اشتعلت خلال الأيام الماضية أزمة تواجد فائض لدى شركات الأسمنت العاملة داخل السوق المصري، ما أدى لإغلاق شركة أسمنت طرة، نظرًا لوجود فائض بقيمة 35 مليون طن أسمنت، من إجمالي إنتاج 85 مليون طن، حيث يستهلك السوق المحلي نحو 50 مليون طن سنويًا، وهو الأمر الذي يشكل ضغط على صناعة الأسمنت المحلية.
وأكد عدد من المحللين الاقتصاديين المعنيين بالأمر، على خوفهم من مستقبل صناعة صناعة الأسمنت في مصر، موضحين أن المؤشرات المتاحة حتى الآن سلبية، والأمور تزداد سوءًا في المصانع، وتوقف (طرة) لن يكون الأخير، متوقعين خروج مصانع أخرى خلال الفترة المقبلة حال عدم تغير الظروف التشغيلية الصعبة الحالية، وهو ما نستعرضها خلال التالي:
من جانبه أشار خبير اقتصادي رفض ذكر اسمه، أن هناك أزمة كبيرة في شركة طرة، بسبب ما يسمى بـ"سياسة العرض والطلب"، حيث أن المعروض تفاقم أكثر من الطلب، مما يؤدي إلي عدم التوازن والإستقرار في هذه الصناعة الإستراتيجية، مشيرا إلى أن مستقبل الصناعة أمام كل المؤشرات المتاحة حتى الآن سلبية، كما أن حالة الأسمنت تواجه عدم استقرار لهذه الصناعة الإستراتيجية، حيث بلغ قيمتها الأن بحوالي 35 مليون طن، وتوقف ( طرة ) لن يكون الأخير الذي يعلن إفلاسه بعد الغلق.
وأشار أن إنهيار الأسمنت في الأسواق، يأتي عن طريق إغلاق عدد كبير من الشركات الأسمنتية التي تحمل إسما كبيرا مثل شركة طرة.
وأضاف الخبير أن الشركات تحاول إبقاء نيران الأفران مشتعلة، لكن بعضها اقترب لنقطة الصفر، والتى تتطلب اتخاذ قرار حاسم بالتوقف منعا لمزيد من الخسائر، وهذا القرار هو الأصعب في صناعة الأسمنت أو أي صناعة أخرى، فالتصفيه تعني خسارة رأس المال، وفيها ما هو غير قابل للتحويل أو التعويض.
وتابع: «لا توجد توقعات بنمو الطلب، بل على العكس فالمؤشرات تشير للإنكماش، حيث إن معدل الطلب خلال الربع الأول من 2019 تراجع بنسبة 8% مقابل نفس الفترة من العام الماضى، كما أن المخزونات ارتفعت في المصانع إلى 10 ملايين طن، وهو ما يوازى نحو 20% من حجم الطلب في السوق، وتحتاج هذه الكميات لأكثر من شهرين لتصريفها، شريطة وقف طرح أي كميات جديدة .
وأشار إلى أن كل هذه المعطيات ساهمت في الضغط بقوة على قدرة المصانع وعلى تحريك الأسعار وفقا لارتفاعات التكلفة، وضغطت بقوة على هوامش الأرباح في المصانع والتى انخفضت بمعدلات أكثر من التوقعات، والتى توقفت عن 15%، نزولا من 40% قبل دخول الطاقات الجديدة، ولكن الوضع الحالى بلغ به هوامش الأرباح في أفضل المصانع وأكثرها كفاءة عند 10% فقط، ووصلت في مصانع أخرى لـ0%، وفى مصانع أخرى أظهرت قوائمها المالية تحقيق هوامش سلبية، أي أن سعر بيع الطن أقل من تكلفة إنتاجها، وهذه المصانع هي المرشح الأكبر للتوقف خلال الفترة المقبلة.
