عاقبت محكمة جنايات القاهرة، المنعقدة بمجمع المحاكم بطره، اليوم الأحد، المتهم علاء معوض علي معوض عبيد، بالسجن المشدد 15 سنة، وغرامة 500 ألف جنيه عما أسند إليه، ومعاقبة الثاني والثالث والرابعة والخامس بالسجن المؤبد وغرامة 500 ألف جنيه، في القضية المعروفة إعلاميًا بـ"التخابر مع إيران".
استهل المستشار محمد شرين فهمي رئيس المحكمة كلمته، قبيل الحكم، بتلاوة آيات القرآن: بسم الله الرحمن الرحيم "لاتخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون" صدق الله العظيم.
وقال فهمي في كلمته: لاحياة بلا وطن، فالحياة والوطن وشيجتان مترابطتان تمثلان امتزاج الإنسان بأرضه بطينه وترابه وبحره، بغناه وفقره بل بظلمه وعدله، فالوطن هو محفظة الروح، هو أن يسكنك وتسكنه، هو أنت وأنت هو حتى وإن أقلقك وأتعبك بوعثاء السير في دروبه، ومهما قسى عليك فلا مفر منه إلا إليه.
وأكد أن للوطن حبا يلج باطن القلب ويلج في خبايا الذاكرة، وله رائحة لا يشمها إلا المحبون له والعاشقون لترابه.
اقرأ أيضا..بلغت 32 جلسة.. تفاصيل جلسات "التخابر مع إيران" السرية
وأضاف فهمي: الوطن يظل بنيله الخالد ونخيله المتطاول عزا ومهابة، يظل برمله وثراه بقادته ورجاله بأطفاله وشيوخه وبحره وبرده، متكأ للطمأنينة فهو الأب الحانى الكبير الذى يمنحنا العطاء بلا حدود نقسو عليه فيحنو علينا نأخذ منه فيعطينا ونعصاه أحيانا فيبرنا ومن ثم فإنا لن نستطيع إلا أن نزداد حبا له وبرا به، وبالرغم من أن حب الوطن وبذل كل غال ونفيس في سبيله فرض، إلا أن هناك من يرضون لأنفسهم خيانه الوطن بثمن بخس ويبيعونه دون خجل أو مواربة.
وذكر أن الخيانة جريمة بشعة في أسفل الدركات بل وهى عملية انحدار وانحطاط دون الخط الأدنى للانتماء والإخلاص عار يلاحق صاحبها أينما حل وارتحل جاهل.. كيف سيعيش بهذا العار الذى سوف يلاحقه طوال حياته وتضيق عليه الأرض بما رحبت يقول أين المفر ومتى الخلاص فيجيبه صوت الحق: وهل للخيانة من خلاص، لقد وقع عليك القول أيها الخائن.
وأكد: الوطنية تنبه وحذر وهم واهتمام وحرص واستيقاظ وليست كما يتوهم البعض بأن الوطنية مجرد عباءة نرتديها في المناسبات ثم نخلعها ونعلقها على مشجب الإهمال والنسيان.
أوضحت المحكمة أن المتهم الأول علاء معوض، صوفي الطريقة أزهري الوظيفة شيعي المذهب أحب المال حبا جما فراح يقتفي أثره بين عثرات الطريق وظلمات المصير فأغمض عينيه عن شواهد بدت وأصم أذنيه عن عبارات تليت فكل ما يتمناه هو أن يحقق مبتغاه، ووجد ضالته في أصحاب المذهب الشيعي الذين يغدقون المال الوفير على من يعتنق مذهبهم أو يسهم في نشره في الدول السنية خاصة في مصر التي لها أهميتها في المنطقة العربية سياسيا وعسكريا ودينيا وتأثيرها على الدول المحيطة بها إذا ما اعتنقت المذهب الشيعي.
وأضافت المحكمة أن المتهم راح يقلب كتب الأحاديث والتفاسير لإثبات صحة المذهب الشيعي بأسانيد سنية لتكون مقبولة لدى المصريين وظل كذلك حتى اعتنق المذهب الشيعي الاثني عشري.
وتابعت المحكمة كلمتها بالتأكيد على أن المتهم استخدم مواقع التواصل الاجتماعي والتحق ببرنامج البال توك على شبكة المعلومات الدولية الإنترنت، وتخير إحدى غرف المحادثات التي تحمل طابعًا شيعيًا، وجميع من فيها ينتمون إلى هذا المذهب، وتحاور معهم واختار لنفسه اسم "أسد أسد"، وصال وجال، وتاجر في أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم، وتعرف على كثير ممن يعتنقون هذا المذهب بدول متعددة. حتى ساقه مصيره إلى المتهمة الرابعة، أجنبية الجنسية حميدة الأنصاري، التي تواصل معها وأبدى لها قناعته بالمذهب الشيعي، ودفاعه عن المعتقدات الدينية للمذهب، وسعى إليها عارضًا شراءه في سوق الخيانة، فقرأته وكلفته بطباعة الكتب التي تهدف لنشر المذهب الشيعي، فبدأ بطباعة كتاب "فضائل آل البيت في الكتاب والسنة"، وتكلفت طباعته خمسة آلاف جنيه أرسلتها له عبر دولة سوريا عن طريق شخص سوري الجنسية "شيعي المذهب".
ثم دعته للسفر إلى دولته فقبل دعوتها وسافر إليها، واستقبلته حميدة بمسكنها، وعرفته بالمتهم الثالث محمد حسن ذكاري المكنى "أبو حسين"، وكريمي محسن "الخامس"، وشفيعي حسين "السادس"، واتفق معهم على العمل لصالح دولتهم الأجنبية، وخدمة مشروعاتها لنشر التشيع في مصر، وتمكينهم من تجنيد آخرين يعملون لصالح تلك الدولة، وأبدى استعداده صراحة للعمل معهم، فطلبوا منه تكثيف كتاباته التي تتناول الفكر الشيعي، وتوزيع جزء منها بالمجان في قصور الثقافة ومكتبات المساجد، وجامعات الأزهر.
كما تشر دراسات عسكرية وأمنية عن المخابرات الأمريكية ونشأتها وأهدافها وأساليب عملها، وتقارير عن ردود أفعال بعض المصريين الذين اضطلع بتسفيرهم الى دولة اجنبية، وتقريرا أعده عن أنشطته وتحركاته بالبلاد.
وقد ضبط على أجهزة الحواسب الخاصة به صور من تلك التقارير ورسائل متبادلة بينه وبين المتهمة الرابعة وبيان الأعمال التي أنجزها تنفيذا لاتفاقه مع ممثلي الدولة الاجنبية وصورا لجوازات السفر والسير الذاتية للوفود التي قام بتسفيرها إليها.
وتابعت المحكمة: خيانة الوطن جريمة لا تغتفر فهي تعبث بمقدرات البلاد وتزعزع استقرارها في سبيل أفكار تمس أمن الوطن ووحدته واستقراره، إننا إذا تركنا الخونة في غيهم فإننا نمارس عقوقا في حق الوطن بل نرتكب جريمة المعصية في حقه، ومن ثم فإنه أصبح لزاما علينا وعلى كل المخلصين والغيورين ان نقف بكل حزم في وجوه اولئك الذين يمارسون العقوق الخفي، فكل شيء يمكن التسامح فيه إلا العبث ببيتنا الكبير.
إن المحكمة قامت بدورها في البحث عن الحقيقة من خلال محاكمة منصفة تحققت فيها كافة ضمانات الحقوق والحريات في إطار الشرعية الإجرائية التى تعتمد على أن الأصل في المتهم البراءة فقامت بنظر الدعوى في جلسات متعاقبة دون التقيد بأدوار انعقاد المحكمة واستمعت إلى شاهد الإثبات الذي تقدمت به النيابة العامة، وقامت باستدعاء من دعت الضرورة لسماع أقواله وإبداء معلوماته للاحاطة بالدعوى عن بصر وبصيرة.
واستمعت المحكمة إلى دفاع المتهم الأول، وأتاحت له كل الفرص الممكنة لتقديم دفاعه ليطمئن وجدانها الى أنها اعطت المتهم حقه وبعد جلسات بلغ عددها اثنين وثلاثين جلسة حققت المحكمة خلالها كل قواعد العدالة والمحاكمة القانونية المنصفة دون إخلال أو التفات عن حق أحد، وبلغ عدد صفحات محاضر الجلسات نحو مائتين وخمسين ورقة، وعكفت على دراسة جميع أوراق الدعوى وصولا للحقيقة، حتى استقر في يقين المحكمة عن جزم ويقين لا يخالجه شك أو عوار يقينا ثابتا لا مرية فيه كافيا لإدانتهم على نحو ما ورد بالوصف القانوني السليم الذي أسبغته المحكمة على الوقائع التى ارتكبها المتهمون.
واطمأنت المحكمة على الوقائع التى ارتكبها المتهمون واطمأنت إلى شهادة شاهد الاثبات ومن استمعت إليهم المحكمة من شهود وما شاهدته من مستندات تم ضبطها لدى المتهم الأول، والذى قراراته بالتحقيقات، على نفسه وفي حق غيره من المتهمين وارتاح وجدانها الى الأخذ بها سندا للادانة، وتعتبر أن اقتناعها بأدلة الإثبات المار بيانها رفضا منها لنا أثاره دفاع المتهم الاول من اعتبارات وأوجه دفاع موضوعية قصد بها التشكيك في تلك الادلة لحمل المحكمة على عدم الأخذ بها، ولا تعول المحكمة على انكار المتهم الأول أمامها بحسبان أن تلك هي وسيلته في الدفاع.
وحكمت المحكمة حضوريا للمتهم الأول وغيابيا على باقي المتهمين، بمعاقبة المتهم الأول علاء علي معوض عبيد، بالسجن المشدد 15 عاما وغرامة 500 ألف جنيه عما أسند إليه، ومعاقبة كل من حسن درباغي ومحمد حسن ذكاري وحميدة أنصاري وكريمي محسن وشفيعي حسين بالسجن المؤبد وغرامة 500 ألف جنيه عما أسند إليهم.
وقررت المحكمة مصادرة أجهزة الحواسب الآلية والهواتف المحمولة وذاكرات التخزين والأقراص الصلبة والوثائق والمستندات المضبوطة ووضعها تحت تصرف المخابرات العامة، وإلزام المتهمين بالمصروفات الجنائية.
كما قررت المحكمة وقف الدعوى تعليقا بشأن جريمة غسل الأموال لحين صدور حكم بات في جريمة التخابر وعلى النيابة العامة التربص بالحكم.