لكل فعل رد فعل، لكن في تركيا لا يضمن أن يكون رد الفعل مساو للفعل في المقدار، وهو ما ينبئ بتغير في خريطة علاقات تركيا بالدول لصديقة أو العدوة على حد سواء.
وتدخل تركيا في 8 سيناريوهات، تجاه عدد من الدول وداخل تركيا ذاتها، على خلفية محاولة الانقلاب الفاشل في أنقرة مساء أمس الجمعة.
أولًا.. علاقة تركيا بأمريكا:
في تصريح مباشر له، اتهم رئيس الوزراء التركي علي بن يلدريم، فتح الله غولن، بأنه يتزعم حركة إرهابية، تقود عملية الانقلاب، بالتنسيق مع قيادات بالجيش، مؤكدًا أن تركيا طالبت واشنطن بتسليم غولن.
ولم يقف الأمر عند هذا الحد، حيث أكد يلدريم، أن أي دولة تحمي غولن – في إشارة إلى الولايات المتحدة الأمريكية- تكوندولة معادية لتركيا، وهو ما ينبئ باختلاف محتمل بين أمريكا وتركيا، خاصة بعدما أخذ إردوغان قوة نفسية بأن الشارع التركي معه ويدعمه.
ثانيًا..علاقة تركيا مع مصر:
أكد سياسيون ومحللون، أن خريطة التعامل بين تركيا والعالم ستتغير بعد محاولة انقلاب الجيش على حكومة إردوغان، خاصة في المنطقة العربية والشرق الأوسط، وتعد مصر أهم دول الشرق الأوسط، التي توترت العلاقات بينها وبين تركيا، بعد الإطاحة بالرئيس الأسبق محمد مرسي، ورغم تواتر الأنباء بعودة العلاقات المصرية التركية خلال الفترة المقبلة، إلا أن محاولة الانقلاب تضع الأمور في تساؤل جديد، هل ستمضي تركيا باتجاه تحسين علاقاتها بمصر أم ان الأمر سيتم تأجيله مرة أخرى.
ثالثًا.. تدهور العلاقات مع اليونان:
تشهد العلاقات التركية اليونانية، اضطرابات بسبب النواع على بحر ايجه، والتي تزايدت بعد احتمالية وجود بترول به، ولكن الأمر أصبح عرضة للتطور بعد محاولة الانقلاب الفاشل في تريكا، خاصة بعدما حاول عدد من الانقلابيين في تركيا الاستعانة باليونان.
وذكرت اليونان أن طائرة هيلكوبتر، تحمل 8 عسكريين أتراك، هبطت في اليونان، وطالب العسكريون باللجوء السياسي، بعد أن هربوا من تركيا، لتصبح اليونان في مأزق القبول بلجوئهم خاصة بعدما أعلن رئيس الوزراء التركي بأن أي دولة تحمي الإرهابيين ستكون عدوة لتركيا.
رابعًا..التخلي عن الممارسات القمعية:
رغم أن الشعب التركي ساند حكومة إردوغان، ورفض الانقلاب العسكري في البلاد، لكن هذا لا ينفي أن هناك خلافات ونزاعات بين إردوغان والشعب، أكثر أحد تجلياتها ممارسات إردوغان القمعية والمناهضة للحريات.
وبعد محاولة الانقلاب الفاشل، يوجه بعض السياسيين بضرورة أن يعيد أردوغان التفكير في مناهضة الحريات في بلاده، إلا ان عدد من المتابعين يرون أنه وفقًا لتصريح إردوغان في أول ظهور له، يستبعد أن يغير أردوغان من سياسته لأنه يرى أن الانقلاب فشل بسبب حب الشعب له وتمسكهم به كرئيس منتخب.
خامسًا.. علاقة أردوغان بإسرائيل وروسيا:
قبل أيام من محاولة الانقلاب على إردوغان، شهدت تحركات تركيا اختلافًا نوعيًا تجاه روسيا وإسرائيل، حيث عاود إردوغان علاقته بروسيا، بعدما قدم اعتذارًا رسميًا للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في خطوة لإعادة موازنة قواه الدولية، تزامنت مع ذلك عودة العلاقات التركية مع إسرائيل فيما سمي بـ«التطبيع التركي مع روسيا»، وبحسب محللين سياسيين فإن هذه الخطوة لا تعد من أسباب الانقلاب ضد إردوغان، حيث أن الجيش التركي يتعاون استراتيجيًا مع الجيش الإسرائيلي، لكنهم يرون بشكل كبير أن تلك العلاقات ستأخذ منحنيات جديدة خلال الفترة المقبلة، أغلبها ستكون بشكل إيجابي لتعزيز التعاون المشترك.
سادسًا.. علاقة إردوغان بالمعارضة التركية:
تتمتع تركيا بمعارضة قوية، فيما يواجه إردوغان انتقادات كبيرة من المعارضة ورموزها، إلا أن المعارضة ضربت مثالًا قويا لعدم استغلال الموقف في تصفية الحسابات بينها وبين إردوغان، حيث ساندت المعارضة شرعية انتقال السلطة دون اللجوء للانقلاب العسكري على السلطة، رافضة محاولة انقلاب الجيش على إردوغان.
وبهذا الموقف يرى المحللون السياسيون أنه على إردوغان أن يعيد حساباته للتعامل مع المعارضة، وتوسيع نقاط التواصل والحوار معهم.
سابعًا.. نطاق صلاحيات وقوة الشرطة التركية:
ربما يفكر إردوغان في مكافأة جهاز الشرطة التركية، على مؤازة الحكومة وإثبات ولائه للنظام، خاصة بعدما رفض الانضمام إلى معسكر الانقلاب وقرر مواجهته.
ويطرح هذا الاحتمال تساؤلات حول الامتيازات التي سيضعها إردوغان بين يدي قوات الأمن، وكيف سيتغلها أفراد الشرطة، خاصىة مع الشعب الذي ساند السلطة أيضًا.
ثامنًا.. تطهير الجيش:
بعد محاولة الانقلاب العسكري على إردوغان، قال رئيس الوزراء التركي إن الحكومة ستعمل على تطهير المؤسسة العسكرية من الخونة والانقلابيين، دون أن يوضح إلى أي مدى سيكون هذا التطهير، خاصة وأن الجيش التركي له تواجد في أكثر من مجرد دولته، فهو ذو دور فاعل في التحالف الدولي لمواجهة الإرهاب في سوريا، ويعد أحد أهم الأطراف في الحرب ضد داعش.