بدلًا من النوم في سلام.. موتى المدافن الجديدة بالمحلة الكبرى محاصرون بالقمامة ونابشي القبور

عثى الإنسان فى الأرض فسادًا، فلم يسلم منه حتى الأموات، الأمر الذي أدى إلى تحول المقابر الجديدة بالمحلة الكبرى إلى مرتع للحيوانات الضالة والقمامة، بل وصل الأمر إلى اتخاذ عُمال الخردة وجمع "الأستوبة" المقابر مخزنًا لبقايا ومخلفات المصانع وفرز القمامة والبلاستيك.

لم يسلم أهل المقابر من ذاك وحسب؛ بل وصل الأمر إلى اتخاذ بعض مقابر الموتى للمارسات غير المشروعة كتعاطى المخدرات، والسرقة وغيرها، ما يجعل أهل الميت بمنائى عن زيارة فقيدهم، بل الأمر وصل إلى عدم الاقتراب من المقابر غير يومي الخميس والجمعة من كل أسبوع وفقًا لما حدده نابشى القمامة.

تقول "حوريه الغباشي" إحدى المتضررات: "مات زوجي منذ أكثر من شهر، وعندما أتى المشيعون لدفنه لم نستطع دخول المقابر، حيث وضع نباشي القمامة تلالا من البلاستيك أمام الباب؛ الأمر الذي منعنا من الدخول، ووضعنا خشبه الميت على جانب الطريق حتى أخلينا مكانا للعبور بصعوبة، حتى قمنا بدفنه".

وتابعت "الغباشى": "الطامة الكبرى عندما أتينا فى الأسبوع التالي، فلم نجد البوابة الحديدية التى كانت تغلق المقبرة، إلى جانب تناثر "أعقاب" السجائر والأكياس البلاستيكية، ما دل على تواجد أشخاص بالداخل يأكلون ويشربون ويتعاملون مع الضريح على أنه (مصطبة)، وبعد تجديدها مرة أخرى تراكمت أكوام القمامة وزادت الروائح الكريهة، كما منعنا هؤلاء من زيارة موتانا إلا فى مواعيد حددوها، حيث يخلون الطريق للمارة، للعبور ويغلقوه باقى الأسبوع.

وفي ذات السياق يقول "مؤمن بركات": "لم تخلو المقابر من الحيوانات، حيث اعتاد "العربجية" ربط أحصنتهم وحميرهم فى بوابات المقابر، الأمر الذي ترتب عليه العديد من المخلفات والوروائح الكريهة والطعام المتناثر فى كل مكان، حتى أنهم لا يُراعون الإنسانية ولا حرمة الأموات، وإن انعدام الرحمة وغياب رهبة الموت سيطرا على هؤلاء، وغاب عنهم حقوق الميت وحرمته، فمن لم يكن الموت واعظه فلا واعظ له".

فارس خليل "يقول: "أحد أصحاب المقابر بشارع 6 الملاصق لمصنع تدوير القمامة، بعيداً عن سرقه البوابات التى وصلت لـ23 بوابة فى يوم واحد، وتواجد النباشين و"الأستوبة" والبلاستك، هناك مصنعا للقمامة ذلك المشروع الفاشل الذى دفن المقابر المحيطة به داخل تلال القمامة والروائح السيئة والحشرات التى لم نراها إلا فى الكتب، فتحولنا من زائري أمواتنا إلى معرضين للنوم بجوارهم".

وأضاف "خليل": "الروائح لا تُطاق، فبلدنا الوحيد الذى طبقت فيها مقولة "المقابر ليست للأموات فقط"، ومن المواقف التى أضحكتني أنه على الرغم من الروائح والقذارة، وقعت حالة سرقة لإحدى البوابات حيث وجدت سيدة مسنه تجلس على القبر الذي سرقا بوابته؛ تخاطب زوجها المتوفى قائله "ينفع ياعادل؟ يسرقوا البوابه وانت هنا ياعادل؟،  ليرد عليها أحد المارة "هيعملك أيه عادل دول مراعوش حرمة الميت".

واختتم حديثه قائلا: "كل ما نريده أن نزور أهالنا فى سلام، وأن تنقذنا الدولة من تحكم النباشين وقذارة المصنع الفاشل والروائح المقززة".

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً