لم يخطر ببال أحد أن تصبح مستشفي بدر التابعة لجامعة حلوان التخصصي، أن تتحول لفاجعة صحية، ليصبح شعار الداخلين للمستشفى «الله يتولى الصالحين»، وذلك بعدما كانت في بداية افتتاحها مثالّا يحتذي بها، ولكن هيهات هيهات سرعان ما يتحول المصير، حينما يسيطر الإهمال على كل شى وتنعدم المسئولية، ويتحول اللامبالاة شعار الأطباء ومسئولي المستشفى.
ولم أكن لأصدق هذا الكلام، إلا حينما رأيته بأم عيني، وذلك حينما دخلنا للمستشفى في ثالث أيام العيد، جراء حادث تصادم لأحد أفراد العائلة، والذي لم نعرف به سوي بعد ٤ ساعات من الحادث، وهو ينازع الألم، داخل جدران المستشفى دون جدوي ولا أدني مسئولية، ولا أحد يسمع الأنين إلا الله، وحينما وصلنا للمستشفى، بعدما شاء القدر أن نعرف خبر الحادث، ذهبنا للمستشفى مسرعين، لنري الصادمة التي سحبت معها كل معاني الإنسانية والرحمة، حالة من الإهمال الذي لم أعرفها على مدار حياتي، ولم أره قط، وسط غياب للمسئولية الكاملة، حينما وجدت والدي لا يتذكر ما حدث له، وغارقًا في دمائه، دون أدني مسئولية من الأطباء المسئولين، ولا محاولة لإزالة تلك الدماء، ما حدث فقط، بعد أربع ساعات من الدخول في نوبة من الإغماء، وعدم تذكر ما حوله، هو قياس الضغط وفقط.
ويشاء القدر غياب المستشفى من كل شيء، إلا أحد الأطباء، الذي ذهبت إليه عقب الوصول للمستشفى لكي أنتقده على أداء الخدمة داخلها، إلا أنه كان رده صادمًا لوجود للإمكانيات، ووالدك يحتاج لأشعة مقطعية للاطمئنان عليه، وهي غير موجودة بالمستشفى وعليك الذهاب فورًا لكي يتم عمل تلك الأشعة، وبما إن كله الأمور تسير بالطريقة غير الإنسانية، تم خروج والدي دوني أدني تحمل للمسئولية لدي المستشفى ولا حتي ورقة واحدة تثبت خطورة الحالة، وسرعة إجراء الأشعة والتحايل لها، وكانت نصيحة الطبيب لي، "خد والدك وروح خش أي مستشفي تانية زي ما دخلت هنا"، فلا وجود للإسعافات ولا الإسعاف، ليكن الطريقة الاخرى بالتعامل خارج ناطق المسئوليات، والتوجه للمستشفيات الأخري، دون تحريك المستشفى لسيارة الإسعاف.
ولم تكن تلك الواقعة الأولي التي تشهدها المستشفى، والتي لقبت مؤخرًا بمستشفى الـ١٠٠ شهيد، نظرًا لكثرة حالات الوفاة بها، وسيطرة الإهمال والتردي الصحي لتلك المستشفى، والتي تخدم سكان مدينة بدر كاملة.
وأطالب وزارة الصحة ومجلس النواب بتحمل المسئوليات تجاه هذا الإهمال الشنيع، وتحويل مسئولي المستشفى للتحقيق العاجل، فما نحن إلا حالة من بين مئات الضحايا لدي المستشفى.