باسم الأديان ارتكبت جرائم، باسم حقوق الانسان ارتكبت جرائم، باسم الشيوعية والرأسمالية ارتكبت جرائم، باسم الأخلاق ارتكبت جرائم المشكلة ليست في الأيديولوجيات لكنها في الانسان، وقد صدق هوبز إذ أقر أن الانسان ذئب للإنسان، وأجمل ما في هذه الحياة أن الانسان قادر على الأسوأ وعلى الأفضل.. هذا كله يؤكد لي أن هذه الحياة لا يمكن أن تكون إلا دنيا، وأن الفضيلة المطلقة لا توجد على هذه الأرض، هكذا رأت ألفة يوسف وهكذا تعاني المرأة في باكستان.
حلاقة الشعر أو حوادث تشويه أو إخفاء معالم من الجسد ووصل الأمر حد القتل، هكذا يتم التعامل مع النساء في باكستان، في دولة إسلامية - تتبع الشريعة الإسلامية – تحاول النساء الحصول على أبسط حقوقها في الحياة وصلت مرتبة «الجهاد» في موجة قادتها الطفلة «ملالا يوسف» للحصول على حق التعليم، لتفجر «قنديل البلوش» أن هناك حق أهم من التعليم يجب أن تبحث عنه الفتاة الباكستانية وهو الحق في الحياة.
«الشرف.. للعائلة أو للدين»
يتخذ الباكستانيون، الدفاع عن شرف العائلة أو الدين، ذريعة لأعمال العنف ضد النساء، تصل أحيانًا إلى حد القتل، بأي وسيلة، وإن كانت يدي شقيقها، فقي لحظة من الزمن، لف «وسيم» يده حول رقبة الناشطة قنديل البلوش، لينهي حياتها في غضون دقائق بسبب ما يسمى «جريمة شرف» لاختلافه معها على صورها التي تنشرها على مواقع التواصل الاجتماعي.
انتهت حياة «قنديل» لكن حياة المئات من الفتيات في باكستان مازالت تحت التهديد، فبحسب تقديرات منظمة صندوق أنصار بيرني لحقوق الإنسان، تعاني حوالي 70% من النساء في الباكستان من العنف العائلي، ويمكن لهذا العنف أن يتراوح بين الضرب والعنف الجنسي أو التعذيب، إلى كسور في العظام وجروح خطيرة جدًا تنتج عن هجمات بالحامض أو حرق الضحية حية.
ونقلت «الجزيرة» أن تقرير حقوقي عن تزايد أعمال العنف ضد المرأة في باكستان بنسبة 13% خلال 2009 عن العام الذي سبقه، وأفادت المعلومات الواردة في تقرير صادر عن مؤسسة المرأة في باكستان وهي مؤسسة حقوقية خاصة، أن 8548 حالة اعتداء ضد النساء سجلت خلال عام 2009.، الأمر الذي دفع بالمؤسسة إلى دق ناقوس الخطر مع وصول عدد حالات الخطف إلى 1987 حالة، والقتل 1348 والاغتصاب 928، فضلا عن جرائم أخرى مثل الحرق والتحرش الجنسي وغيرها.
ويتصدر البنجاب قائمة الأقاليم الباكستانية الأربعة التي يتصاعد فيها العنف ضد المرأة بمقدار 5722 حالة, يتلوه السند 1762 ومن ثم إقليم خيبر بختون خواه 655, وبلوشستان 237 وإسلام آباد العاصمة 172 حالة.
وبحسب ما نقلته «روسيا اليوم» في إبريل 2016، عن مؤسسة أورات، وهي جماعة للدفاع عن حقوق النساء، فقد تجاوز عدد حالات العنف التي تم التبليغ عنها في إقليم البنجاب ضد النساء 5800 حالة في العام 2013، وتمثل تلك الحالات 74% من إجمالي الحالات المعلنة في باكستان في ذلك العام.
وكشفت تقارير حقوقية أن العنف يتزايد ضد المرأة بنسب مخيفة عامًا تلو الأخر وسط تساؤلات من قبل المتابعين لشؤون المرأة عن القوانين، التي تسنها الحكومة للحد منها، وعلى الرغم من أن جرائم الشرف تعتبر جريمة قتل من وجهة نظر القانون، إلا أن الأحكام الإسلامية تسمح لأقارب الضحية بالعفو عن الجاني واختيار دية الدم بدلاً من طلب عقوبة الإعدام، وهو ما يصعب وضع حد لهذه الجرائم.
«قانون المرأة ضد الإسلام»
في رد فعل –غريب- أعلنت هيئة دينية ذات نفوذ في باكستان منوط بها تقديم المشورة للحكومة بشأن مدى مطابقة القوانين للشريعة الإسلامية، أن قانون تجريم العنف ضد النساء "مخالف للإسلام"، وتبني القانون –محل الاعتراض- أن يوفر للمرأة حماية قانونية من العنف المنزلي والنفسي والاعتداء الجنسي، كما دعا إلى إقامة منازل لإيواء النساء المعنفات، كما تضمن القانون المقترح لمكافحة العنف ضد المرأة عقوبات تصل إلى السجن لمدة عام ضد مرتكبي العنف المنزلي، مع مضاعفة العقوبة لعامين إذا تكررت الجريمة، وهو القانون الذي وصفه رجال الدين بأنه مخالف للقرآن.
وقال محمد خان شيراني، رئيس مجلس الفكر الإسلامي، في مؤتمر صحفي: "القانون بكامله خطأ"، واستشهد بآيات من القرآن لتوضيح أن القانون "مخالف للإسلام"، وأن القانون يجعل الرجل يشعر بعدم الأمان.. هذا القانون محاولة لجعل باكستان مستعمرة غربية مرة أخرى".
وليس قانون العنف فقط، فسبق أن انتهى مجلس الفكر الإسلامي، إلى أن اختبارات الحمض النووي DNAلا يمكن استخدامها كدليل أساسي في قضايا الاغتصاب، كما أيد المجلس قانونا يطلب ممن تقول إنها تعرضت للاغتصاب إحضار أربعة شهود ذكور يشهدون في المحكمة بحدوث الواقعة، قبل السماح بالنظر في القضية، كما حرم المجلس إصدار قانون يشدد العقوبات على تزويج الفتيات القاصرات، في سن الثامنة أو التاسعة.