اعلان

45 سنة في "المحرقة".. شيخ الفخاريين بـ"سمنود": المهنة شاقة وتعتمد على الإحساس والتناغم.. بنقعد 24 ساعة متواصلة أمام "فرن" 700 درجة.. ومتميزون بـ"القلل والطواجن والطفايات"

داخل إحدى العزب التابعة لمدينة سمنود بمحافظة الغربية، تمتد فوهات أكثر من 50 محرقة، إلى عنان السماء بطول يتجاوز الـ7 أمتار بعرض 15 مترا، وما إن تستقر قدمك داخل تلك المحارق وتشخص ببصرك هنا وهناك، فإذا بعينك تقع على عجوز سبعيني، محني الظهر، يرتدي جلبابا أكلت منه النار ما شاء الله لها، يحمل الحطب بين يديه، يتجول بين فوهات المحارق، كل مهمته إطعام الفرن من خلال فتحة صغيرة تخرج منها حرارة حارقة، تصل لأكثر من 700 درجة، وحوله عدد من الأسياخ الحديدية، الطويلة، لتقليب الجمر، وإحماء النار لتسوية الفخار.

على الرغم من درجة حرارة الشمس المرتفعة ووهج نار الفرن، إلا أن الحاج "علي الشاذلي"، تعلو وجهه الابتسامة، شيخ شيوخ مهنة صناعة الفخار، أمام أحواض الطمي بجوار أفران الحرق، ليحكي رحلته مع حرفة صناعة الأدوات الفخارية منذ طفولته في الخمسينات، حيث كان والده وجده يمتهنانها ويصنعان الأواني المختلفة" القلة والزير وطواجن الأفران"، ثم يجوبون القرى بمختلف نواحي المحافظة للترويج لبيعها، على عربة كارو.

قال شيخ الفخاريين في حديثه لـ"أهل مصر": "بشتغل في مهنة الفخار بقالي أكثر من 45 سنة عشان أقدر أكسب قوتي بالحلال والحمد لله ربنا كرمني في 3 أبناء، رجالة جدعان ربيتهم وكبرتهم وحصلوا على شهادات ومؤهلات عليا ومتوسطة إلا أن ظروف وصعوبات المعيشة جعلتني أعلمهم مهنة الفواخير وهى مهنة توارثتها عن أجدادي والحمد لله ربنا كرمهم وتزوجوا وفتحوا بيوت".

وأضاف أن صناعة الفخار تتطلب أن يجيدها الصانع منذ طفولته لأنها شاقة، كما أنها تعتمد على إحساسه وتناغم يديه مع الطين الذي يقوم بصناعته، وذلك لأن أي خطا بسيط يتسبب في إفساد القطعة اللينة.وتابع شيخ المهنة، أن كل محافظة بها مصانع لصناعة نوع بعينه من الفخار، فالغربية متخصصة في صناعة الخزف والقُلّل، والطواجن، ويعتبر الزير والقلة والطاجن من أكثر الأواني التي يقبل الناس عليها لشرائها، خاصة في القرى، لافتًا إلى تنوع الأشكال الأخرى التي يقوم بتوزيعها بالمحافظات مثل الخزف والطفايات الزينة والمبخرة وأحجار التدخين.مراحل تصنيع "القُلّة"

وأضاف: "الفخار صحي جدًا ومفيد في طهي الطعام، لكنه لم يعد مجدياً، فعلى الرغم من مراحل التصنيع التي يمر بها بداية من الطحن والتخمير والتشكيل والتسوية والرسم، إلا أن القٌلة لا يتعدى ثمنها جنيها واحدا، فتستغرق عملا حتى تصبح جاهزة أكثر من أسبوعين، حيث يبدأ العمال في التقطيع والتشكيل، ورصها في الشمس لـ4 أو 5 أيام على حسب درجات حرارة الجو ثم توضع في نهاية الأسبوع داخل الفرن ويبدأ هنا عملي، بحيث أقوم بإحماء الفرن لمدة 3 أو 4 ساعات حتى تصل درجات الحرارة لـ700 درجة وأكثر حتى لا تتشقق القطع وأظل أتابع المحرقة لأكثر من 24 ساعة، حتى تهدأ الفرن وتخرج القطع سليمة، وذلك الفرن يتطلب الإطعام باستمرار، والمحافظة على درجة حرارته ثابتة وهو ما يجهله الكثيرون من أبناء المهنة، لذلك أقوم بتسوية كافة فخار العزبة كل أسبوع، وعلى الرغم من شدة الحرارة إلا أن سعادتي لا توصف بعد خروج الإنتاج ورسمه، تمهيداً لبيعه".

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً