عانت الأسواق المالية حول العالم أسبوعاً كئيباً هبطت فيه معظم المؤشرات، مسجلة أداء هو الأسوأ لبعضها طوال العام 2019، وكانت هنالك الكثير من الأسباب التي عززت ذلك التوجه السالب في الأسواق، أهمها قرار الإدارة الأمريكية تصعيد الحرب التجارية مع الصين، وهي الحرب التي يبدو أنها لن تضع أوزارها قريباً، إضافة إلى التوقعات المرتبطة بالسياسة النقدية للاحتياطي الفيدرالي، والتي من المتوقع أن تتسم بطابع صقوري أكثر، وتشير التكهنات إلى أن الأسهم ربما تتجه قبل نهاية الصيف إلى مرحلة تصحيحية يمكن أن تستعيد معها بعضاً من انتعاشها.
قال خبراء إن المشكلة الحقيقية فيما يتعلق بالأسباب التي ستقود الأسهم إلى مرحلة التصحيح، هي أن السوق يعاني فراغاً حقيقياً وخوفاً من القضايا التي تؤثر فيه بطريقة أكثر تأثيراً من غيرها، وهي الحرب التجارية وسياسة الاحتياطي الفيدرالي، علاوة على ضبابية خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، خاصة مع وصول رئيس الوزراء الجديد بوريس جونسون لسدة الحكم في بريطانيا.
وشهد يوم الخميس الماضي، حدثاً كبيراً، تمثل في إعلان الرئيس دونالد ترامب، فرض رسوم جديدة بنسبة 10% على واردات صينية تبلغ قيمتها 300 مليار دولار، على أن يسري نفاذها اعتباراً من الأول من شهر سبتمبر المقبل، ما لم تقم الصين باتخاذ إجراءات تضمن عدم فرض تلك الرسوم الجديدة، وأشارت تقارير إلى أن المحادثات التجارية بين البلدين ستتوقف تماماً حتى حلول موعد فرض الرسوم الجديدة.
معركة في غير معترك
قال اقتصاديون إن الإدارة الأمريكية، تخوض حالياً معركة في غير معترك؛ حيث إن إصرارها على فرض تلك الرسوم وتطبيقها سيكون بداية الطريق نحو الركود في الاقتصاد الأمريكي، خاصة أن هذه الأوضاع تعزز من انسحاب رؤوس الأموال والاستثمارات الأجنبية من السوق الأمريكية، علاوة على تأثير تلك الحالة على معدلات التوظيف، وسيؤدي أيضاً إلى إجبار الاحتياطي الفيدرالي على خفض إضافي للفائدة لإنقاذ الاقتصاد من السقوط في الهاوية.
تواصل موسم إعلان النتائج
سيتواصل موسم إعلان النتائج خلال الأسبوع الجاري؛ حيث ستعلن نحو 60 شركة كبرى مدرجة عن نتائجها الفصلية، ويبدو أن هذا الأسبوع سيفتقر إلى تقارير وبيانات اقتصادية ذات تأثير كبير على السوق. ورجح مراقبون هبوط مؤشر «اس آند بي 500» إلى 2789 نقطة بنهاية التداولات الأسبوعية، على الرغم من أن خبراء أكدوا أن المؤشر سيصل إلى 3000 نقطة بنهاية العام الجاري، ولكن ذلك لم يخفِ حقيقة أن المؤشر سجل صعوداً بلغ 17% منذ بداية العام، وبالرغم من البداية القياسية التي افتتحت بها المؤشرات تداولاتها الأسبوع الماضي، إلى أنها سجلت بنهاية الأسبوع أسوأ أسبوع لها طوال العام الجاري، وتوقع خبراء أن يتعافى الأداء العام للمؤشرات الأمريكية قبل نهاية أغسطس.
ويبدو أن الإدارة الأمريكية لن تقف مكتوفة الأيدي في ظل التوقعات التي تشير إلى تراجع ملحوظ في الأداء الاقتصادي؛ حيث إن شبح الانتخابات القادمة سيجبرها على اتخاذ خطوات من شأنها تعزيز الموقف خلال فترة الانتخابات، وبالطبع تفادي تحقق حالة التباطؤ الاقتصادي التي من شأنها نسف القوة التي كان من الممكن الاعتماد عليها في هذا الموقف.
خروج بريطانيا
فيما يتعلق بخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، قال محللون إن هذا الأمر، سيكون له أثر سالب على أداء الأسواق في جميع أنحاء العالم، خاصة مع اقتراب الموعد النهائي المحدد لخروجها وهو الحادي والثلاثين من أكتوبر المقبل، وهو ما انعكس كإشارات أولية في التراجع المتواصل للجنيه الإسترليني مقابل سلة العملات الرئيسية طوال الفترة الماضية، والتوقعات التي تشير إلى تعنت الطرفين في التوصل لاتفاق يضمن خروج بريطانيا بشكل سلس من المنظومة الأوروبية، أو مواجهة المصير المجهول.
أسواق العملات
كما شهدت أسواق العملات أسبوعاً متقلباً، إلا أن مؤشر الدولار الأمريكي كان مستقراً إلى حد ما عند نهاية التداولات الأسبوعية؛ حيث كان المتداولون يراقبون عن كثب التغيرات التي تطرأ على أسعار العملات. وكان هبوط العائد على سندات الخزانة خلال الأسبوع الماضي دراماتيكياً؛ إذ هبط العائد على سندات الخزانة ذات ال 30 عاماً ب 30 نقطة أساس خلال يومين فقط، إلى أقل من 1.85% مقارنة ب 2.07% قبل إعلان الاحتياطي الفيدرالي عن خفض الفائدة بواقع ربع نقطة أساس.
وستتجه أنظار المستثمرين والمعنيين بالسوق إلى تقرير ISM الصناعي الذي من المقرر أن يتم الكشف عنه اليوم، وذلك للتأكد من تماسك قطاع الخدمات الذي استطاع بطريقة أو أخرى الحفاظ على ثباته في ظل التقلبات التي شهدتها الأسواق خلال الفترة الماضية، على الرغم من أن هذا التقرير لم يكن يحظى في السابق باهتمام كبير من جانب المستثمرين أو المراقبين، لكن حساسية الأوضاع الحالية، جعلت منه القشة التي يتعلق بها الغريق طلباً للنجاة، وفقاً لمحللين.