رغم العقوبات الأخيرة المفروضة على أنقرة، صعدت تركيا من لهجتها تجاه أوروبا، بشأن أزمة التنقيب عن الغاز بشرق البحر الأبيض المتوسط.
وأعلنت تركيا إرسال سفينة رابعة، في وقت تطالب فيه دول الاتحاد الأوروبي أنقرة بسحب سفنها الثلاث التي أرسلتها قبالة سواحل قبرص.
وكان وزراء الخارجية الأوروبيون قد أقروا سلسلة تدابير تشمل اقتطاع نحو 146 مليون يورو من مبالغ تابعة لصناديق أوروبية كان من المفترض أن تُمنح لتركيا في عام 2020.
وأرسلت تركيا في الأشهر الأخيرة ثلاث سفن، هي سفن بارباروس المسحية، وفاتح ويافوز التي تباشر عمليات الحفر والتنقيب بشرق البحر المتوسط، ترافقها فرقاطة حربية وسفن مسلحة وطائرات استطلاع.
اقرأ أيضاً.. السعودية تبدأ في توزيع "الهدايا" على مليون حاج
وأكدت صحيفة "ميدل إيست آي" أن العقوبات الأوروبية لن تؤثر على تركيا، وأنها لن تتراجع عن خطواتها في التنقيب بشرق البحر المتوسط، إلا عن طريق التفاوض الجاد.
فرض الاتحاد الأوروبي عقوبات على تركيا بسبب استمرارها في عمليات التنقيب عن الغاز قبالة قبرص شرق البحر المتوسط، رغم التحذيرات المتكررة.
وقرر الاتحاد الاوروبي تعليق المفاوضات حول اتفاق النقل الجوي الشامل مع تركيا ووقف اجتماعات مجلس الشراكة والاجتماعات رفيعة المستوى مع تركيا في الوقت الحالي.
كما وافق على اقتراح المفوضية بتخفيض مساعدات تركيا قبل الانضمام لعام 2020 ودعا بنك الاستثمار الأوروبي إلى مراجعة أنشطة الإقراض في تركيا.
وأكد الاتحاد الأوروبي التأثير السلبي الخطير للأعمال غير القانونية التي تقوم بها تركيا في البحر الأبيض المتوسط على العلاقات بين تركيا والاتحاد الأوروبي، ودعا المجلس تركيا مرة أخرى إلى الامتناع عن مثل هذه الأعمال والعمل بروح حسن الجوار واحترام سيادة قبرص وحقوقها السيادية وفقا للقانون الدولي.
كما رحب الاتحاد الأوروبي بالدعوة التي وجهتها حكومة قبرص للتفاوض مع تركيا ومعالجة حدود المناطق الاقتصادية الخالصة والجرف القاري من خلال الحوار والتفاوض بحسن نية، مع الاحترام التام للقانون الدولي.
اقرأ أيضاً.. السعودية ترحل 30 مصريًا سافروا للحج بتأشيرة للسياحة
وقال الصحيفة أن العقوبات الأوروبية على أنقرة بسبب تنقيبها في شرق البحر المتوسط ليست ثقيلة على الاقتصاد، أو على المواقف السياسية التركية.
وأضافت الصحيفة أن حال طالت العقوبات الأوروبية التجارة مع تركيا، ستكون مؤثرة بشدة، حيث تبلغ التجارة بين الاتحاد الأوروبي وتركيا ما يزيد عن 80 مليار دولار، وهو نصف التجارة التركية.
وتابعت الصحيفة إلى الآن الإجراءات التي أعلنت عنها ليست كبيرة، لهذا تركيا لا تهتم لهذه العقوبات، وتستمر في طريقها إلى عملية التنقيب.
وأشارت الصحيفة إلى أن أنقرة تبدو حقًا حريصة على الجلوس على مائدة التفاوض، لحل الأزمة المندلعة ووقف التصعيد،وبشأن إمكانية أن نشهد جلسة مباحثات قريبة، أضافت نعم ممكنة لكن بين تركيا والاتحاد الأوروبي، فأنقرة لا تعترف بالإدارة القبرصية الجنوبية.
وأكدت الصحيفة أن العقوبات الأوروبية تمثلت في عشرات الملايين من الدولارات ووقف الحوار في بعض الملفات التي تشهد توقفًا من الأساس منذ فترة، مشيرة إلى أن العقوبات كما وصفها وزير الخارجية التركي، شكلية لإرضاء إدارة قبرص الجنوبية ليس أكثر.
وقالت الصحيفة أن أنقرة اتبعت سياسة المواجهة والرد بالمثل، وقررت الرد على كل الإجراءات الأوروبية بخطوات أكبر في شرقي المتوسط، عن طريق توسيع التنقيب، بإرسال سفينة رابعة.
وأشارت إلى أن التصعيد التركي جاء ردًا على العقوبات الأوروبية وعناد قبرص الجنوبية، وعدم قبولها الحوار، وتقاسم الموارد في البحر المتوسط بمحيط قبرص.
وتابعت أن تركيا بدأت التصعيد لفرض أمر جديد، ومنع تهميشها من قبل الإدارة القبرصية الجنوبية، والحكومة التركية تصرعلى المواصلة في هذا الملف حتى النهاية، لذا لن نشهد تراجعًا تركيًا، إلا في حال تم اتفاق على حوار جديد بشكل مختلف للتوصل إلى اتفاق يفضي إلى وقف عمليات التنقيب من الجانبين، أو الحديث عن تقاسم الموارد وتحديد النفوذ البحري في محيط قبرص.
وصعدت تركيا من لهجتها تجاه أوروبا في تحد للتدابير التي أقرها وزراء خارجية دول الاتحاد الأوربي لحثها على سحب سفنها الثلاث التي أرسلتها قرب سواحل قبرص للتنقيب عن النفط والغاز.
وتتهم أنقرة كلا من اليونان وجمهورية قبرص بعرقلة أي فرص للتوصل إلى حلول لإنهاء الأزمة القبرصية وتوحيد شطري الجزيرة، فيما يرى مراقبون أن أزمة التنقيب عن الغاز قد تسرع الخطى نحو إعادة تحريك المفاوضات المتوقفة منذ سنوات بين طرفي النزاع.
وناشدت دول الاتحاد تركيا الابتعاد عن هذه الممارسات، وحسن الجوار مع جيرانها، والتصرف بما يناسب القوانين الدولية، باحترام سيادة جمهورية قبرص، واحترام حقوقها.
وبلغت الأزمة ذروتها مع مطالبات طرفي النزاع - تركيا وقبرص - بالسيادة على المياه الإقليمية منذ انقسام الجزيرة قبل 45 عاماً، ورفض أنقرة الاعتراف بالاتفاقيات التي توصلت إليها قبرص مع دول أخرى مطلّة على البحر المتوسط حول مناطق اقتصادية بحرية.
وقالت الخارجية التركية في بيان إن "أنشطة التنقيب عن الموارد الهيدروكربونية التي نقوم بها شرق المتوسط لها بعدان رئيسيان، هما حماية حقوقنا في جرفنا القاري، وحماية حقوق القبارصة الأتراك الأصحاب المشتركين للجزيرة، إذ لهم نفس الحقوق في الموارد الهيدركربونية بالجزيرة".
وتصر تركيا على أن سلطات قبرص اليونانية ليست مخولة لإبرام اتفاقات نيابة عن الجزيرة بأكملها حول مناطق اقتصادية بحرية، والتنقيب عن احتياطيات الطاقة قبالة سواحلها.
وتصاعد التوتر حول الشرق المتوسط في الآونة الأخيرة إثر بدء سفينتي الحفر التركيتين "فاتح" و"يافوز" عمليات تنقيب في مياه قبرص، حيث اكتشفت احتياطات هائلة من الغاز الطبيعي.