علينا أن نتخيل واقعاً جديدًا في الشرق الأوسط ونقوم بعمل الكثير من المشاريع في المنطقة، هذا ما قاله مستشار البيت الأبيض وصهر ترامب "جاريد كوشنر" في مقدمة حديثه أمس في مؤتمر "المنامة" بالبحرين، ولكن مؤتمر "السلام من أجل الازدهار" كما أطلق عليه عرابوه، فشل فشلاً مروعاً بعد أن تغيب العضو الرئيسي في الأزمة وهي فلسطين التي من المفترض أن تتلقى تلك التمويلات الخليجية والأوروبية لإنماء اقتصادها المتهالك بسبب الاحتلال الإسرائيلي، ولكن "ورشة المنامة" حتى الآن لم تحقق غرضها بعد، فهدفها الرئيسي ليس الاموال الخليجية التي ستساعد فلسطين كاستثمار، بل الاعلان عن "صفقة القرن" المشؤومة التي ألمح إليها جاريد كوشنر أمس بفيديو دعائي خلال افتتاح المؤتمر أظهر وجود جزء من سيناء ضمن "صفقتهم" والحصول على "الضفة الغربية" لنشر المستوطنات الإسرائيلية، ولكن يمكن أن نقول أن تحقيق الهدف الاساسي من مؤتمر المنامة قد فشل، خاصة وأن وزير الخارجية المصري سامح شكري أكد خلال اجتماعته مع نظيره الروسي "سيرجي لافروف" أن مصر لن تفرط في شبر واحد من ارض سيناء، وأن الفلسطييين لن يسمحوا بالتفريط في ارضهم أو التنازل عن دولة بحدود 1967.
ورشة المنامة وحدت الصف الفلسطيني
وفي السياق ذاته، قال المحلل الفلسطيني "ثائر الغوطي" في تصريحات لـ"أهل مصر" أن مؤتمر المنامة فشل بالنسبة لأمريكا، ولكنه فائته الوحيدة للفلسطينيين هو أنه ساعد في توحيد الصف الفلسطيني مشيراً إلى عرض "إسماعيل هنية" أمس بقبوله اي شروط من حركة فتح المتمثلة في السلطة الفلسطينية وأنه على استعداد لمقابلة الرئيس الفلسطيني "أبو مازن" في أي مكان وأي وقت لتوحيد الصف وحل الأنقسام.
وأضاف " الغوطي" هذا نجاحاً لنا كفلسطينين فمع وحدة الصف لن يدحرنا العدو،وبالطبع فإن كل تلك الإجراءات التي اتخذتها أمريكا والتي تم الإعلان عنها في "ورشة المنامة" تخدم دولة الاحتلال بالكامل، ولا تخدم الطرف الفلسطيني بشيء على الإطلاق، ولذلك، جاء مؤتمر المنامة لكي يقدم للفلسطينيين الجزرة "المليارات" مقابل ما ستأخذه إسرائيل من حقوق الشعب الفلسطيني.
اقرأ أيضاً.. الحريري يعلن رفض لبنان "صفقة القرن": الدستور يرفض التوطين
وأوضح أنه لهذا الأمر سميت "صفقة" حيث تتلاءم مع أسلوب ترامب في التعامل مع القضايا السياسية،وهي في القضية الفلسطينية تكون كالتالي: الفلسطينيون يأخذون الأموال لتأسيس كيانهم السياسي وتحقيق الرفاه للمواطنين، وإسرائيل تأخذ الأرض والسيادة والحقوق من الفلسطينيين.
