المسجد العباسي ببورسعيد.. تاريخ من العبادة والمقاومة.. أنشأه الخديو عباس 1904 وانطلقت منه شرارة ثورة 1919.. احتمى به الأهالي من عدوان 56 وتجمع به الفدائيون.. وتعطره شجرة "دقن الباشا" التاريخية

"المسجد العباسي" ليس هو المسجد الرئيسي بمحافظة بورسعيد وحسب، بل هو أحد أهم وأقدم المعالم التاريخية الشاهدة على تاريخ المحافظة ونضال أهلها، ويُعتبر "المسجد العباسي" أحد الآثار الإسلامية المُسجلة في بورسعيد، وهو ثاني مسجد بُني في المحافظة.

وكان "المسجد العباسي" أحد مقار المقاومة الشعبية أيام العدوان الثلاثي عام 1956، وشهد الشرارة الأولى في اندلاع ثورة 1919 وكان يلجأ إليه الأهالي للحماية من الاحتلال الإنجليزي.

وظل "المسجد العباسي" يمارس دوره الشعائري والديني في بورسعيد، حتى اندلاع ثورة 1919، حيث خرجت منه التظاهرات يوم 21 مارس عام 1919 عقب صلاة الجمعة، وعام 56 حين قام العدوان الثلاثي على مصر تم قصف جميع المنازل المجاورة للمسجد باستثناء المسجد لم يتم قصفه، واستغل أهل بورسعيد أن المسجد لم يتم تدميره وكانوا يلجأون إليه للاختباء به وكنجمع للفدائيين لأنه مجاور للمدرسة الوصفية التي كان يستخدمها الإنجليز في الإقامة وكمركز لعملياتهم ومقر للقيادة.

موقعه

يقع المسجد العباسي وسط المحافظة، في نطاق حي العرب أحد أقدم أحياء بورسعيد ، وبالقرب من ميدان الشهداء وحديقة "المسلة"، ومجمع محاكم بورسعيد، والديوان العام للمحافظة. 

تاريخ بنائه

بعد بناء "المسجد التوفيقي" أقدم مساجد محافظة بورسعيد بـ22 سنة، ومع زيادة التعداد السكاني للمحافظة أصبحت الحاجة لبناء مسجد جديد يستوعب المزيد من المصلين بُنِيَ "المسجد العباسي"، وأنشيء سنة 1322هـ الموافق سنة 1904 في عهد خديوي مصر عباس حلمي الثاني، ويعد أحد الآثار الإسلامية المسجلة ببورسعيد ويقع في حي العرب.

سبب تسميته

سُمي "المسجد العباسي" نسبة إلى الخديوي عباس حلمي الثاني حاكم مصر حينها والذي بُني المسجد في عهده.

ويبلغ المسجد العباسي من العمر 113 عاما، ويمثل حقبة تاريخية معمارية مميزة حيث أقامه الخديوي عباس ضمن 102 مسجد على هذا الطراز في مختلف المحافظات.

وخضع "المسجد العباسي" للعديد من التجديدات منذ نشأته بواسطة وزارة الأوقاف التي يتبعها المسجد كان آخرها عام 2000، إضافة إلى افتتاح الملحق الخاص به، بحضور الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف، والدكتور شوقى علام، والدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية السابق، وعدد من القيادات التنفيذية والتشريعة بالدولة، وقد تم تسجيل المسجد كأثر بعد مرور مئة عام على إنشائه.

مساحته

يحتفظ المسجد بمعظم عناصره المعمارية والزخرفية التى بنى عليها، على الرغم مما تعرض له من تجديدات، وهو عبارة عن مستطيل الشكل تبلغ مساحته 766 متر مربع.

- تاريخه

كان "المسجد العباسي" شاهداً على تاريخ بورسعيد على مر الزمن بدءًا من بنائها ومروراً بحرب 1956، وبعدها ظل المسجد الرسمى الذى يقيم فيه جمال عبد الناصر الصلاة عند زيارته لبورسعيد فى أعياد النصر.

وكان "المسجد العباسي" مكانا يحتمي فيه الأهالي والفدائيون أيام العدوان الثلاثي؛ حيث تعرضت المنطقة المحيطة به بل الحي بالكامل للدمار والهدم بدبابات وطائرات العدو، وظل هذا المسجد البناء الوحيد المكتمل بالمنطقة فاتحاً أبوابه ليحتمي فيه الجميع.

ورغم ان المسجد أُحيط بالدمار من جميع الاتجاهات فى عدوان الثلاثي عام 1956، فقدظل شامخا ًشاهداً على رعاية الله ونصره وتأييده لبورسعيد، وأهم ما يميزه هو تلك الشجرة التى تقع فى فنائه و المسماة بشجرة "دقن الباشا" والتى يفوح عطرها فى الربيع لتملأ المكان برائحتها العطرة.

وكشف المرممون، عن العديد من الزخارف النباتية والهندسية، والكتابات القرآنية والأبيات الشعرية، التي تم نحتها على أعتاب الشبابيك والجدران الداخلية للمسجد، والتى اختفت تحت أعمال التطوير التي نفذت به، قبل تسجيله في عداد الآثار الإسلامية والقبطية عام 2006.

ترجع زخارف وكتابات المسجد العباسي إلي عصر إنشائه عام 1904، وأكد ذلك طارق إبراهيم، مدير عام الآثار الإسلامية ببورسعيد، لافتا إلى أن أعمال الترميم شملت إعادة طبقات "الملاط" الخارجى للمسجد إلى نفس مكوناتها القديمة، وإزالة كل أعمال الترميم الخاطئة، التى كان قد تم تنفيذها قبل تسجيل المسجد ضمن الآثار الإسلامية عام 2006، بالإضافة إلى أعمال الترميم الدقيق التي تضمنت إزالة كافة طبقات الدهان الحديثة، والتى كشفت عن الزخارف الأصلية للمسجد، وترميمها وإحياءها من جديد، ومنها الزخارف الموجودة على أعتاب النوافذ الخاصة بالمسجد، وهي عبارة عن 16 بيتا من قصيدة نهج بردة المديح للإمام البوصيري كما أن الساعة المعلقة في أحد جدران المسجد تعود إلى تاريخ إنشائه عام 1904. 

اقرأ أيضا.. حملة أمنية تطيح بتعديات على أملاك الدولة في ضواحي بورسعيد

افتتاحه بعد التطوير

وفي ديسمبر 2017 تم افتتاح الملحق الجديد بالمسجد العباسي؛ وأدى الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف، والدكتور شوقى علام، مفتى الجمهورية، صلاة الجمعة، وصلاة العصر قصراً بالمسجد، عقب تطويره وتوسعته، ضمن احتفالات المحافظة بعيدها القومي، في الذكرى الـ60 لانتصار المقاومة الشعبية على دول العدوان الثلاثي إنجلترا، وفرنسا، وإسرائيل. 

وفي يوم الجمعة الثالث من أغسطس 2018 افتتح اللواء عادل الغضبان، محافظ بورسعيد، والدكتور خالد عناني، وزير الآثار، والدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف، الجمعة، المسجد العباسي بمحافظة بورسعيد، بعد أعمال توسعته وتطويره، بحضور الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية.

وكانت أعمال الترميم بدأت في مايو 2017، بعد موافقة اللجنة الدائمة للآثار الإسلامية على المقترح المقدم لها، وبلغت تكلفة أعمال ترميم المسجد، مليونًا ونصف المليون جنيه، من خلال متبرع، بعد موافقة اللجنة الدائمة للآثار الإسلامية والقبطية.

وأطلع الدكتور خالد العناني وزير الآثار على خطة ترميم المسجد العباسي الأثري ببورسعيد على الطراز المعماري القديم الذي أنشئ به خلال تفقده ومتابعته لأعمال الترميم التي تتم بالمسجد.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً