تعتبر قضية الإيمان من أعقد القضايا التي من الممكن أن يتعرض لها العقل البشري، ولحسن الحظ فإن الإيمان الفطري عند بسطاء الناس لا يخالجه أى شك، لكن تظهر المشكلة معقدة عند بعض الناس الذين يجدون أنفسهم رغما عنهم مجبرون على إعمال عقولهم في قضية الإيمان، ولعل القرآن الكريم قد أشار إلى هذا في قصة نبى الله موسى وهو يتكلم للمولى سبحانه وتعالى بعد أن أوحي له بالرسالة، فعلى الرغم من أن الله يكلم نبيه موسى إلا ان النبي موسى طلب من الله أن يراه، يقول الله سبحانه وتعالى : ولما جاء موسىٰ لميقاتنا وكلمه ربه قال رب أرني أنظر إليك ۚ قال لن تراني ولٰكن انظر إلى الجبل فإن استقر مكانه فسوف تراني ۚ فلما تجلىٰ ربه للجبل جعله دكا وخر موسىٰ صعقا ۚ فلما أفاق قال سبحانك تبت إليك وأنا أول المؤمنين.
عجز نبى الله موسى عن رؤية الله فهل يمكن لغير الأنبياء أن يروا الله ؟
فقد عجز نبى الله موسى عن رؤية الله بعد أن انهار الجبل عندما تجلى الله سبحانه وتعالى، فهل يمكن لإنسان عادي ليس بني أن يرى الله في رؤية وهو نائم مثلا ، ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله وآخرون أنه يمكن أن يرى الإنسان ربه في المنام، ولكن يكون ما رآه ليس هو الحقيقية؛ لأن الله لا يشبهه شيء سبحانه وتعالى، قال تعالى: ..لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ (11) سورة الشورى، فليس يشبهه، يمكن أن يكلمه ربه، ويرى في النوم أنه يكلمه ربه لكن مهما رأى من الصور أي صورة، صورة إنسان أو صورة حيوان فليست هي الله جل وعلا؛ لأن الله لا يشبهه شيء سبحانه وتعالى، لا شبيه له ولا كفء له جل وعلا، وذكر الشيخ تقي الدين رحمه الله في هذا: أن الأحوال تختلف بحسب حال العبد الرائي، فكلما كان من أصلح الناس وأقربهم إلى الخير كانت رؤيته أقرب إلى الصواب والصحة، لكن على غير الكيفية التي يراها أو الصفة التي يراها؛ لأن الأصل الأصيل أن الله لا يشبهه شيء سبحانه وتعالى، فيمكن أن يسمع صوتاً ويقال له: كذا وافعل كذا، ولكن ليس هناك صورة مشخَّصة يراها تشبه شيئاً من المخلوقات، ليس له شبيه ولا مثيل سبحانه وتعالى