"باعوني بالرخيص".. "زواج الصفقة في مصر".. نوع من أنواع الاتجار بالمرأة وعودة للسوق النخاسة دراسة: "الحوامدية" أعلى نسبة في زواج الفتيات من غير المصريين والفقر يمثل نسبة 80٪ لقبول هذا الزواج

صورة أرشيفية

"زواج الصفقة".. نوع من أنواع الاتجار بالمرأة واستغلالها من قبل الأهل الذين يقبلون على أن يزوجوا بناتهن للأزواج لم يعرفوا عنهم شيئا مقابل المال، ومعظم هؤلاء الأزواج من الدول العربية، وضحايا هذا الزواج غالبًا من الفتيات صغيرات السن، خصوصًا في محافظة الجيزة، والفيوم، والشرقية، التي يشتهر عدد من القرى هناك بتزويج بناتهن لأثرياء عرب مقابل مبالغ كبيرة، وهذا يجعلنا نعود إلى سوق النخاسة قديمًا، الذي كان سوقًا للرقيق، ونتيجة الفقر وحلم الثراء أصبحت المرأة سلعة تباع وتشترى.. وهناك البعض يطلق على هذا الزواج مسمي "الزواج السياحي أو الصفقة"، وهو ورقة توقع بين ولي أمر ووكيل الفتاة المتزوجة، «أهل مصر» تسلط الضوء على الملف المسكوت عنه على النحو التالي:

«الحوامدية» أعلى نسبة في زواج الفتيات من غير المصريين

كشفت دراسة خاصة التي أجرتها الباحثة عزة الجزار الناشطة الحقوقية بمنطقة الحوامدية، مع فريق من الباحثين المساعدين لها، داخل مدينة "الحوامدية"، التي تتحدث عن زواج الأثرياء العرب من بنات الحوامدية، أن السعوديين والكويتيين والإماراتيين هم أكثر العرب إقبالا على الزواج من مصريات.

وبحسب الدراسة التي حصلت «أهل مصر» على نسخة منها، أن قرية "منى الأمير" بمركز الحوامدية سجلت أعلى نسبة لزواج الفتيات من غير المصريين، إذ وصلت إلى ١٤.٩%، تليها قرية العزيزية بمركز البدرشين بنسبة ١٠%، ثم أبولاشين ٨%، والسهران ٧%، وهما تابعتان لمركز الحوامدية.

وأضافت الدراسة التي أجريت في الفترة بين أبريل ويوليو٢٠١١، أن الأثرياء العرب الذين تزوجوا مصريات ريفيات لا تقل أعمارهم عن ٥٠ سنة، ويركزون على الفتيات اللواتي يتمتعن بالجمال، وصغر السن، وامتلاء الجسم والشعر الطويل، وفي المقابل فإنه يمنح أهلها مهراً كبيراً وشبكة ذهبية غالية، وأحيانا شقة تكتب باسم الزوجة، ومؤخر صداق كبيراً عند الطلاق، وتتراوح مدة الزواج بين أسبوع وشهر، و أن 38٪ من الفتيات لا يزيد أعمارهن على 16 عامًا، ومعظمهن أيضًا تلميذات بالمرحلة الابتدائية والإعدادية.

وأوضحت الدراسة، أن أسباب قبول هذا الزواج يرجع إلى ارتفاع نسبة الفقر الذي يمثل 80 %، لقبول هذا الزواج، و5% بدافع الرغبة في الثراء السريع، ونسبة 7%، لا تكون لديهم دراية بمخاطر هذا الزواج 6% يقبلون الزواج بدفع الاعتياد على الأمر وتقليدهم للعديد من سبقوهم بزواج بناتهم من أجانب و 2% يريدون الدخل السريع وتوفير حياة كريمة لهم ولأسرهم.

اقرأ أيضًا.. سعاد تطلب الخلع: "مبيصرفش مليم على البيت"

- قصص واقعية من داخل المجتمع "باعوني بالرخيص"

تقول "م.ا" كنت أبلغ الـ ١٦عامًا، عندما أبلغوني أهلي أن عقد قراني على رجل خليجي يكبرني بـ ٢٥ عامًا الأسبوع القادم، ولم أكن أعرف أي شيء عن مفهوم الزواج، والعلاقة، ولكني أردت أن أكمل تعليمي، فرفض والدي وقام بضربي هو وأخواتي قائلين: "البنت مصيرها للزواج"، ووجدت نفسي أمام رجل يبدو في هيئته كأنه والدي، واشترطت عليّ عدم الإنجاب، وباعني أهلي مقابل ٣٠ ألف جنيه، وعشت معه علاقة زوجية لم أفقه فيها شيئا، كان يفعل فيا ما يشاء، حتى مر٣ شهور، وطلقني بدون سبب، وعدت إلى أهلي مطلقة، والأدهى من ذلك أن أهلي كانوا يعلمون أنه تزوجني فترة محددة باتفاق معهم وشكرت الله أني لم أنجب منه.

بينما قالت أحد الفتيات من إحدى محافظات القاهرة، تدعى"ع.ب"، أني كنت عائدة من المدرسة مثل كل يوم، في الصف الثالث الإعدادي، ووجدت والدتي تحضنني وتتعالى الزغاريد، ويجلس رجل خليجي يتراوح عمره ما بين الخمسين عاما، وبجواره شخص آخر أخبروني أنه المحامى الذي سوف يعقد قرآني على الخليجي، توسلت إلي والدي أن لا يزوجني من هذا الشخص، ولكن اعتبروه مزاح ودلع ، وفى خلال أسبوع كنت من هذا الرجل داخل غرفة، ويطلب منى تصرفات في العلاقة لم أكن أعرفها من قبل، وكان يعطى لي الهدايا حتى يفعل بي ما يريد داخل غرفة النوم، وأكتشفت أنه كان يفعل بي أشياء محرمة في العلاقة فيما بعد، ولكني كنت لم أدرك حتى مر٥ أشهر ووجدته يعطى لي مبلغًا من المال، ويرمى على يمين الطلاق.

وأكملت قائلة " أصبحت مطلقة ولم أكن أكمل الـ ١٦ عامًا، وعدت إلي أهلي، وما أن مرت ٤ أشهر، ووجدت والدي يأتي لي بعريس آخر، وأصبحت سلعة تباع لمن يدفع حتى بلغت ٤ زيجات مقابل المال، ولم أسامح أهلي أبدًا على ما فعلوه بي، فقد دمروا حياتي وأشعر أنى ساقطة، ولكن في غلاف خارجي يحيطه لتبريره وهو العقد العرفي.

«اغتصاب الطفلة تحت مسمي الزواج»

تقول أميرة محمد الكاتبة والباحثة في شئون المرأة، إن هناك قرى تعاني من ظاهرة زواج القاصرات في مصر، وإحصائية الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء عام 2015، أن عدد زيجات القاصرات عرفيًا بلغ 62 ألف حالة، وترتب على ذلك قضايا إنكار نسب بل، وكانت ظاهرة كارثية في مصر، وكان أبرز الأسباب لتلك الظاهرة هو لجوء الآباء لتزويج بناتهم قاصرات عرفيًا في عمليه شبيهه بالصفقة، وأطلق عليه "زواج الصفقة"، فيأخذ الأب الثمن ويشتري الزوج أي كان سنه تلك الفتاه الصغيرة، وتمثل تلك الظاهرة تعريفا اجتماعيًا تعرف بالبيدوفيليا، وهي نوع من أنواع الأمراض النفسية لاشتهاء الأطفال، ولكن الكارثة الحقيقية الفعلية في تلك الظاهرة هو التبرير الديني لها من قبل البعض!، وأنه لا حرمة في تزويج الطفلة!، ويتم التحجج والتبرير لتلك المأساة بأن جداتنا فعلن ذلك، أما الآن كيف لطفله لازالت تلعب أن يتم بيعيها عن طريق أبيها، ويتم اغتصابها كطفله تحت مسمى الزواج، وأني لتلك الطفلة أن تعلم معني الزواج وتحمل المسؤولية وتربية الصغار.

وأضاف "محمد" في تصريح خاص لـ« أهل مصر»، أن لتلك الظاهرة أبعاد كارثية تتمثل أخطرها في أطفال الشوارع، وانتشار الأمراض، وأنه يترتب على التزويج المبكر للفتيات أمراضًا للفتاه نفسها، ولأطفالها ناهيك عن عدم تسجيل المولود، وعدم اتخاذ التطعيمات اللازمة له من الدولة، كأي طفل مصري طبيعي أبواه متزوجان لعقد رسمي معترف به.

وشددت، على إنه وجب تجريم تزويج القاصرات، وأن يتم محاسبة الآباء والأزواج أيضًا بالسجن والأشغال الشاقة كعقوبة رادعه لهؤلاء كما بالدول الأخرى، وأيضًا يتم التفريق بين الزوجين، وعمل إعادة تأهيل لتلك الأم هي وأطفالها، وتلك هي الحلول الأقرب للحد من تلك الجريمة في حق الطفولة والأمومة، كما يجب على الدولة سرعه اتخاذ التشريعات اللازمة لذلك والعمل على آليات تنفيذها مع تغير الخطاب الديني الخاطئ بالصحيح فالأصل بالزواج هو الإيجاب والقبول أمام عن كون اعتبار الطفلة الأنثى سلعه.

