القهر فقرًا وجسدًا.. حكايات واقعية من دفتر أحوال عاملات المنازل.. "أهل مصر" تكشف أسرار استغلال الخادمات في الأعمال المنافية للآداب.. و"ملك اليمين" فخ جديد للإيقاع بالصغيرات في الرذيلة

صورة أرشيفية

أجبرت الظروف والأحوال الاقتصادية، وضيق العيشة، إلى تعرض الخادمات والعاملات داخل المنازل إلى الاستغلال الجنسي، من قبل أصحاب العمل، ليتحولن إلى ساقطات مستغلين ضعفهم وحاجتهن إلى المال، منهن من تحاول أن تبتعد عن الهلاك، وأخرى من ترى الطريق سهل في الحصول على الأموال فتختار أن تبيع جسدها ويصبح هذا عملها «ساقطة»، وهناك البعض من «سماسرة الخادمات» يستغلون الاحتياج المادي للضحية ليسقطوا بهن في بئر الهلاك، واخترقت «أهل مصر»  بعض المناطق للتعرف على حالات من الخادمات ساقتهن الظروف للعمل في الدعارة، بعد استغلالهن من قبل صاحب العمل.

خادمات تعرضن للاستغلال الجنسي

قالت «و.ع» إنها تعرضت إلى أزمة مالية بعد الزواج بسنوات، وكان لديها طفلان، وأصيب زوجها بمرض مزمن، وتقاعد عن العمل ما اضطرها للعمل من أجل الإنفاق على أسرتها، فذهبت إلى مكتب خادمات وتركت بياناتها، وبعد أسبوع هاتفها المكتب لتذهب إلى منزل زوجين مقابل 3 آلاف جنيه في الشهر، ووافقت بشرط أن تذهب صباحًا وتعود إلى بيتها ليلاً.

وأضافت أنها فوجئت بمجرد التحاقها بالعمل بوجود صاحب البيت وأنه يعرض عليها ممارسة الرذيلة مقابل مبلغ من المال، فرفضت بشدة ولكنه هددها بالإبلاغ عنها وادعاء أنها سرقته، وأن سمسار الخدم سيشهد عليها، فشعرت بالخوف واستسلمت لرغباته الدنيئة خوفًا من اتهامها بالزور، لتسقط في بحر الهلاك، وتعيش حياتها «ساقطة».

وقالت «و.ا» عاملة نظافة: نظرًا لظروفي كمطلقة ولدي طفل، عانيت كثيرًا وعملت كخادمة، وبعد شهرين من عملي فوجئت بصاحب العمل يخبرني أني ملك يمين له وأنا لا أعرف ما هو ملك اليمين، وتحدث مع وأقنعني أن من حقه ممارسة العلاقة معي بما لا يعد ذنبا أو جرمًا، وحاول معي ولكن القدرة الإلهية أنقذتني قبل أن يحدث شيء بيننا؛ حيث جاءه اتصال مهم فتركني على أن نلتقي مرة أخرى، وهنا سالت عن ملك اليمين، ووجدت أن كلامه غير صحيح، وأننا لسنا في عصر الجاهلية، وأدركت أنه كان يريد الإيقاع بي في الحرام، فتركت العمل بعد أن رفضت العلاقة معه دون زواج.

والتقى «أهل مصر» بإحدى القاصرات، وقالت: لم أكمل تعليمي بسبب ظروف أسرتي السيئة، فأنا أكبر إخوتي، ودبرت لي والدتي عملاً كخادمة، ووجدت صاحب البيت يتحرش بي، ووعدني أنه لن يضيع شرفي بالكامل وبالفعل لم تحدث معه علاقة كاملة، وإنما كان يمارس معي علاقة ظاهرية، ووجدت أن أهلي لا يهمهم سوى التحصل على النقود، وأصبح هذا حالي مع صاحب البيت وأنا أوهم نفسي أحيانا أني لم أفعل شيئا حراما لأنني مازلت عذراء.

الخادمات دون حماية

محسن السبع، مستشار حملة «أريد حلا»، قال إن أسوأ مظاهر الانحطاط الإنساني والانهيار الأخلاقي تتجلى بوضوح في وضه هؤلاء النساء اللاتي أجبرتهن الحياة أن يعملن في المنازل، ويزداد الأمر ألماً عندما نعلم أن هؤلاء النسوة بدون أي غطاء أو حماية قانونية مباشرة، تمنع من جعلهن عرضة للاستغلال المادي والجنسي، تحت ضغوط الفقر والحاجة، حيث إن عاملات المنازل مستثنين من تطبيق أحكام قانون العمل، وذلك طبقا للمادة الرابعة من القانون رقم 12 لسنة 2003، حيث إن عملهن داخل البيوت يمنع الجهات الرقابية من متابعتهن أو الإشراف والرقابة عليهن وعلى أرباب العمل، ما يجعل تلك العلاقة تخضع لقواعد القانون المدني.

