«هو الانقلاب لحق يترنح» هكذا علق المصريون على الانقلاب التركي –غير المكتمل- والذي لم يستمر لأكثر من أربع ساعات أعلن بعدها النظام التركي استعادة السيطرة على الأمور، وإحباط محاولة الانقلاب العسكري في البلاد.
واتفق أغلب المحللين السياسيين، على أن أسباب فشل الانقلاب، يعود لعدم تنظيم الجيش لحركة الانقلاب وعدم اتفاق قياداته على الإطاحة بإردوغان، وكذلك رفض الشعب للإطاحة بالسلطة عن طريق انقلاب عسكري، لكن أحدًا لم يحدد من هو الشعب المقصود، خاصة بعد أن استجاب الأتراك لدعوة إردوغان بالنزول للشارع ومساندة النظام «الشرعية».
«الشعب.. شعب أردوغان»
أظهر مقطع فيديو، الرئيس التركي رجب طيب إردوغان يلقي كلمة أمام الكاميرات بين حشد من أنصاره بمطار أتاتورك، بعد إعلان فشل الانقلاب، وهو ما يفسر جزءًا القاعدة الجماهيرية التي يعتمد عليها أردوغان، والتي تعبر عن قاعدة حزبه كذلك، وهي "الإخوان" ولكن الأمر لا يشمل الإخوان بشكل عام، لكنه يتعلق بإخوان تركيا، والذين يُعتبروا أساس وصول إردوغان وحزبه الحاكم للحكم في تركيا، ولا يقتصر وجود الإخوان في تركيا على الشارع.
«إردوغان يجني ثمار دعم الإخوان»
في 3 مشاهد متفاوتة ومجتمعة في نفس الوقت، ساهمت في احتواء أزمة الانقلاب على رجب طيب إردوغان، إحداها إظهار قوات الشرطة ولاءها للحكومة التركية، بعد أن قررت مواجهة الانقلابيين من القوات المسلحة التركية، والقبض على أفراد الجيش، بالإضافة إلى تحرك المخابرت العامة، والجهات السيادية في الدولة.
ويبدو أن إردوغان جنى نتيجة دعمه للإخوان بوضعهم في مراكز صنع القرار والجهات السيادية في الدولة، ليضمن ولاء هذه المؤسسات له، لتأتي اللحظة التي يثبت فيها الجميع ولاءه للحاكم، وهو لا يعد مختلفًا على فقه الإخوان بشكل عام، في الولاية للحاكم.
وفي دراسة للباحث هوشنك أوسي "كاتب سوري كردي- متخصص في الشئون التركية"، والتي نشرتها «العربية» أن الإسلام السياسي تأسس في تركيا بعد ما يقرب من 4عقود من ظهوره في مصر إلا أن الإسلاميين في تركيا، شاركوا في الحكم، بشكل مباشر، منتصف السبعينات، ومنتصف التسعينات، وصاروا يحكمون تركيا منفردين منذ سنة 2002، مضيفة أن إسلاميي تركيا، أصحاب طموحات، قوميّة إسلاميّة، نيوعثمانيّة، ويمتلكون شبكة علاقات إقليميّة ودوليّة، وتربطهم علاقات اقتصاديّة وتحالفات عسكريّة مع قوى إقليميّة (اسرائيل) ودوليّة (أميركا، روسيا، الصين، الاتحاد الاوروبي)، وهو ما يفسر ثقل النظام التركي بزعامة إردوغان.
ويرى الباحث "أوسي" أنه على الرغم من الضغوط التي طالت الإخوان في تركيا، فهم لم ينزلقوا إلى ممارسة العنف ضد الدولة والنظام، مضيفًا في دراسته إن الإخوان في تركيا، منذ بداية تطلعهم للحكم، أرسلوا كوادرهم إلى مؤسسة الجيش والأمن والبوليس والقضاء وغيرها، تمهيداً لإيصالهم لمناصب عليا، فيما يشبه التحضير المبرمج والطويل الأمد، كما أصبح لهم قوة بفضل ما يمتلكونه من اقتصاد وإعلام.
وبحسب تقرير نشرته صحيفة الجارديان البريطانية، عقب استقالة رئيس الوزراء التركي السابق أحمد داوود أوغلو، مايو الماضي، رأى مراقبون للشأن التركي، أن خروج رئيس الوزراء التركي من المعادلة السياسية، يمكن أن يمهد الطريق لإردوغان لانتقاء رئيس للحكومة من الموالين له داخل الحزب، والدفع بالتعديلات الدستورية المثيرة للجدل لتعزيز سلطة الرئاسة.
وأضاف تقرير الجادريان، أن سونر جاجابتاي، مدير برنامج الأبحاث التركية بمعهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى قال إن «هذه هي المرحلة التالية على تفريغ المؤسسات التركية والتي شهدت بالفعل كسب إردوغان السيطرة على الجيش والبرلمان»، مضيفًا :«هذا يظهر مدى تركز القوة في يد شخص واحد»، مشيرًا إلى أن أردوغان يمارس الآن المزيد من السيطرة لم تتحقق لأى شخص سواه فى التاريخ الديمقراطي الحديث فى تركيا، وهذا يوضح كيف يعمل إردوغان على السيطرة على المؤسسات السيادية في الدولة، للعمل لمثل تلك اللحظات التي قد تشهد تحولًا كاملًا في الحياة السياسية التركية.