في 3 يونيو 1996 صدر قرار وزارة الآثار بضم "مئذنة الجامع الكبير" بقرية دلاص، التابعة لمركز ناصر، شمال بني سويف، كأثر إسلامي، نظرًا لأهميتها التاريخية، حيث يرجع تاريخها إلى العصر الفاطمي، حيث تعتبر أحد أقدم 5 مآذن إسلامية تاريخية في مصر.
بقايا الجامع الكبير
ومأذنة دلاص، هي بقايا مبنى الجامع الكبير بالقرية، بنيت على شكل ثماني، على أربعة طوابق، يصل ارتفاعها إلى 15 مترًا، يلتف حول بدنها زخارف من الجص تمثل مجموعة من محاريب تعلوها المقرنصات إلى جانب الزخارف الهندسية التي تشبه الشمس المشعة، وتم تجديدها أكثر من مرة آخرها في أبريل عام 2000.
شُيدت من "الأجار"
قال سيد منصور، أخصائي أثريات، بإدارة الآثار الإسلامية، إن المئذنة هي واحدة من 5 مآذن بدون مساجد، تم تصنيفها كأثر منذ سنوات، وشُيدت من مادة تسمى "الأجار" ومزودة بعدد من الروابط الخشبية حيث تتكون تلك المئذنة من قاعدة مربعة منخفضة تعلوها قاعدة مربعة أيضا ولكنها أكثر ارتفاعا بينها بعض الأخشاب لتخفيف حمل البناء ذي الجدران السميكة، كما استخدمت تلك الأخشاب أيضا في الانتقال من مرحلة إلى المرحلة الأعلى، لتخفيف حمل البناء على القاعدة.
العصر الفاطمي
وأضاف أخصائي الأثريات، أن المئذنة يرجع تاريخها للعصر الفاطمي، وورد بكتاب العمارة الإسلامية والقبطية في بني سويف أن تلك المئذنة كانت جزءا من جامع قديم قد بني في عصر الدولة الفاطمية ولا يوجد وثيقة أونص توضح من أنشأها وفي أي وقت قام بذلك، لتظل المئذنة باقية، دون المسجد، وكأنها على عناد وتحدٍّ مع الزمن.
ملاذ النساء
محروس عبد الونيس، موظف، أحد أهالي القرية، أكد أن المئذنة استخدمت لأكثر من غرض على مدار تاريخها فالنساء غير المتزوجات أو اللواتي لا يلدن، أو يلدن إناثا فقط أو أي امرأة لها أمنية وتريد تحقيقها، كانت تأتي لمكان المئذنة وتطوف حولها، ظنًا منها أنه هذا التصرف سيكون سببًا في تحقيق أمنيتها، وكانت تستخدم أحيانًا للاختباء من الأعداء أثناء الحروب والنزاعات داخل الدولة.
أثر إسلامي
من جانبه أكد المهندس ياسر روبي، رئيس قسم الآثار الإسلامية، أن المئذنة سُجلت كأثر إسلامي عام 1996، وتتكون من قاعدة سفلية مربعة مبنية من الآجر بارتفاع 1.5 متر، تبرز عن البدن المستطيل الذي يعلوها من الجهتين الشمالية الشرقية حوالي 60 سم والجهة الجنوبية الغربية حوالي 30 سم، يعلوها البدن المستطيل بارتفاع يصل إلى 5.75 م، ويفصل بين المداميك روابط خشبية ويزين وسط البدن المستطيل في الجهة الشمالية الشرقية من أعلى قمرية من الجص.
اقرأ أيضا: 'الآثار' تنفي تسجيل مأذنة جامع الطيب بمحافظة قنا
باب المئذنة
وأضاف: في الجهة الجنوبية الشرقية من بدن المئذنة يوجد فتحة باب المئذنة وهي مستطيلة الشكل ارتفاعها 2 متر × عرض 92 سم، وفي الركن الجنوبي من البدن المستطيل يوجد طرف رباط المبنى الذي كان يمثل امتدادا لجدار المسجد القديم الملاصق للمأذنة، ويعلو البدن المستطيل بدنا مثمنا مبنيا أيضا بالطوب الآجر يبلغ ارتفاعه 5.90 م.
جوسق المئذنة
وأشار إلى أنه يوجد به من الجهة الجنوبية الشرقية فتحة شباك مستطيلة 1.75 م × 7.6 سم عرض، وفي الركن الجنوبي من البدن يوجد عقد منكسر مشع من الجص يتوسطه من أعلى قمرية مستديرة من الجص كما يوجد مثيلتها في كل من الأركان الشمالية والشرقية والغربية، يعلوها دعامات من الآجر صغيرة الحجم كانت تحمل جوسق المئذنة المندثر حالياً، وكل دعامة ترتفع حوالي 2 م تقريباً وكلها مبنية من الآجر وعرضها 55 سم، وتوجد مسافة بين كل دعامة وأخرى حوالي 70 سم، وتربط بين هذه الدعامات ثماني روابط خشبية.
شركات السياحة
وأكد رئيس قسم الآثار الإسلامية، أن الوزارة في طريقها لاستغلال الآثار الإسلامية، وإدراجها ضمن برامج شركات السياحة لأفواج الدول العربية، وقريبا سيتم تأهيل المنطقة المحيطة بالمأذنة لتكون ملائمة لاستقبال السائحين، وتنفيذ خطة للدعاية لتلك المناطق، مشيرا إلى أنه يتم حاليا التنسيق مع المؤسسات الأهلية لتنفيذ برنامج يستهدف توعية الأهالي القاطنين بالمنطقة المحيطة بالمأذنة لتوعيتهم بآلية استقبال السائحين والترحاب بهم، حتى يعود ذلك بالنفع على أهالى المنطقة.