الروتين اليومي في بعض الأحيان ينهي حياة عدد لا بأس به من كبار السن، لذا تجولت كاميرا "أهل مصر" داخل السجل المدني في طنطا الدور الثالث قسم "التصويب" والتصويب هنا ليس توجيه البندقية لإطلاق النار على صدر المواطن بل تصحيح خطأ لم يرتكبه، لنلتقي رجل تخطى عمره الخمسين عام باثنين، وبعد تجاذب أطراف الحديث معه تبين أنه يعانى من سكر مرتفع وضغط دم عالي مع قصور في الشرايين التاجية، يعمل موظف، بدأ كلامه بصوت خافت وكأنه يشارف على الموت ليعرض مشكلته، التى ظهرت أثناء تجهيز أوراق لإبنه، حيث وجد خطأ لم يرتكبه في اسم الزوجة وقسيمة الزواج الأصلية بها الاسم الصحيح ولكن أمية مدخل البيانات للكمبيوتر وقصر نظره ليرى حرف "التاء" حرف "شين"، ومن هنا تبدأ المأساة.
يقول ع ا"، موظف وصاحب المشكلة، "عند علمي بالمشكلة توجهت من المحلة إلى طنطا للتصحيح، وقفت فى طابور طويل من الرجال وقليل من النساء بطابور آخر، فاشفقت عليّ ابنتى، والتى كانت في صحبتى ذلك الوقت، لتقف هي في الطابور حتى وصلت إلى الشباك والذي به موظف يحمل هموم الدنيا على كاهله يفرغه على المواطنين كل على حسب، أعطاها ورقة فارغة إلا من تسطير وجداول للنزول للتصوير منها نسختين ولا تكتب فيها شئ فهي خاصة بالموظفين في الملأ.
وأصاف " ا": وعادت تلهث بعد صعود السلم وهبوطه لتقف فى طابور العذاب مرة أخرى لمدة ساعة حتى وصلت إلى الشباك بلا سلام لتمد يدها في الشباك لمدة نصف ساعة أخرى حتى ابتسم الموظف ابتسامة باهتة ليرن جرس الانصراف قائلا، "كل اللي معاه ورق يجي الصبح الساعة 8" وانصرفت البنت حزينة تنظر إلى حالى، ففى تلك اللحظات كدت أموت من ارتفاع درجات الحرارة وقلة الأكسجين بسبب الزحام في مكان مغلق.
وتابع كلماته قائلا: "في يوم الخميس الساعة الثامنة صباحا حضرت من المحلة إلى طنطا لأقف في نفس الطابور ولكن رافقتني زوجتي، ومعها أدوية الأزمة القلبية لتقف في الطابور وتكون رقم 2 قالت الموظفة " هاتى صورة شهادة ميلادك الأصلية وصورة منها، جريت على السلم للتصوير والحمد لله تم تسليم الأوراق في انتظار نتيجة التصحيح".
واختتم كلماته قائلا: لماذا لا يتم تصحيح أخطاء الأسماء والتواريخ في الأوراق الرسمية المميكنة لكل مواطن في المركز التابع له بدل السفر من كل مراكز محافظة الغربية إلى طنطا والضغط على المواصلات والمرافق ؟، لماذا لا يعد مركز متخصص للتصحيح بدل من كمبيوتر واحد وثلاثة موظفين يخدموا ألاف من المواطنين على حد قول الموظف للتسهيل على المواطنين؟، لماذا يتحمل المواطن تكاليف التصحيح على خطأ لم يرتكبه بل ارتكبه موظف لا يعرف القراءة والكتابة؟، لما لا يوجد شباك عليه لوحة "مخصص لكبار السن وذوى الاحتياجات الخاصة "، والكثير منا أصبح ذوى احتياجات خاصة.