٣ زيجات سنويا للفتاة

وأوضحت مؤسسة قضايا المرأة أن زواج الصفقة من أكثر أشكال الاتجار بالفتيات انتشارًا، حيث يكثر هذا النوع من الزيجات في القرى والعشوائيات المنتشر بها الفقر والجهل فتلجأ الأسر إلى تزويج بناتهن تحت الـ 18 عامًا، من أثرياء للتخلص من العبء المادي، وللتربح من هذه الزيجة، وقد تتعدد الزيجات للفتاة في هذا السن لتصل إلى 3 زيجات سنويا.

«عدم توثيق عقد الزواج أمر مخالف للشريعة»

يقول إبراهيم سليم منتصر رئيس صندوق المأذونين أنه لابد من موافقة الزوجة على عقد زواجها، وإذا توافرت أركان عقد الزواج من ولي وزوج وزوجة وشهود وإشهار لهذا العقد كان الزواج صحيحًا من الناحية الشرعية، مادامت المرأة محل للنكاح، وقد بلغت ولكن عدم توثيق العقد بما يضمن الحقوق هو أمر مخالف للشريعة لما فيه من ضياع للحقوق ومخالفة ولي الأمر.

وأضاف "منتصر" في تصريح لـ «أهل مصر»، أن ولي الأمر المقصود بة القوانين التي تصدرها الدولة وهو تحديد سن الزواج القانوني أن الفتاة تتزوج بعد ١٨ عامًا، ولا يستطيع أحد أن يقول أن زواج البنت في سن الـ 17 عامًا في هذا الوقت محرم المرأة، ولكن سن الزواج هو أمر تنظيمي لما يراه الأطباء حفاظا على صحة الفتاة.

«هذا الزواج مخالف للقانون والشريعة»

وقالت سلوى جميل المحامية أن زواج الصفقة هو شكل من أشكال الاتجار بالمرأة، وهو أمر مخالف للقانون والشريعة، لأن هذا الزواج لا تتوافر فيه الاستدامة وإنما غرضه المتعة المؤقتة، كما أيضا مخالف من الناحية الجنائية.

وأضافت "جميل" في تصريح خاص لـ «أهل مصر»، أن القانون ٦٤ لسنة ٢٠١٠ بشأن مكافحة الاتجار بالبشر يعاقب على التعامل على البشر وكأنهم سلعة أو استغلال ظروفهم خصوصا الأطفال، ووضع لذلك عقوبات تصل إلى السجن المؤبد والغرامة التي تتراوح من ١٠٠ ألف، إلى٥٠٠ ألف جنيه، كما ينص القانون رقم 1 لسنة 2000 بتنظيم بعض أوضاع التقاضي في مسائل الأحوال الشخصية في المادة 17 منه، "أنه لا تقبل الدعاوى الناشئة عن عقد الزواج إذا كانت سن الزوجة تقل عن ست عشرة سنة ميلادية أو كان سن الزوج يقل عن ثماني عشرة سنة ميلادية، وقت رفع الدعوى، ولا تقبل عند الإنكار الدعاوى الناشئة عن عقد الزواج.

«تجارة الأب بلحم أبنته هو جريمة بشعة»

يقول الخبير القانوني علي مسعود ياسين المحامي، إن زواج الصفقة هو تجارة الأب بلحم ابنته هو جريمة بشعة في حق هذه المسكينة التي لا حول لها و لا قوة، فكيف يستطيع هذا الكهل العجوز إسعاد هذه الوردة الحمراء وهي في بداية حياتها، ولقد زادت معدلات هذا الزواج في القرن الحالي نتيجة الفقر الذي تمر به أسرة هذه المسكينة، ولكنه في الحقيقة له أضرار كثيرة تزداد عن تلك الأضرار الناجمة عن زواج القاصرات، ففي زواج القاصرات يكون الزوج شابا يقارب عمره عمر الفتاة أما في هذه التجارة يتزوج هذا الكهل العجوز الثري بفتاة اصغر من بناته.

وأضاف "مسعود" لـ«أهل مصر» أن الفتاة قد تلجأ إلى من يشعرها بالسعادة و تعصي الله عز و جل نتيجة هذه الجريمة التي ارتكبها والدها في حقها، فالفقر ليس مبرر لان يرمي الأب ابنته في هذه النار مقابل المال ظنا منه أنه يسترًها بهذا الزواج و هو في الحقيقة يقتلها مقابل أن يسعد و يتنزه بهذا المال الذي باعها به، والوقع يؤكد أن هذا الزواج لا يستمر كثيرا فبعد أن يشبع هذا الثري من هذه المسكينة يرميها لأبيها، ويبحث عن أخري لسهولة سبب حصوله عليها، وهو المال الذي يشتري به لحوم هذه الفتيات, ويجب أن تتدخل الدولة بقانون يعاقب هذا الأب بجريمة سالبة للحرية للقضاء علي هذه الجريمة التي تزداد كل يوم.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً