سقطت الملكية وأعلنت الجمهورية فى مصر يوم 18 يونيو 1953، لتبدأ مصر بعد هذا اليوم عهدًا جديدًا، بعد انهيار عرش الملك فاروق الذي كانت حياته قبل مماته لغزًا محيرًا، خاصة أن المصريين استقبلوا الملك الشاب حين توليه العرش بالفرحة والاستبشار نظرًا لقربه من قلوبهم وقتذاك، لكن مع تبدل الأحوال تحولت المحبة إلى كره حتى إن الضباط الأحرار قاموا بثورة يوليو 1952 التي على إثرها صدر قرار تولى اللواء محمد نجيب رئاسة الجمهورية عام 1953، لتكون للشعب الكلمة الأخيرة فى تحديد نوع الجمهورية، رئاسية أو برلمانية، واختيار شخص الرئيس أيضًا، وذلك بمجرد إقرار مشروع الدستور الجديد.
محمد نجيب رئيسًا للجمهورية
استقالت وزارة محمد نجيب، عقب إعلان مصر جمهورية وليس ملكية، وعيّن مجلس قياد الثورة اللواء محمد نجيب رئيسًا للجمهورية ورئيسًا للوزارة، وجمال عبد الناصر نائبًا لرئيس الوزراء ووزيرًا للداخلية، ورُقِّى عبد الحكيم عامر إلى رتبة لواء، وعُيّن قائدًا عامًّا للقوات المسلحة، كما عُيّن عبد اللطيف البغدادى وزيرًا للحربية والبحرية، وصلاح سالم وزيرًا للإرشاد القومى، وبالتدريج تولّى الضباط الأحرار مناصب الوزارة كلها.
ووفقا للنظام الجديد فقد تم إرساء مشاركة الشعب فى الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية وهو ما يعرف بـ "الديمقراطية" ومفهومها الذى يقوم على مبدأ سيادة الشعب وحريته فى اختيار حكامه وقياداته، وأن السيادة فى يد الشعب الذى يختار البرلمان وله صلاحيات التشريع ومراقبة أداء الحكومة، على عكس النظام الملكى الذى يقوم على حكم الملك الفرد.
مصادرة أموال الملك فاروق
وقرر مجلس قيادة الثورة في ذلك الوقت مصادرة أموال وممتلكات الملك السابق فاروق، وكذلك مصادرة أموال أسرة محمد على وممتلكاتهم، وقد أصدر رئيس الجمهورية اللواء محمد نجيب قرارًا بإنشاء الحرس الوطنى – وهى قوة عسكرية قائمة على التطوّع الشعبى – ليكون عونًا للجيش النظامى الأساسى فى الذود واستقلال البلاد.
عبدالحكيم عامر رجل الدولة الثاني
وفي اليوم ذاته، أصدر نجيب قرارًا جمهوريًا بتعيين الصاغ أركان حرب محمد عبدالحكيم عامر، قائدًا عامًا للقوات المسلحة، ويمنح رتبة اللواء، وتعيين سليمان حافظ، مستشارًا قانونيًا، لرئيس الجمهورية.
وتقرر تعديل التشكيل الوزاري، وفي التعديل الجديد أصبح البكباشي جمال عبد الناصر، نائبًا لرئيس الوزراء ووزيرًا للداخلية، وأصبح عبد اللطيف البغدادي، وزيرًا للحربية، وتم تعيين صلاح سالم، وزيرًا للإرشاد القومي، ووزيرًا للدولة لشئون السودان.
رفض نجيب الذهاب لقصر عابدين
وكان من الطبيعي أن ينتقل نجيب إلى قصر عابدين لممارسة مهام منصبه، بمقتضى إعلان الجمهورية وتولي نجيب منصب رئيس الجمهورية، لكنه رفض وفضل البقاء في منزله بحلمية الزيتون ويقول في مذكراته، "رغم أن بيتي لا يليق بأن يكون بيتًا لرئيس الجمهورية ورغم بعده عن قلب العاصمة فقد فضلت البقاء فيه لكي أقنع الآخرين بالتقشف وإعطاء المثل لهم".
واكتفى نجيب، براتب 6 آلاف جنيه في العام، أي خمسمائة جنيه في الشهر، نظرًا لما تتطلبه الدولة من أموال تحتاجها المشروعات الجديدة، كما ورد في كتاب (ذات يوم.. يوميات ألف عام وأكثر)، للكاتب سعيد الشحات.
وفي اليوم ذاته، رحل آخر جندي بريطاني عن أرض مصر، وفقا لما نصت عليه اتفاقية جلاء الإنجليز، التي وقعها الزعيم الراحل جمال عبد الناصر مع اللورد "ستانسغيت"، حيث تم تنفيذ الاتفاقية في 18 يونيو 1956 بعد توقيعها في 19 أكتوبر عام 1954، وخرج بموجبها 80 ألف عسكري إنجليزي من منطقة التمركز في قناة السويس، على خمس مراحل، مدة كل مرحلة أربعة أشهر، حتى جلاء آخر جندي إنجليزي.
"صورة الأعلام هنا"
وأزالت القوات البريطانية أعلامها من آخر نقطة لها في مصر، وهو مبني البحرية في بورسعيد، الذي تم احتلاله عام 1882، ليكون بذلك يوم الخروج عيدا قوميا تحتفل به مصر كل عام وسمي "عيد الجلاء".