ورشة المنامة مصيرها الفشل
وفي سياق متصل، قالت صحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية أن فرص النجاح أصبحت ضئيلة بالنسبة لـ"صفقة القرن" حيث تظن أمريكا انها تمتلك الأدوات التي يمكن من خلالها فرض هذه الصفقة على الجميع، وعلى رأسها النفوذ السياسية والسيطرة الاقتصادية، وقد ظهر تأثير هذه الأدوات بوضوح حين اضطرت بعض الدول العربية لحضور مؤتمر المنامة، مع تصريحاتها المتكررة برفضها للصفقة، ولكن من يجرؤ من تلك الأنظمة على مخالفة السياسة الأمريكية؟، لكن الغريب في الأمر أننا عندما ذهبنا لتغطية "ورشة المنامة" وجدنا شعوباً ترفض أي سيادة إسرائيلية في فلسطين والكلمة دائماً للشعوب وهذا ما يذعر إسرائيل اليوم.
واضافت الصحيفة أن "الصفقة" يمكنها النجاح فقط إذا تم الضغط على السلطة الفلسطينية ومن الواضح أن الأمر بعيد المنال،فالأمريكان يعلمون تماماً أن الصفقة بدون توقيع الطرف الفلسطيني تساوي صفراً، ولذلك، يسعون لحشد الدول العربية في مؤتمر المنامة للإيحاء بأن الصفقة تحظى بموافقة دولية وعربية.
ولكن غياب أطراف دولية كثيرة مؤثرة، وكذلك غياب أطراف عربية مهمة، وبخاصة الطرف الفلسطيني، يمثل نقطة ضعف لا يمكن تجاهلها في مشروع الصفقة.
اقرأ أيضاً.. السفير الأمريكي بتل أبيب: انسحاب إسرائيل من كامل الضفة أمر مستبعد
وأكدت الصحيفة الإسرائيلية إن عدم توقيع الفلسطينيين على صفقة القرن يجعلهم الخاسرين مادياً، لكنهم بالتأكيد الرابحون لوطنهم، ولا يمكن أن يكون هناك فرصة لنجاح كل هذا الأمر إذا ما أصرت الشعوب على تحقيق أهدافها، وهذا سيكون أخر "مسمار" في نعش رئيس الوزراء "بنيامين نتيناهو" الذي من المقرر أن يعيد الانتخابات في الشهور المقبلة، ومع فشل تلك "الصفقة" يمكن أن يخسر مقعده.
كيف سيحاول ترامب انقاذ "صفقة القرن" في ورشة المنامة
وعلى جانب أخر، رأى مركز "أتلانتيك كاونسيل" الأمريكي للدراسات أن "ورشة المنامة"، أو الجانب الاقتصادي من خطة السلام المعروفة بـ "صفقة القرن"، محتوم عليها بالفشل، غير أن هذا الفشل سيحوله الرئيس دونالد ترامب إلى "نجاح".
وقال المركز أن هذا الفشل المحتوم لورشة المنامة سيكون نجاحًا لاستراتيجية ترامب، حيث أن فشل المؤتمر سيسمح لجاريد كوشنر، مستشار ترامب وصهره وزملائه بزعم انهم بذلوا قصارى جهدهم لحل الصراع ، وسيسمح لهم أيضًا بإلقاء اللوم على الآخرين وتحميلهم مسؤولية الفشل، بدعوى عدم التعاون.
اقرأ أيضاً.. إعلامي إسرائيلي في البحرين يمسك بزجاجة "بيرة": نحن أمام شرق أوسط جديد
كما سيجدون في ذلك حججًا تبرر تأجيلهم القضايا السياسية الكبرى حتى نهاية العام الحالي على الأقل لحين إمكانية إعادة الانتخابات الإسرائيلية العامة وتشكيل الحكومة.
واختتم مركز الأبحاث الأمريكي إن ورشة المنامة هي ليست جزءًا من عملية سلام جادة، وليست حتى متعلقة بفلسطين أو الفلسطينيين، بل إنها "عنصر ثانوي في الجهود التي تبذلها إدارة ترامب لدعم سياسات إسرائيل اليمينية بكل إخلاص وتحقيق رؤية بعض مؤيديها المؤثرين في الولايات المتحدة".