أكثر ما يعرفه الناس عن الصاغة أنها مقصد الخُطاب والمقبلين علي الزواج وعشاق الذهب والمجوهرات، لكنهم لا يعرفون غالبا أنها المعقل التاريخي لصناعة وتجارة الذهب عبر العصور المختلفة، المكان الذي تجمع فيه شيوخ الصاغة من أكثر من 1000 عام
وشهدت الصاغة تتابع الأجيال وتوارث المهنة من جيل لجيل ومن عائلة لأخرى، فهي المكان الذي حفظ بين جدرانه عادات وتقاليد المصريين، في مناسبتهم وأفراحهم، المكان الذي بات اليوم مزار سياحيا، نتلمس فيه رائحة أجدادانا الذين قطنوا القاهرة الفاطمية من أكثر من ألف عام.
وتقع "الصاغة" بشارع المعز لدين الله الفاطمي، والذي يرجع تاريخه إلى أكثر من ألف عام ميلادي، أي منذ إنشاء القاهرة الفاطمية، ويمتد من باب الفتوح مرورًا بمنطقة النحاسين، ثم خان الخليلي، فمنطقة الصاغة ثم يقطعه شارع جوهر القائد (الموسكي)، ثم يقطعه شارع الأزهر مرورًا بمنطقة الغورية والفحامين، ثم زقاق المدق والسكرية لينتهي عند باب زويلة.
وتحتل "الصاغة" مساحة 300 متر تقريبا من شارع المعز، ولها أربعة مداخل ناحیة الموسكي والغورية والعطارين وبیت القاضي، وترجع نشأتها إلى السنوات الأولى لانشاء القاهرة الفاطمية، وتضم سوق تجارة الجملة وتحتوي على أكثر من 200 محل وورشة لصناعة الذهب والمجوھرات، ويعد سوق الصاغة بمثابة البورصة التي تحدد أسعار بیع وشراء الذهب محلیا بالتشاور الیومي بین كبار تجار السوق.
ويذكر التاريخ دوما أن الصاغة كانت مقصد عامة وفقراء الشعب المصري، رغم كونها سوقا لسلعة ثمينة، إلا أنها كانت في متناول الطبقات البسيطة من الشعب، يحصلون علي ما يناسبهم من المشغولات الذهبية والفضية، ليقدموها لأحبابهم في مناسبتهم على اختلافها.
وأشار د. عبد العال محمد، أستاذ تصميم الحلي بكلية الفنون التطبيقية، إلى أن الصاغة كانت مقصد عامة الشعب، بخلاف منطقة المناخ (شارع عبد الخالق ثروت وما حوله) والتي كانت مقصد الطبقات الراقية والثرية من المصرين، واشتهرت بتجارة الألماس، والذي عرف بأنه حُلي الأغنياء، وقد شهدت منطقة المناخ أيضا تجمعا للجواهرجية الأرمن.