الأوجة الأخرى للبراءة.. قراءة في المجموعة القصصية (موعد للفراق) للكاتب حسام أبو العلا.. بقلم الكاتب والناقد أحمد قاصد

كتب : أهل مصر

(لوحت لي والسعادة تكاد تقفز من وجهها، وانتظرت حتى اختفت سيارة ابنها، وعدت إلى خلف الأسوار) المجموعة- قصة جميلة- صفحة 35 الأسوار، هي مدخلنا لقراءة التجربة الجديدة للكاتب حسام أبو العلا التي يكمل بها ثلاثيته التي بدأها بالمجموعة القصصية (قلب مهزوم) ولحق بها مجموعته القصصية (الكيس الأسود) كمشروع أدبي يتناول العالم الحقيقي الذي يجب أن يحيا فيه الأنسان، في مجموعتيه السابقتين، كان يسرد لنا ألوانا من القصص التي قد تبدو بريئة من الوهلة الأولى، وفي الحقيقة أنه يبين أو يرسم لنا خيوط الحياة الحقيقية التي يجب أن تسود في مجتمعاتنا وعلاقتنا الإنسانية. تأتي لنا مجموعة (موعد للفراق) بشكل مغاير من حيث الطرح، وإن لم يخرج عن الإطار الأخلاقي الذي ينادي به منذ بداية مشروعه الأدبي، فمن خلف سور أو أسوار تصنعها العلاقات الإنسانية المعقدة في عصرنا الحالي وتحكم المادة وتفشي الجحود والنكران لأصحاب الفضل، والتي تفصلنا عن السعادة التي تعني من خلال السياقات المتعددة عبر قصص المجموعة؛ السلام الاجتماعي والعودة للشكل الذي يجب أن يكون عليه المجتمع. السور أو الأسوار هي الحاجز الوهمي الذي يفصل بين التردي الأخلاقي والتمسك بالحياة القويمة، من يخرج من السور عبر بوابات متعددة المشارب يقع في المحظور ويخرج عن الجادة، مع بقاء ما خلف السور نقيًا ينتظر عودة من خرج إليه ثانيًا.

من بين الحبكات الدرامية في القصص ومن بين الأزمات التي يصنعها الكاتب في قصصه؛ يدور الصراع، وتتجلى المأساة الإنسانية في نقاط الذروة، حينها تظهر البراءة والعودة إلى الثوابت التي اهملها البعض لتصنع المفارقة القصصية المكملة للشكل القصصي الكلاسيكي الذي سطر به الكاتب مجموعته، فدائمًا ما تكون المفارقة أو اللحظة الكاشفة أو نقطة الانفراج للحدث المعقد الذي يمثل المتن في القصة تكون على شكل حل منطقي قد يخفى عن البعض عن غفلة منهم أو عمدًا من تأثير تربية خاطئة أو سطوة المال أو الحاجة المادية، لكن؛ تظل الثوابت الراسخة هي الملاذ الأخير الذي يعود إليه أبطال قصصه.

تميزت أغلب قصص هذه المجموعة بسرعة الحدث وتواليه بشكل متدفق، وقصر المدة الزمنية يستغرقها إلى حد اللقطة التي لا تستغرق في حساب زمن الحدث أكثر من ساعة أو أقل، واختصار رسم المشهد بجمل متلاحقة سريعة باستخدام خاصية الاسترجاع وهو شيء يحسب للكاتب الذي يطور أدواته كل حين بما يتناسب مع مضمون العمل الأدبي. ويظهر ذلك جليًا في قصص: هتموت بكرة، موعد للفراق.

تميزت المجموعة بتنوع البطل السارد، فهناك قصص السارد فيها مذكركما هو معتاد وأخرى السارد فيها أنثى، مما اعطى تنوعًا فنيًا لوصول الفكرة التي يبتغيها الكاتب إلى المتلقي وتنبيهه أن كل فئات المجتمع مشتركة في اتخاذ قرار تجاه تصحيح مسارها إلى الحياة التي يجب أن تكون، وأبلغ مثال في قصة: عش صغير، سور عال. مجموعة دسمة تبحث عن قارئها لتمنحه متعة خاصة بعيدًا عن التكنيكات الحديثة في بناء القصص، وبعيدًا عن الرموز المعقدة التي تحير القارئ في الوصول لدلالاتها من بين السطور. تحياتي للكاتب وفي انتظار مشروعه الأدبي القادم مع تمنياتي بدوام الإبداع.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً