الأوقاف: الإسلام راعى ترتيب الأولويات..والشريعة جاءت لتحقيق مصالح البلاد والعباد

وزارة الأوقاف

نظمت وزارة الأوقاف ندوة دينية من مسجد الإمام الحسين بعنوان "النفع العام في ميزان الشرع الشريف"، حاضر فيها كل من الدكتور محمد سالم أبو عاصي عميد كلية الدراسات العليا الأسبق ، والدكتور هاني تمام مدرس الفقه بكلية الدراسات الإسلامية والعربية ، بحضور جمع غفير من رواد المسجد.

وفي كلمته أكد الدكتور محمد سالم أبو عاصي أن الإنسان مخلوق لحكمة سامية وغاية عالية ، فتعالى الله أن يخلق شيئًا عبثًا ، أو أن يترك الإنسان سدى ، وبين الله (تعالى) وظائف الإنسان في الكون في آيات عديدة من القرآن الكريم ، منها خواتيم سورة الحج حيث يقول الله (عز وجل) :” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ” ، ومن أجل هذه الوظائف فعل الخيرات ، فافعل الخير مع نفسك ، ومع غيرك ، حتى مع عدوك ، حيث جاءت “وَافْعَلُوا الْخَيْرَ” بدون متعلق ، أي وافعلوا الخير على جميع الوجوه ، وعلى كافة الأشكال ، ومع جميع الأشخاص ، فعنوان المسلم فعل الخير ، ويؤكد نبينا ( صلى الله عليه وسلم ) هذا المعنى بقوله :” إِنَّ مِنَ النَّاسِ مَفَاتِيحَ لِلْخَيْرِ مَغَالِيقَ لِلشَّرِّ، وَإِنَّ مِنَ النَّاسِ مَفَاتِيحَ لِلشَّرِّ مَغَالِيقَ لِلْخَيْرِ، فَطُوبَى لِمَنْ جَعَلَ اللهُ مَفَاتِيحَ الخَيْرِ عَلَى يَدَيْهِ، وَوَيْلٌ لِمَنْ جَعَلَ اللهُ مَفَاتِيحَ الشَّرِّ عَلَى يَدَيْهِ”.

وبين أبو عاصي أن تعدية النفع للغير من أعظم العبادات ، وأكبر القربات ، حيث يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم) :” أحَبُّ الناسِ إلى اللهِ أنفعُهم للناسِ ، وأَحَبُّ الأعمالِ إلى اللهِ عزَّ وجلَّ سرورٌ تُدخِلُه على مسلمٍ” ، فلا يكون الإنسان شوكة في ظهور الآخرين ، وقد أجمع الفقهاء على أن العبادة التي يتعدى نفعها خير من العبادة القاصرة ، إذ العبادة القاصرة يعود نفعها على فاعلها ، أما المتعدية فنفعها لك ولغيرك ، فالمتأمل في أحكام الشريعة الإسلامية يجد أنها جاءت لتحقيق مصالح البلاد والعباد ، والسُّمُوّ بالنفس البشرية ، والارتقاء بها إلى أعلى الدرجات ، فكل ما يحقق النفع العام للناس يكون موافقا للشرع وإن لم يرد فيه نص صريح ، وكل ما يصطدم مع مصالح الناس ومنافعهم فلا أصل له في الشرع الشريف .

وفي كلمته أكد الدكتور هاني تمام أن أحكام الشريعة الإسلامية جاءت لتحقيق مصالح البلاد والعباد ، والسُّمُوّ بالنفس البشرية إلى أعلى درجات الكمال ، كما حث الإسلام على النفع العام ، وعدم قصر الإنسان نفعه على نفسه ، فالمؤمن الحق من يراعي مصالح غيره كما يراعي مصالح نفسه ، يقول (صلى الله عليه وسلم) :” لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ”، ويقول (صلى الله عليه وسلم) : “أحَبُّ الناسِ إلى اللهِ أنفعُهم للناسِ ، وأَحَبُّ الأعمالِ إلى اللهِ عزَّ وجلَّ سرورٌ تُدخِلُه على مسلمٍ ، تَكشِفُ عنه كُربةً ، أو تقضِي عنه دَيْنًا ، أو تَطرُدُ عنه جوعًا ، ولأَنْ أمشيَ مع أخٍ في حاجةٍ ؛ أَحَبُّ إليَّ من أن أعتكِفَ في هذا المسجدِ يعني مسجدَ المدينةِ شهرًا ، ومن كظم غيظَه ولو شاء أن يُمضِيَه أمضاه ؛ ملأ اللهُ قلبَه يومَ القيامةِ رِضًا ، ومن مشى مع أخيه في حاجةٍ حتى يَقضِيَها له ؛ ثبَّتَ اللهُ قدمَيه يومَ تزولُ الأقدامُ” ، مبينا أن الفهم الصحيح للدين يقتضي مراعاة حال الناس وواقعهم ، وترتيب الأولويات تلبية لحاجات المجتمع الضرورية والملحة ، فإن كانت حاجة المجتمع إلى بناء المستشفيات وتجهيزها لعلاج الفقراء ورعايتهم فالأولوية لذلك ، وإن كانت حاجة المجتمع لبناء المدارس والمعاهد وصيانتها وتجهيزها والإنفاق على طلاب العلم ورعايتهم فالأولوية لذلك ، وإن كانت الحاجة ماسة لتيسير زواج المعسرين وسدِّ الدَّين عن المدينين وتفريج كروب الغارمين فالأولوية لذلك .

وأوضح أن الشريعة المحمدية جاءت لتُعلي قيمة الأخلاق ، وتبين أن فضلها عظيم ، وثوابها كبير ، حيث يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم) :” الخُلُقُ الْحَسَنُ يُذِيبُ الْخَطَايَا كَمَا يُذِيبُ الْمَاءُ الْجَلِيدَ “، ويقول:” إِنَّ المؤمنَ لَيُدْرِكُ بِحُسْنِ خُلُقهِ دَرَجَةَ الصَّائِمِ القَائِمِ”، وذلك لينعكس الأمر على المجتمع ، وتسود قواعد الحفاظ على استقراره ، والعمل على رقيه.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً
عاجل
عاجل
اعتبارًا من الأربعاء.. بدء التشغيل التجريبي للمتحف المصري الكبير