أصبح "الزواج الأبيض" هو المسلك الذى يتخذه الشباب لتحقيق أحلامهم بالهجرة، وهو زواج صورى يتم على الورق فقط، بالارتباط لفترة قصيرة بأجنبية مقابل مبلغ مالي، وحين تنتهي إجراءات الحصول على التأشيرة والإقامة ينتهي الزواج، ويلتزم الطرف الأول بدفع مبلغ مالي على ثلاث دفعات، الأولى عند إبرام عقد النكاح، والثانية عن الحصول على وثائق الإقامة، والثالثة عند الطلاق، بينما يلتزم الطرف الثاني بتسريع الحصول على تأشيرة الهجرة ووثائق الإقامة وطلب الانفصال حين تكتمل الصفقة”.
«الزواج الأبيض حلم الشباب»
انتشر الزواج الأبيض بشكل كبير فى إيران وتونس والمغرب، وتخصصت بعض النساء في الوساطة بين الزوجين وأصبحن خاطبات يعرضن صفقات الهجرة والزواج مقابل الحصول على الأموال من كلا الطرفين، كما انتشر عبر صفحات مواقع التواصل الاجتماعى، وخاصة بين الفتيات الروسيات.
«الزواج الأبيض من الروسية»
إجراءات الزواج من روسية غير معقدة حيث لا يتطلب إلا شيئين هما شهادة تثبت أن الشاب أعزب وغير متزوج، وشهادة تثبت خلو سجله الجنائي من أية جرائم، كما أن الحصول على الجنسية الروسية يتم بعد مرور 3 سنوات فقط على عقد القران، ويتم بمبلغ يتراوح بين ١٠ إلى ١٦ ألف يورو مقابل عقد الزواج الصورى وحصول الشاب على الجنسية.
«قصص واقعية من المجتمع»
"أحمد" متزوج من إيطالية، قال لـ"أهل مصر": كان حلمى أن أهاجر إلى إحدى الدول الأوروبية، ولكنى واجهت صعوبات فى الحصول على تأشيرة، فعرض على أحد أصدقائي فكرة الزواج الأبيض من أجنبية مقابل الحصول على الإقامة، واعتبرت هذا الزواج كعقد عمل، وتم التعارف على فتاة إيطالية عن طريق وسيط، بعد الاتفاق على المبلغ وتقسيمه إلى ٣ دفعات، وبالفعل تم الزواج وسافرت إلى إيطاليا، ولكن الزواج كان على ورق فقط، وتم الاتفاق على موعد الطلاق بعد الحصول على الإقامة، على أن تحصل هى على الدفعة الأخيرة من المبلغ.
أوربا ترفض عقود الزواج الصورى
اكتشفت السلطات في الدول الأوربية خداع الشباب باستخدام "الزواج الأبيض" للهجرة إلي أوروبا، وبدأت تضع إجراءات مشددة لقبول عقود الزواج حيث رفضت المصلحة الفيدرالية للهجرة ببلجيكا مؤخرا الموافقة على 7771 طلب زواج في إطار ما يسمى بـ ”الزواج الأبيض”، وكانت 62% من الملفات المرفوضة لمغاربة.
وكشف مكتب إحصائيات خاص بالجرائم في ألمانيا، أنه في عام 2017، تم رصد حوالي 202 حالة "زواج صوري" مشتبه به عبر طلبات من قبل أجانب للحصول على تصريح إقامة، وتم الكشف عن 191 حالة أخرى، حصل فيها أجانب على تأشيرة دخول لألمانيا بفضل زواج صوري، بينما تم الكشف عن 408 حالة "زواج أبيض" في عام 2016.
باحثة فى شئون المرأة: لا يعد زواجا
أميرة محمد، الباحثة فى شئون المرأة، قالت إن هذا النوع من الزواج الصوري لا يعد زواجا من الأساس، فهو عقد على ورق بمقابل مادي يدفع للزوجة وليس هدفه بناء أسرة وإنما الهجرة والجنسية، وكثيرا ما يحدث تنصل من أحد طرفي العقد ويدخل في عناء إجراءات الطلاق باهظة الثمن، وأيضا هناك ما يعرف بـ"زواج الشواطئ" حيث الشباب يتزوجون من أجنبيات كبيرات السن بهدف حصولهن على المتعة الجنسية مقابل مبلغ مادى، مشيرة إلى أن الشاب أصبح يقبل على نفسه أى شيء مقابل الهجرة والمادة.
ليس شرعيا
من ناحية أخرى، قال إبراهيم سليم منتصر، إن الله وصف عقد الزواج في كتابه بالميثاق الغليظ؛ وذلك بقوله في سورة النساء: (وَإِنْ أَرَدتُّمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَّكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا*وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَىٰ بَعْضُكُمْ إِلَىٰ بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنكُم مِّيثَاقًا غَلِيظًا)[١]، وأن الاستمرارية شرط من شروط الزواج، وأن الزواج يبنى على التأبيد، ولا يجوز تحديد ميعاد لانتهائه، مؤكدا أن الزواج الأبيض لا يعد زواجا شرعيا رغم قانونيته لأن الطرفين يتفقان على الزواج فترة محدد ولغرض معين وهو الهجرة، وبذلك يفتقد الزواج أهم شرط وهو الاستمرارية وبناء حياة مشتركة.
متاهة قانونية
وفي سياق متصل، قال المحامى محسن السبع، مستشار حملة "أريد حلا" إن الهجرة إلى أوربا حلم يدفع الكثير من الشباب المصري، إلى ظاهرة الزواج الأبيض وهو الزواج من أجل الحصول على الإقامة أو الجنسية في مقابل مبالغ مالية تأخذها الزوجة الأجنبية حسب اتفاق مسبق بينهما.
وأضاف السبع: هذا الزواج وإن كان شكليا إلا أنه في النهاية يرتب آثارا قانونية ينبغي معرفتها حتى لا يقع الشباب في متاهة قانونية، أولها، أن الزواج الأبيض يرتب حق الطرف الثاني في الميراث في حالة الوفاة، كما يرتب حق الطرف الثاني إذا حدثت علاقة بينهما، برغم اتفاقهما على أنه زواج صورى، ونتج عنها أطفال فسوف يكتب الأطفال باسم الزوج، والأهم حصول الزوجة على الحقوق المترتبة علي الطلاق من حقوق مالية واجتماعية.
الزواج الأبيض وغياب الانتماء
وقالت الدكتورة سلوى جميل المحامية، إن هذا النوع من الزواج للأسف انتشر بسبب غياب الانتماء للوطن، مؤكدة أن الانتماء يقل بمرور الزمن، وأصبح الشباب لا يرون سوى الهجرة لتحقيق حلم الإقامة والجنسية، وهناك للأسف من يعود بخيبة الأمل بعد أن يتذوق أشد أنواع الألم ويخسر كل أمواله، محذرة الشباب من الاندفاع وراء أحلامهم دون تفكير أو تخطيط.
كان الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر قد أعلن أن هناك 61.4% من الشباب يرغبون بالهجرة بسبب البطالة وعدم توافر فرص العمل، وأن هناك 30.5% من الشباب السابق لهم الهجرة سافروا بدون تأشيرة دخول، ونحو 80.9% سافروا بدون وجود عقد عمل، و68.7% سافروا بدون تصريح عمل، وواجه الشباب صعوبة فى الهجرة والحصول على الإقامة داخل الدول الأوربية لذلك لجأوا إلى ما يسمى الزواج الأبيض.