تواريخ البشر قابلة للتغير فلا وجود لحقيقة ثابتة على وجه الأرض، ومؤخرا تم العثور على بقايا من جمجمة، موجودة في أحد كهوف جنوب اليونان تحديدا في "أبيديما" في شبه جزيرة ماني جنوبي بيلوبونيز، وقدّر العلماء عمر الجمجمة التي عثر عليها إلى ما قبل 210 آلاف عام على الأقل، وهذا يُعني أن الجنس البشري الحديث أو الإنسان العاقل بدأ بمغادرة أفريقيا في وقت أبكر مما كان يعتقد سابقا.
العثور على الجمجمة يمثل أقدم علامة على انتقال الجنس البشري الحديث، أو الإنسان العاقل خارج أفريقيا، الأمر الذي يعني إعادة كتابة فصل رئيسي من حكاية الإنسان والتاريخ، إذ يعتبر هذا الجزء من جمجمة الإنسان العاقل أقدم من أي أثر لإنسان الحديث في أوروبا.
وكان الإعتقاد أن الإنسان المُعاصر قد وصل إلى أوروبا منذ أكثر من 160 ألف سنة، أي أن جزء الجمجمة الذي عثر عليه مؤخرا أقدم بنحو 50 ألف سنة. وفي دراسة نُشرت في مجلة "نيتشر" مؤخرا، قال العلماء إنهم أثبتوا أنها تنتمي إلى الإنسان العاقل، وذلك بعد مقارنة شكلها مع شكل أحافير أخرى لجماجم مختلفة الأصل.
كما أوضح الباحثون إن الجمجمة كشفت أن بعض البشر المعاصرين على الأقل غادروا أفريقيا في وقت أبكر بكثير مما كان يعتقد سابقا ووصلوا إلى مناطق أبعد جغرافيا من أجل الاستقرار، منها أوروبا. بجانب الهجرات الجماعية إلى خارج أفريقيا التي بدأت قبل 70 ألف سنة.
من ناحية أخرى، شكّك باحثين أخرين في انتماء هذه الجمجمة للإنسان العاقل، حيث كشف بعضهم في تصريح لصحيفة الغارديان البريطانية، وعبروا عن مخاوف بشأن إجراء عملية التأريخ، مشيرين إلى أن ارتكاب خطأ في هذا المجال يمكن أن يؤدي إلى تقويض "الرواية الأصلية" التي يعتقد بها العلماء.
اكتشافات شككت في التاريخ
ويشكك بعض العلماء بطريقة حساب عمر الجمجمة البشرية وبالنتائج المترتبة عليها، ويدعون لمزيد من الأدلة والإثباتات القطعية. وقال الباحث في مركز بيركلي للجيولوجيا في كاليفورنيا وارن شارب إن اختبارات الفريق على الجمجمة البشرية المفترض أنها حديثة، بحسب الدراسة التي نشرت في مجلة "نيتشر" أنتجت تواريخ مختلفة تماما، في إشارة إلى أن اليورانيوم المشع ربما فقد من العظام مع مرور الوقت.
وقال عالم الأنثروبولوجيا الإسباني خوان لويس أرسواجا إنه غير مقتنع بأن الجمجمة تعود للإنسان الحديث المبكر، وقال "الجمجمة المتحجرة التي عثر عليها مجزأة وغير مكتملة لمثل هذا الادعاء القوي.. وفي العلوم تتطلب الادعاءات الاستثنائية أدلة غير عادية. فهذا الجزء من الجمجمة يفتقر إلى القاعدة القحفية والوجه بأكمله.. باعتقادي هذه لا تشكل دليلا استثنائيا".