أوضاع مأساوية تعيشها بعض المطلقات، وحياة مليئة بالتوتر والقلق نتيجة المعارك التي تضطر المرأة المطلقة لخوضها، وأهمها "معركة" الحضانة، مما يدفع البعض منهن، ممن يرغبن في الارتباط مرة أخرى، للزواج العرفي، حتى يمكنهن الاحتفاظ بحضانة الأطفال، ويقبلن على أنفسهن أن يعيشن فى الخفاء والظلام خوفا من أن يعلم مطلقوهن بالأمر، فيكون من حقهم حضانة الأطفال.
الآراء اختلفت حول الزواج العرفي للمطلقة، إذ يرى البعض أن المطلقة من حقها الزواج العرفي لضمان بقاء أطفالها، فيما يرى البعض الآخر أن ذلك ضد الشرع، ومن ناحية أخرى، بدأ الكثيرون يطالبون بتغيير قانون الأحوال الشخصية في الحضانة، حتى لا تحرم أم من طفلها وهو فى أشد الحاجة إليها، لذلك رصدت "أهل مصر" أهم إشكاليات الزواج العرفي للمطلقة.
منال: "مكنش قدامي غير الزواج العرفي عشان أولادى"
روت منال قصتها لـ"أهل مصر" قائلة إنها مطلقة منذ ٥ سنوات، ولديها طفلان صغيران، ونظرا لجمالها وأخلاقها تقدم إليها الكثيرون بعد الطلاق، وعندما كانت تفكر فى الأمر كان طليقها يهددها بإسقاط الحضانة عنها وأخذ أطفاله منها، مما كان يجعلها تتراجع عن الزواج حتى شعرت أن الوقت يمر بها، فيما تقدم إليها شخص ذو أخلاق طيبة ومركز اجتماعى مناسب، وعندما أخبرته عن قلقها من طليقها اقترح عليها أن يتزوجا عرفيا وبشهود وعلم الأهلين، لكن دون توثيق العقد بالمحكمة لضمان حضانة أطفالها.
وتابعت قائلة إن طليقها هو الذى جعلها تفعل ذلك، وبالفعل لم يعلم بأمر الزواج، ورغم ذلك كانت تشعر أنها فى ضيق وخوف دائم حتى أنجبت، وهنا كان لا بد من توثيق عقد الزواج حتى يسجل الابن فى سجلات المواليد، وعندما علم طليقها وبدأت رحلتها داخل المحاكم، وقالت: "لم أصل لشيء وحرمنى زوجي السابق من صغارى والقانون لا ينصفنى".
مؤسسة قضايا المرأة تطلق حملة "جوازي ما يمنعش حضانتي لأولادي"
تقول الدكتورة عزة سليمان، رئيس مؤسسة قضايا المرأة، إنه لابد من إعادة النظر في تشريعات الأحوال الشخصية، والعمل على تحكيم العقل والمنطق في تحقيق المصلحة الفضلى للطفل، وعدم معاقبة الأم بحرمانها من أطفالها حال زواجها مرة أخرى، مؤكدة أن هذا هو المنطق العادل الذي يمكن من خلاله مراعاة حق الأم وأولويتها في الحضانة حتى بعد زواجها، حيث إن ذلك بمثابة صيانة ورعاية وحفظ للمحضون باختيار الأصلح للحضانة، خاصة إذا كان المحضون طفلا صغيرا يحتاج إلى رعاية الأم.
وأكدت رئيس مؤسسة قضايا المرأة المصرية، على أن سقوط الحضانة عن الأم عند زواجها يمثل ظلما واضحا لها، ولا يمكن للمرأة التي تتعرض للظلم والتمييز والعنف في المجال الخاص أن تشارك في المجال العام بفعالية وحرية ما دامت معاقبة قانونيا واجتماعيا بوجوب التنازل عن حقوق للحصول على أخرى، وقالت: "علينا دعم النساء في اختيار شكل المستقبل الذي يردنه، وعلى مدار عدة سنوات هناك مطالبة من العديد من النساء المتضررات من القانون الحالي بضرورة إدخال تعديلات على قوانين الأحوال الشخصية خاصة المواد المتعلقة بالحضانة بما يسمح لهن بالاحتفاظ بحضانة أطفالهن بعد زواجهن الثاني وهذا من أجل دعم استقرار الأطفال وتنشئتهم بشكل سليم، وذلك لأن إسقاط الحضانة عن الأم في حال زواجها للمرة الثانية يمكن أن تترتب عليه آثار نفسية واجتماعية تعود بالسلب على الطفل بالدرجة الأولى بفقدانه لأمه، كما أن القانون الحالي إنما يطلب من النساء أن يتنازلن عن حقهن في تكوين أسرة والزواج من جديد وأن يكبتن احتياجاتهن العاطفية كي يستطعن الاحتفاظ بأطفالهن.
وتضيف رئيس مؤسسة قضايا المرأة المصرية، أن هناك بعض النساء يتخوفن من خوض تجربة الزواج الثاني لأن القانون يقر بانتقال الحضانة إلى من يلي في ترتيب الحاضنين، الأمر الذي يجعل إقبال المرأة على خوض تجربة الزواج الثاني مغامرة قد تؤدي بها إلى فقدان أبنائها، أو أن تضطر للتحايل على الواقع بقبولها الزواج العرفي حتى لا تفقد أطفالها، أو التفكير في طرق أخرى للعيش قد لا تحقق كرامة المرأة، حيث ترى العديد منهن أن قانون الأحوال الشخصية بشكله الحالي خاصة في شق الحضانة وحماية الأبناء مجحف للمرأة ولا يحفظ كرامة الطفل وأمه.
وأضافت: القانون يتساهل مع الرجل في حال أعاد الزواج وتهرب من دفع النفقة لأولاده من طليقته، لكنه لا يحمي المرأة التي ترغب في إعادة تأسيس حياتها وهذا حق مكفول لها طبيعيا، فالقانون بشكله الحالي لا يحمي الأطفال ولا يأخذ مصلحتهم بعين الاعتبارن خاصة إذا أصبح الطفل مادة ووسيلة لتصفية الحسابات بين الطليقينن كما أن حرمان الأم من حضانة أولادها من أسوأ الحالات النفسية التي قد تعاني منها المرأة من جراء طلاقهان فبالنسبة إليها يعني ذلك فقدانها كل شيء، لذلك طالبت المؤسسة بتغيير قوانين الأحوال الشخصية بما يضمن تحقيق العدالة، وإيمانا منا بضرورة وصول النساء لحقوقهن في الزواج والاحتفاظ بحضانة أطفالهن من خلال حملة "جوازي ما يمنعش حضانتي لأولادي".
الزواج حلال شرعا إذا توافرت فيه الشروط الشرعية
من ناحية أخر، يقول الشيخ سليم إبراهيم منتصر، نقيب صندوق المأذونين، إن الزواج إذا توافرت فيه الشروط الشرعية والأركان فهو زواج حلال شرعا، أما الزواج العرفي من أجل الاحتفاظ بحضانة الأطفال فهو خطأ تقع فيه المرأة، يفقدها حقوقها الشرعية ولا يضمنها لها، ومن ثم لا يحق لها المطالبة بها، فهي تخالف القانون، وقد يتهمها والد الأطفال بأنها تقيم علاقة غير شرعية، وقد يسيء إلي سمعتها، مما يضطرها لإظهار العقد العرفي.
العوار القانونى هو السبب
تقول أميرة محمد، الباحثة فى شئون المرأة، إن المطلقة تعاني الويلات من المجتمع، فهو دائم الاتهام لها، حتى إن صفة مطلقة تعتبر إساءة في عرف الكثيرين، فيلصقون لها الاتهامات ويشيعون ضدها خطابات الكراهية بشتى الطرق.
وفي الوقت نفسه، أوضحت "محمد" أن الزواج العرفي مشكلة قاصرات وليس مطلقات، متسائلة عن وجود إحصائية بزيجات المطلقات عرفيا حتى يمكن الحديث عنه، وقالت: أرفض إلصاق ظاهرة الزواج العرفي والتلاعب بالألفاظ ضد المطلقات، وحتى الأرامل، صحيح أنه قد تلجأ بعض الأرامل للزواج عرفيا من أجل المعاش.. نعم رأينا ذلك، ولكن يكون هناك إشهار وعلم لدى الأهل والجيران جميعا بتلك الزيجة، والعقد هو الذي يكون عرفيا، أما عن بعض المطلقات فهن إن تزوجن بتلك الطريقه فإن الملامة هنا لا تقع على من تزوجت عرفيا، فالذى دفعها لذلك هو العوار القانوني، والعادات والتقاليد الاجتماعية، إلا أنها في مجتمعنا تصبح وحدها هي المدانة والموصومة بالزواج العرفي.
نقلا عن العدد الورقي.