في 6 مايو الماضي، شنت قوات النظام السوري هجومًا بريًا على معقل المعارضين في إدلب السورية، وحتى الآن يتركز القتال في منطقتين، وكانت المكاسب الإقليمية للنظام بسيطة، حيث كان هدف الرئيس السوري بشار الأسد وروسيا القضاء على الإرهاب والمعارضة في المحافظة بشكل نهائي وفي السياق ذاته، إن تركيا غير مستعدة الآن لترك ساحة المعركة، فقد دعمت مراكز المراقبة في قلب منطقة القتال، وزودت الفصائل الموالية للأتراك بالمزيد من الأسلحة، فهل ستساعد تلك الأشياء على رد الهجوم أم ستسحب أنقرة دعمها حينما تقوم روسيا بتسليم منظومات الدفاع الجوي إس 400-الموعودة بها إلى تركيا؟ والأهم من ذلك، ماذا سيحدث لمئات الآلاف من المدنيين إذا تحول الأمر مثل حلب؟
وفقاً لمعهد دراسات واشنطن فإن جيش بشار الأسد خسر ما يزيد عن 600 عنصر منذ 30 أبريل، وهو ما يشكل حصيلة كبيرة بالنظر إلى أن الآلاف من الجنود الجرحى أصبحوا غير قادرين على القتال، وينطبق ذلك بشكل خاص على مجندي فصائل "المصالحة" الجدد القادمين من مناطق الإرهاب السابقة، فقد كانوا الأكثر تكبداً للخسائر وهو أمر لا يبالي به النظام كثيراً،ومع ذلك يدفع أبناء الطائفة العلوية التي ينتمي إليها الأسد ثمناً باهظاً أيضاً: فقد استقبلت اللاذقية أكثر من ثمانين جثماناً في شهرمايو، وربما استقبلت طرطوس العدد نفسه.
اقرأ أيضاً.. عودة 1.4 ألف لاجئ سوري خلال الـ24 الساعة الأخيرة
كيف يتم تدمير منهجي لإدلب؟
تعرض نحو ثلثي المحافظة لغارات جوية مكثفة،ويقع معظم هذا القصف جنوب الطريق السريع الموصل بين حلب واللاذقية، لكن مدينة إدلب تتعرض لهجمات منتظمة أيضاً.
تجدر الإشارة إلى أن الأهداف عسكرية ومدنية على حد سواء، ويتمثل الهدف الرئيسي في حث المدنيين على الفرار إلى الحدود التركية، وبالتالي عزل المقاتلين الإرهاب في الجنوب، ومن هذا المنطلق، يتبع القصف نمطاً واضحاً: فالموجة الأولى من الضربات تركز عادةً على الأهداف العسكرية لتشكل بذلك تحذيراً للمدنيين الذين يعيشون في مكان قريب،والموجة الثانية تتألف من ضربات عشوائية تُشن على منطقة معينة.
عندما تقصف القوات السورية والروسية بلدات بعيدة عن خط المواجهة، فإنها تدعي أن الهدف من ذلك هو قطع الخطوط اللوجستية للإرهاب.
اقرأ أيضاً.. عودة 1.4 ألف لاجئ سوري خلال الـ24 الساعة الأخيرة
وفي هذا السياق، كتب المعهد أن المدنيين سيرفضون الإرهاب في نهاية المطاف إذا ما عجز عن حمايتهم، ويبدو أن الأسد اعتمد على هذا المبدأ لسنوات حتى الآن.
وفي 18 يونيو، رفع مارك لوكوك، "وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية ومنسق الإغاثة في حالات الطوارئ"، تقريراً إلى مجلس الأمن الدولي بشأن الوضع الإنساني في إدلب، فمنذ 1 مايو، هرب حوالي 330 الف شخص من منازلهم في المحافظة، معظمهم في 342 مخيماً غير رسمي.
ويلاحظ "مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية وشؤون الإغاثة" أيضاً أن 250 ألف طفل هم خارج المدرسة لأن المرافق التعليمية الخاصة بهم إما مدمرة أو تُستخدم كبيوت للمشردين،وحتى عندما تتوفر المرافق المدرسية، يرفض الكثير من الآباء إرسال أطفالهم إليها خوفاً من القصف.
اقرأ أيضاً.. إسرائيل: روسيا استكملت نصب جميع بطاريات صواريخ "إس - 300" شمال غربي سوريا
https://www.ahlmasrnews.com/861768
هل النازحون من إدلب يشكلون قنبلة موقوتة؟
حالت العديد من الضغوط دون إطلاق النظام وحلفائه عملية اجتياح بري واسع النطاق في إدلب، ومع ذلك قد تكون استراتيجيتهم الحالية كافية لتدمير معقل المعارضين،وفي ظل غياب مرافق إيواء إضافية، خيم عدد كبير من الأشخاص النازحين داخلياً في بساتين الزيتون المحلية، غير أنه من المفترض أن يصبح هذا الترتيب شاقاً مع اقتراب فصل الشتاء ووصول المزيد من النازحين إلى الحدود.
وقد قصف الجيش السوري المنطقة لمدة ثلاث سنوات قبل اقتحامها، مما خفض عدد المدنيين من 1.5 مليون نسمة إلى أقل من 100ألف شخص عشية الهجوم البري، ويبدو أن دمشق وموسكو عازمتين على تطبيق الاستراتيجية نفسها على إدلب، وأن القنبلة الإنسانية الموقوتة التي وضعتها سوريا وروسيا توشك على الانفجار.