يواجه الفلاح في مصر العديد من المشكلات المتعلقة بالبذور والتقاوي، فيقول حسين عبدالرحمن أبوصدام نقيب الفلاحين، إن التقاوي بشكل عام تنقسم إلى نوعين تقاوي حبوب، مثل القمح والذرة والبطاطس، ولدينا شبه اكتفاء من هذه التقاوي، وذلك لأن وزارة الزراعة توفر جزء كبير منها بالإضافة إلى قيام المزارع بالاحتفاظ بجزء من المحصول يستخدمه كتقاوي للسنة التالية، أما الأزمة تكمن في النوع الثاني من التقاوي وهو بذور الخضار والفاكهة، فنقوم باستيراد 100% من تقاوي الخضراوات.
وأضاف «أبو صدام»، أن التقاوي التي نقوم باستيرادها من الخارج تكون باهظة الثمن، ويتحكم فيها التجار، لافتًا إلى أن الفلاح قديمًا كان يزرع فدان الطماطم، بعلبة شتلة بـ70 جنيهًا، أما الآن فإن الحبة الواحد من تقاوي الطماطم تصل إلى «نصف جنيه»، فالفدان الذي كان يحتاج إلى 200 جنيه تقاوي، حاليًا يحتاج إلى 10 آلاف جنيه، وهذه تعتبر زيادة تكلفة على المزارع، بالرغم من التقاوي المهجنة الحديثة التي تزيد من إنتاجية الفدان، ولكن على الوزارة ومراكز البحوث إنتاج واستنباط مثل هذه التقاوي داخل مصر لكي تقل أسعارها.
وتابع أبو صدام: «يوجد في مصر شركات تحتكر تقاوي الخضراوات، مما يؤدي إلى زيادة أسعارها، وذلك عن طريق استيراد التقاوي من الخارج بأسعار مخفضة وتقوم ببيعها للمزارع بأسعار باهظة، مثل تقاوي البطاطس التي يتحكم فيها التجار الكبار، فمعظمهم في الوجه البحري ولهم مزارعهم المعروفة، وأيضًا تقاوي الطماطم، فتوجد شركات تتحكم فيها بشكل كبير وواضح، فلا يوجد تحكم من الدولة على هؤلاء الشركات والتجار لحماية المزارعين من جشعهم، فضلًا عن عدم توفير التقاوي للفلاحين بأسعار مناسبة، كما كان يحدث قديمًا أن المصدر الوحيد لبيع التقاوي هي الجمعيات الزراعية فقط، فتقاوي اليوم هي ثمار الغد، من لا يملك تقاوي لا يملك ثمار».
وأشار «أبو صدام» إلى أن الاعتماد على التقاوي المستوردة من الخارج، يمثل خطرًا كبيرًا يهدد الزراعة المصرية، مردفًا أن الاستيراد والتصدير يرتبط بالسياسة، التي تتسم بالتقلب، ومن ثم ضرورة الاعتماد ذاتيًا على إنتاج واستنساخ التقاوي، مثل ما يقوم به مراكز بحوث الدول المصدرة لتقاوي الخضروات والفاكهة والتي نقوم بجلب التقاوي منها.
وعن الأمراض التي تصيب النبات وعلاقتها بالتقاوي المستوردة، قال أبو صدام: يوجد بعض التقاوي التي نستوردها من الخارج محملة بالفطريات وأمراض معينة، ومن هنا يظهر الدور الرقابي للحجر الزراعي، ولكن توجد قصور في بعض الأحيان، وتلفت بعض الشحنات من التقاوي المحملة بالأمراض، أو تكون هناك أمراض مستحدثة لا نتمكن من فحصها، فمعظم الأمراض الكبيرة تأتي عن طريق الاستيراد، فالعام الماضي تواجدت مشكلة في صنف طماطم 023، الذي كان يصاب بفيروس يقضي على الأوراق.
وعن الاكتفاء الذاتي أوضح عضو لجنة الزراعة بالبرلمان أنه لا توجد دولة بالعالم تعرف معنى الاكتفاء الذاتي، وهذه الكلمة يجب حذفها من القاموس، بدليل أن أكثر دول العالم الأول المتقدمة اقتصاديًا، لا تحقق الاكتفاء الذاتي، مثل الصين وروسيا، يقومون أيضًا بعملية الاستيراد والتصدير، مضيفًا أن ما نريده هو التقريب من الاكتفاء الذاتي ، فبدل من أن نستورد 100 طن يتم استيراد 50 طنًا.
اقرأ أيضًا.. نقيب الفلاحين: تنفيذ اتفاقية التجارة الحرة الإفريقية ينعش الاقتصاد المصري
وأشار دمرداش إلى أهم الدول التي نستورد منها التقاوي الزراعية قائلًا: يتم استيراد تقاوي البطاطس من الدول الأوربية، ولكن البذور نستوردها من اليابان، وأمريكا، فهناك الكثير من الدول المنتجة للبذور، بالرغم من أن تكلفة إنتاج البذور عالية جدًا، فكيلو بذور الخضار والفاكهة ممكن أن يصل 20 ألف جنيه، ولكن يعطى محصول كبير للفدان الواحد.
وأكد عضو لجنة الزراعة بالبرلمان، أن الحجر الزراعي له دور كبير في التأكد من سلامة التقاوي المستوردة، قبل وصلها للجمعيات الزراعية وإدارة التقاوي، وهناك العديد من البذور المتواجدة في العالم التي تُصاب بالأمراض، ولكن لابد من معرفة نسبة الإصابة كبيرة أو صغيرة، والتعرف على أسبابها، موضحًا أن مصر «تقوم باستيراد التقاوي من شركات عالمية تنتج التقاوي الجيدة».
وتابع: التقاوي التي يتم دخولها إلي مصر تكون مسجلة، وتقوم مراكز البحوث والحجر الزراعي بإجراء التجارب العديدة لحظة دخولها إلى البلد، ولكن شركات «تحت السلم» يُسئل عنها وزارة الزراعة، فأي دولة في العالم تكون لها جهات رقابية تقوم بضبط المخالفات قبل دخولها إلى بلادهم، وكذلك مصر.