تذكر بعض المصادر التاريخية أن النبى صلى الله عليه وسلم لما حضرته الوفاة أراد أن يكتب وصية للمسلمين إلا أن بعض صحابة النبى صلى الله عليه وسلم رفضوا ذلك ؟ فهل صحت هذه الواقعة من واقع أحاديث النبي والسيرة النبوية المشرفة ؟ حول هذا التساؤل يقول الأستاذ الدكتور شوقي إبراهيم علام أن الإمام البخاري روي عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: لما حضر رسول الله صلى الله عليه واله وسلم، وفي البيت رجال، فيهم عمر بن الخطاب رضي الله عنه، قال النبي صلى الله عليه واله وسلم: هلم أكتب لكم كتابا لا تضلوا بعده ، فقال عمر: إن النبي صلى الله عليه واله وسلم قد غلب عليه الوجع، وعندكم القران، حسبنا كتاب الله. فاختلف أهل البيت فاختصموا؛ منهم من يقول: قربوا يكتب لكم النبي صلى الله عليه واله وسلم كتابا لن تضلوا بعده، ومنهم من يقول ما قال عمر، فلما أكثروا اللغو والاختلاف عند النبي صلى الله عليه واله وسلم، قال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم: «قوموا»، قال عبيد الله: فكان ابن عباس يقول: إن الرزية كل الرزية ما حال بين رسول الله صلى الله عليه واله وسلم وبين أن يكتب لهم ذلك الكتاب من اختلافهم ولغطهم.
هل أراد النبي صلى الله عليه وسلم كتابة وصية عند موته
وفي رواية أخرى عند البخاري ، واللفظ له، ومسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: يوم الخميس وما يوم الخميس. ثم بكى حتى خضب دمعه الحصباء فقال: "اشتد برسول الله صلى الله عليه واله وسلم وجعه يوم الخميس فقال: ائتوني بكتاب أكتب لكم كتابا لن تضلوا بعده أبدا، فتنازعوا، ولا ينبغي عند نبي تنازع، فقالوا: هجر رسول الله صلى الله عليه واله وسلم، قال: دعوني، فالذي أنا فيه خير مما تدعوني إليه ، وأوصى عند موته بثلاث: أخرجوا المشركين من جزيرة العرب، وأجيزوا الوفد بنحو ما كنت أجيزهم ، ونسيت الثالثة.
ويؤكد فضيلة المفتي أنه من الظاهر أن النبى صلى الله عليه وسلم أراد كتابا يلخص فيه مهمات الأحكام حتى يحصل الاتفاق على المنصوص عليه ويرتفع النزاع فيها، والأظهر أنه أراد النص فيه على خلافة أبي بكر الصديق رضي الله عنه حتى تعصم الأمة من الفتن والنزاعات، ويؤيد القول الأخير ما أخرجه الحاكم في "المستدرك على الصحيحين" عن ابن أبي مليكة عن عبد الرحمن بن أبي بكر رضي الله عنهما أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم: ائتني بدواة وكتف أكتب لكم كتابا لن تضلوا بعده أبدا ، ثم ولانا قفاه، ثم أقبل علينا، فقال: يأبى الله والمؤمنون إلا أبا بكر .