وأضاف «السبع» في تصريحات خاصة لـ «أهل مصر» أن مصر لم توقع على اتفاقية العمل اللائق للعمال المنزليين، والتي وضعت ضوابط لحماية ورعاية هؤلاء العمال من حيث الحقوق الأساسية وساعات العمل والأجازات، وكل هذه الأمور ترتب عليها أن أصبحت النساء اللواتي يعملن في المنازل عرضة لكل صنوف الابتزاز المالي والبدني والاستغلال الجنسي، ودون أن يسمع لصراخهن أحد، وكل ذلك تحت سمع وعلم مجتمع مريض يتغاضى عن التصدي لهذه الممارسات اللا إنسانية.

وقال «السبع»: شعوب المنطقة العربية والشرق الأوسط من أكثر الشعوب التي تمارس الاستغلال البدني والجنسي ضد العاملات في المنازل؛ فهؤلاء النساء يعملن أكثر من 12 ساعة يوميًا فضلاً عن تعرضهن لصنوف متعددة من الإهانات والتعذيب والإجبار على ممارسة الجنس، ونظرًا لأن الدافع الأوحد لعملهن بالمنازل هو توفير نظرا لفقدان عائل الأسرة أو هروبه أو مرضه، أو تعرضه للسجن أو الزواج بأخرى، الأمر الذي يجعلهن بين شقي الرحى الفقر أو الاستغلال، وهناك بعض المكاتب التي تمارس دور الوسيط بين أصحاب المنازل والعاملات تكون سببا رئيسيًا ومباشرا فيما تتعرض له هؤلاء النسوة من استغلال جنسي وقهر اجتماعي؛ حيث تتغاضى بعض هذه المكاتب عن إبرام عقود عمل رسمية تحدد فيها العلاقة بين الخادم والمخدوم وتسجيل هذه العقود بدائرة القسم، كإطار تنظيمي يكفل للعاملات التقدم بشكاوى والحصول على حقوقهن عند تعرضهن لأي نوع من أنواع الظلم.

من هي الخادمة في القانون؟

الخبير القانوني أحمد فؤاد قاسم، قال، إن الفقه الجنائي عرف الخادم بأنه هو الخادم بالأجرة، وهو كل من يقوم بعمل يتناول عليه أجراً، ويكون اتصاله برب العمل راجعاً لعمله لديه.

وأضاف «قاسم» في تصريحات خاصة لـ «أهل مصر»، أن النص العقابي في المادة 1/267 من قانون العقوبات، في شأن جرائم هتك العرض وإفساد الأخلاق على أن «من واقع أنثى بدون رضاها يعاقب بالأشغال الشاقة المؤبدة»، مضيفا أنه عند استغلال الخدم في الأعمال المنافية للآداب بتشغيلهم في الملاهي الليلية أو شبكات الدعارة تقف مسئولية رب العمل أو مستقدمهم لهذه الأعمال على تهمة التحريض على الفسق والفجور.

«الخادمات القاصرات»

من جانبها، قالت الدكتورة حنان عبد القادر، إن المجتمع يواجه حاليا مشكلة الخادمات القاصرات بخلاف الخادمات وعاملات النظافة؛ وهؤلاء صغيرات يتعرضن للتعذيب والإهانة والتنكيل بهن وأحيانا الاستغلال الجنسي من قبل أصحاب العمل، مشيرة إلى أن الفقر هو الذي يدفع الفتاة للخروج إلى العمل، وضغوط أصحاب العمل وغياب الرقابة الأسرية عليهن تجعل منهن فتيات ليل، والبعض منهن يمتهن العمل بالدعارة للحصول على الربح الوفير، عن طريق سماسرة الخادمات اللاتي يقمن أحيانا كثيرة بتسهيل الدعارة.

وأضافت «عبد القادر»، أن الإسلام كرم المرأة وحرم التعامل معها كسلعة تباع وتشترى، وليست الخادمة ملك يمين كما يوهم أصحاب العمل بعض الخادمات والعاملات بذلك للإيقاع بهن في فخ الزنا، وهناك من يستغل الخادمة القاصرة ويفعل بها المحرمات، لذلك عمل الفتيات الصغيرات كخادمات شكل من أشكال القهر النفسي ويتسبب لها في عقدة نفسية وتشعر بالضياع وتتحول إلى ساقطة في ليلة وضحاها.

وأكدت «عبد القادر» أنه لابد أن يقدم المجتمع توعية للفتيات من خلال وسائل الإعلام المختلفة وغيرها للمحافظة على نفسها من الاستغلال الجنسي، كما أن على مباحث الإنترنت التصدي للجروبات والصفحات التي تستغل عمل الخادمات وتقوم بالنصب عليهن، واستغلالهن للعمل بالدعارة، وتوعية الفتيات بصحيح الدين والعادات والتقاليد.

نقلا عن العدد الورقي.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً