في تطور ملحوظ للأحداث في تركيا عقب الانقلاب الفاشل الذي قام به عدد من القادة العسكريون ضد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ابتعدت تركيا كثيرا عن الاستقرار ولم يعد الوضع كما كان سواء علي الجانب الاقتصادي أو حتى السياسي. تلك الأحداث ستدفع تركيا في المرحلة المقبلة إلى الانقسام.
ومن جانبها حذرت الولايات المتحدة الأمريكية تركيا بسحب عضويتها من حلف شمال الأطلسي (ناتو) في حال استمر أردوغان وحكومته في سياساتهم الحالية بعد محاولة الانقلاب.
وعقب المحاولة الفاشلة، تم عزل أكثر من 8 آلاف ضابط شرطة واعتقال أكثر من 6 آلاف ضابط وجندي بالجيش، من مختلف الرتب العسكرية، والتي وصل عدد الجنرالات فيها لـ 100 جنرال، منهم قائد سلاح الجو السابق، وقادة الجيش الثاني والثالث، هذا فضلًا عن اعتقال أرفع قضاة الدولة بالمحكمة الدستورية والإدارية.
لم يُحذِّر وحده وزير الخارجية الأميركي جون كيري تركيا، بل حذّرتها أيضًا المسؤولة عن الشؤون الخارجية والأمن في الاتحاد الأوروبي السيدة "فريدريكا موغيريني"، وقالت إن "الاتحاد الأوروبي لن يسمح بانضمام دولة ستطبق عقوبات الإعدام"، في إشارة إلى تركيا وتلميحات أردوغان عن الانتقام من الانقلابيين وسياساته الحالية.
ووفقا لما ذكرته صحيفة "الإندبندنت" البريطانية، قال كيري في مؤتمر صحفي عقده عقب مشاورات أجراها مع نظرائه الأوروبيين، "نحث الحكومة التركية بقوة على حفظ الهدوء والاستقرار في البلاد، كما نحث الحكومة التركية على التمسك بأعلى معايير الاحترام للمؤسسات الديمقراطية وحكم القانون".
وأضاف كيري، أن لحلف الاطلسي متطلبات واضحة بخصوص الديمقراطية، وأنه (أي الحلف) سيراقب بدقة ما يحصل في تركيا".
وقالت مسؤولة العلاقات الخارجية في الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغريني، إن تركيا من أعضاء مجلس أوروبا ومقيدة بالميثاق الأوروبي لحقوق الأنسان.
من جانبها، حذرت الحكومة الالمانية تركيا، بأن مفاوضات انضمامها إلى الاتحاد الأوروبي ستتوقف اذا عمدت إلى إعادة العمل بعقوبة الإعدام.
وقال الناطق باسم المستشارة الالمانية انجيلا ميركل، بعد أن قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في اعقاب المحاولة الانقلابية إن حكومته ستدرس موضوع إعادة العمل بتلك العقوبة، إن “إعادة العمل بعقوبة الاعدام ستعني نهاية مفاوضات انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي.
وكان وزير الخارجية الامريكية كيري، أوضح إن واشنطن ستساعد انقرة في التحقيق بالمحاولة الانقلابية، داعيا الحكومة التركية إلى تسليمها أي ادلة قد تكون حصلت عليها تثبت تورط كولين.
وأبلغ كيري نظيره التركي مولود تشاووش أوغلو أن الادعاءات بتورط واشنطن في الانقلاب الفاشل تضر العلاقات بين البلدين العضوين في حلف شمال الأطلسي.
وقال كيري أن "الولايات المتحدة ستكون مستعدة لتقديم المساعدة للسلطات التركية التي تباشر هذا التحقيق ولكن التلميحات أو الادعاءات العلنية عن أي دور للولايات المتحدة في محاولة الانقلاب الفاشلة كاذبة تماما وتضر بالعلاقات الثنائية بيننا.
وطالب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في أول ظهور له بعد محاولة الانقلاب، الولايات المتحدة بتسليم المعارض فتح الله كولن، مشيرا إلى أنه متورط في محاولة الانقلاب في تركيا.
فيما قال رئيس الوزراء التركي بن علي يلدرم بمؤتمر صحفي أمام مقر الحكومة بانقرة ان "واشنطن لن تكون صديقةً في حال عدم تسليمها (جولن) وسنعيد النظر بتفعيل الإعدام" بعد محاولة الانقلاب الفاشلة.
وفي هذا السياق استبعدت مصادر طرد تركيا من حلف الناتو حتي لو ارتكبت مجازر لا نها بقعة جغرافية تدخل في صميم الادبيات الجيوسياسية الروسية.
مؤكدة انه سواء بقيت تركيا بحلف الناتو أو لا فان حالة انضمامها الي الاتحاد الأوروبي تباعد كثيرا عقب ظهور تركيا يوم الجمعة الماضية بهشاشة النموذج التركي الذي كلله إسلاميو الشرق الأوسط والعالم بالنجاح ولم تكن مكشوفة امام العالم تناقضات المجتمع والجيش بتركيا.
وهذا ما كشفه جمال حمدان حين تحدث عن تركيا في موسوعة شخصية مصر، قائلا: "ليس أكثر من تركيا نقيضا حضاريا وتاريخيا لمصر نظرا لان تركيا بلا تاريخ ولا حتي جذور جغرافية ولكنها قوة شيطانية مترحلة وجعلت من الاناضول وطنا لها بالتبني".
وتجدر الإشارة إلى أن ديفيد كاميرون رئيس وزراء بريطانيا السابق أكد أن أمام تركيا 1000 عام حتي تنضم إلى الاتحاد الأوروبي ولكن الأوضاع الآن تدعو إلى إضافة الف عام أخرى بعد احداث الجمعة الماضية.
ولكن من المثير للشك أن الكتل الإسلامية الشعبية في المنطقة عامة تري في دولة مثل تركيا عضو في حلف الناتو "الصليبي" وتستضيف قواعد عسكرية أمريكية، يرونها تمثل قاعدة لحلم الخلافة الإسلامية.