اقرأ أيضًا.. البنك المركزي يطرح اليوم أذون خزانة بقيمة إجمالية 18.75 مليار جنيه
ولفت الخبير الى أن الطاقات التشغيلية في المصانع تراجعت لمتوسط 65%.. وحول توقعاته بالتأثيرات المرتقبة لزيادة أسعار الكهرباء والغاز التي تدخل حيز النفاذ يوليو المقبل، قال إن الشركات لم تعد لديها القدرة نهائيا على تحمل أي ارتفاعات في التكلفة، وإنما سيتم تمريرها للمستهلك، موضحًا أن متوسط الزيادة سيكون في حدود 25- 30 جنيها في الطن، والحلول المطلوبة غير تقليدية تتلاءم مع طبيعة المشكلة، وترتكز على تحقيق التوازن المقبول بين العرض والطلب، وبما أنه من الصعب تحريك الطلب لعدة أسباب تتعلق بمعدلات النمو الكلى وغيرها، فإن الحل الآخر هو التحكم في المعروض من خلال اتخاذ قرار حكومى بالتخفيض الجبرى لإنتاج كل المصانع بنسب تتوازن مع طاقاتها الإنتاجية، وهو ما يقلل الضغوط على الصناعة ويسمح بمزيد من التحركات السعرية لتعويض الخسائر المتراكمة وتحسين هوامش الأرباح، الأمر الذي عرضته شركات الأسمنت بالفعل على الجهات الحكومية، ولكن فيما يبدو لم يلق قبولا واسعا، نظرا لأنه يؤدى لزيادة الأسعار وسيتحمل تبعاته مستهلكو الأسمنت وكذلك الحكومة.
ومن جانبه قالت نهى بكر، المدير التنفيذى لشعبة الأسمنت، إن إعلان غلق مصانع طرة الكبري هو نتيجة منطقية للأزمة التي تمر بها هذه الصناعة خلال آخر عامين، لافتهً أن الشعبة حذرت مرارا من حدوث هذه الأزمات في ظل الظروف التشغيلية السيئة للمصانع.
وأضافت "بكر " أن تباطؤ الطلب على الأسمنت منذ بداية العام الجارى ضاعف من حدة الأزمة، إذ تراجع الطلب لأكثر من 8% خلال الأشهر الأولى من العام، وبلغ معدل الفجوة بين الطلب والمعروض أكثر من 30 مليون طن، وسط صعوبات كبيرة لتصريف المخزون المتراكم من خلال قنوات التصدير، نتيجة لارتفاع تكلفة الإنتاج في مصر مقارنة بالأسواق المنافسة، وتوقف الحكومة عن سداد مساندة الصادرات، وفى حال استمرار هذا الوضع فإن حجم الطلب قد يتراجع خلال العام الحالى لأقل من 48 مليون طن.
وأوضحت أنه بحسب بيانات شعبة الأسمنت، سجل استهلاك القطاع خلال عام 2017 ما يقرب من 53.8 مليون طن، وتراجع خلال عام 2018 ليسجل 51 مليون طن، ومن المتوقع أن يستمر في النزول خلال هذا العام بناء على البيانات الأولية. وأشارت إلى أن الوقت يتطلب تدخلا حكوميا للتعاون مع القطاع الخاص لإنقاذ هذه الصناعة وخروجها من عثرتها، إذ يبلغ حجم الاستثمارات في صناعة الأسمنت 250 مليار جنيه، 52% منها استثمارات أجنبية، وتوفر 50 ألف فرصة عمل مباشرة، إلى جانب 200 ألف فرصة عمل غير مباشرة.
ولفتت المدير التنفيذي لشعبة الأسمنت إلى أن خروج شركة طرة لن يكون له تأثير على السوق، رغم أن إنتاجها يصل لـ3 ملايين طن، وذلك لأنه من المنتظر دخول مصنع أسمنت المصريين للعمل بطاقة إنتاجية 2.2 مليون طن خلال أغسطس المقبل، وبالتالى فإن الطاقة مازالت مرتفعة جدا ولا توجد فرص لتصديرها.