في مثل هذا اليوم ومنذ 67 عامًا، وتحديدًا في تمام السابعة والنصف صباحًا، استيقظ المصريين على صوت البكباشى محمد أنور السادات، وهو يذيع بيان ثورة 23 يوليو 1952، مقدمًا إياه بعبارة ما زالت عالقة في أذهان الجميع: "بنو وطني.. اجتازت مصر فترة عصيبة في تاريخها الأخير من الرشوة والفساد وعدم الاستقرار..."؛ لم يقف دور السادات في تلك اللحظات عند حد إذاعة بيان الثورة، بل ذهب مع أول رئيس لمصر في عهد الجمهورية الراحل محمد نجيب، حاملين إنذار الضباط الأحرار إلى الملك فاروق، الذي كان يقيم وقتئذ في الإسكندرية، مطالبين إياه بالتنازل عن العرش لنجله أحمد فؤاد الأول.
لم يكن السادات، المولود في 25 ديسمبر عام 1918، بقرية ميت أبو الكوم في المنوفية، قبل إذاعته بيان ثورة 23 من يوليو، ذائع الصيت لدىَّ المصريين؛ فقد ظل لسنوات طوال قبل الثورة هاربًا، عقب أن أصدر الاحتلال البريطاني قرارًا باعتقاله عام 1942، قبل أن يتمكن من الفرار بعد عامين من ذلك التاريخ، وفي العام 1946، اعتقل مرة أخرى نتيجة تورطه في مقتل أمين عثمان، وزير المالية في حكومة الوفد حينذاك، وقد ارتبط السادات قبل ثورة يوليو وبعد نجاحها، بـ"السيد البدوي"، ذلك الولي المدفون في مدينة طنطا بمحافظة الغربية، وجمعته به أسرار وحكايات تنشرها "أهل مصر" في السطور التالية.
السادات والبدوي.. علاقة روحانية
الشيخ عمر الشريف، أحد أبناء الطرق الصوفية، يشير إلى إن والده - الذي كان إمامًا لمسجد السيد البدوى فى سبعينات القرن الماضي - روى له أن السادات، قصد مدينة طنطا لأول مرة في الأربعينيات؛ إذ جاء إليها هاربًا من قوات الاحتلال البريطاني، التي أصدرت قرارًا باعتقاله عقب اتهامه بالتورط في مقتل عدد من الضباط الإنجليز، قائلًا: "كان السادات، يرتبط روحانيًا بالسيد البدوى، وحين قدم إلى طنطا هاربًا توجه إلى ضريح شيخ العرب، وبداخله تلقى بشائر الخير، وبعد أن تحققت البشائر التي تلقاها اعتاد ألا يتخذ أي قرار مصيري إلا بعد زيارة ضريح السيد البدوي، حتى قرار حرب السادس من أكتوبر عام 1973، اتخذه بعد أن زار البدوى".
الشريف، أوضح في تصريحات خاصة لـ"أهل مصر"، أن الذي بشر السادات بالخير حين جاء إلى طنطا هاربًا، هو الشيخ أحمد الخطيب، إمام مسجد السيد البدوي في أربعينيات القرن الماضي؛ إذ قال له في ذلك الوقت: "لما تبقى خديوي مصر متنسانيش"، وهذا هو سر العلاقة الوطيدة التي جمعت السادات بالشيخ الخطيب، حيث كان الأول يُصر كلما زار طنطا، على زيارة الثاني، وطلب الدعاء والبركة منه، وبعد أن أصبح رئيسًا لمصر زار ضريح السيد البدوي، وطلب من الشيخ الخطيب أن يدعو له، فبشره الأير بأن الله سينصره على المتآمرين عليه، وسينصره أيضًا على أعدائه الصهاينة، وسيتمكن من استرداد الأرض المحتلة؛ فما كان من السادات بعد أن سمع هذه البشارة إلا أن قام وقبلَّ جبين الشيخ الخطيب.
سبحة السيد البدوي
الشريف، يتابع سرد أسرار وحكايات السادات مع السيد البدوي، قائلًا: "في إحدى المرات زار السادات ضريح السيد البدوي، وأصر على تقبيل سبحة شيخ العرب، ولبس عماته، وخرج من غرفة المقتنيات ليصلي، وجلس عقب الصلاة - كعادته في كل زيارة - في آخر المسجد وأسند ظهره إلى الحائط، وبينما كان الشيخ الخطيب - إمام المسجد - يستعد لإلقاء خطبته، لاحظ الشيخ أن الحرس الشخصي للسادات يعطون ظهورهم للقبلة؛ فاستشاط الخطيب غضبًا، وطلب إخراجهم من المسجد وكاد يضربهم بعصاه إذا لم يجلسوا موجهين وجوههم نحو القبلة، وهنا تدخل السادات وطلب من الحرس إطاعة الشيخ والجلوس كما أمرهم".