية، ومنها إلى أسواق الخليج مثل الأردن والسعودية، وتصدرت قرية دلجا أيضا، تصدير العديد من المحاصيل الزراعية إلى الخارج منها الثوم والبصل والكمون.