تشكل العمليات الإرهابية خطراً كبيراً من ناحية الوضع الأمني والاقتصادي في الدول الكبرى، حيث لاتقتصر كوارث هجمات الإرهاب على المستوى الإنساني والأمني فقط، بل قد تؤدي إلى وقوع أضرار عميقة على المستوى المادي والاقتصادي للدولة والمجتمع، حيث تلجأ العديد من الدول الأوروبية إلى شركات التأمين من أجل حمايتها من ضد العمليات الإرهابية والتي من شأنها المساهمة في تعويض تلك الخسائر الاقتصادية عن طريق شركات التأمين، حتى لا تتحملها الدولة بشكل كامل، مثلما يحدث في مصر خلال المرحلة الماضية.
تدعيم مفهوم التأمين ضد أعمال الإرهاب
وتعد أحد التجارب الدول الأوروبية في التعامل عند وقوع خسائر العمليات الإرهابية على المنشآت الحيوية العامة والخاصة داخل الدولة، والتي تمكنه من كيفية خروج تلك الدول من الأزمات، وتعويض خسائر الناتجة عن الهجمات الإرهابية عن طريق التعاون أصحاب المنشآت مع شركات التأمين، هو ما دفع أصحاب أكبر المنشآت تعاقد على بوليصة التأمين ضد الإرهاب، خوفا من وقوع ضرر بمنشآتهم في حالة وجود هجمات ارهابية بشكل مفاجئ، وبالتالي ساهم في تدعيم مفهوم التأمين ضد أعمال الإرهاب والخروج بالحلول التشاركية مع الدولة، حتى لا تتحمل عبء تعويض الخسائر الاقتصادية بشكل كامل، وذلك من أجل استرجاع حالة المنشأت كما كانت عليها قبل وقوع الضرر عليها.
تزايد حجم الطلبات أصحاب المنشآت على التعاقدات مع شركات التـأمين ضد الإرهاب في الدول الأوروبية الكبرى
وبلغ حجم الطلب التعاقدات من قبل أصحاب الشركات الدول الكبرى مع شركات التأمين ضد الإرهاب بحوالي 53% وهذا بالنسبة للشركات التى تقل حجم أصولها عن 100 مليون دولار ، وبالنسبة للشركات التى يتراوح حجم أصولها بين 100 إلى 500 مليون دولار حوالى 66% ، فيما يرتفع حجم الطلب بين الشركات التى يتراوح حجم أصولها بين 500 مليون دولار وحتى مليار دولار إلى 67% ، وهى نفس نسبة الطلب بين الشركات التى يزيد حجم أصولها عن مليار دولار، وهذا في الدول الأوروبية الكبرى خلال المرحلة الماضية.
العمليات الأرهابية 11 سبتمبر 2011 بالولايات المتحدة التي أجبرت الشركات التأمين والدولة على التعاون للتعويض خسائر أعمال الإرهاب
الهجمات الإرهابية التي وقعت في الحادي عشر من سبتمبر 2001 بالولايات المتحدة الأمريكية، فرضت على شركات التأمين 37 مليار دولار، نتيجة لوقوع خسائر على منشأت كبرى، والتي كان موقعة عقود التأمين ضد الإرهاب بينها وبين شركات التأمين، ولكن
أضرت بعض شركات التأمين بفسخ بعض العقود ورفضت الإستمرار في التأمين ضد مخاطر الإرهاب، نظرا إلى حجم الخسائر المالية الضخمة والتى كانت لا يمكن تحملها أي شركات تأمين أخرى، لذلك كان لابد من تدخل الدولة في تلك الأمر، حيث أجبر القانون الربط الخارجي شركات التأمين على تغطية مخاطر الإرهاب وفي المقابل، تحمل الدولة المسؤولية المشتركة معها وذلك عن طريق وجود نسبة من تلك العقود المساهمة الدولة معاها والتى تمكنها للخروج من أزمتها.
برنامج التأمين الوطني ضد الإرهاب التي أقرته بلجيكا على شركات التأمين من أجل الخروج بالحلول التشاركية
ومن بين تلك الول الكبرى التي قامت بالتعامل مع شركات التأمين من أجل التأمين من المخاطر مثل ألمانيا وفرنسا وبلجيكا وبريطانيا وإسرائيل التي عملت بتطبيق الحلول التشاركية، حيث تعيد شركات التأمين على نفسها بمساعدة الدولة، ففي بلجيكا على سبيل المثال يجري العمل بـبرنامج التأمين الوطني ضد الإرهاب، حيث تتحمل شركات التأمين عبء الخسائر التي تقدر بحد أقصى 300 مليون يورو، بينما يقع على عاتق شركات إعادة التأمين تحمل الخسائر التي تزيد عن هذا وبحد أقصى 700 مليون يورو، وفي النهاية فإن الدولة في بلجيكا تتحمل ما يزيد عن هذا المبلغ بحد أقصى مليار يورو.
تفجيرات لندن 2004 ساهمت في زيادة التعاقدات أصحاب المنشآت الحيوية مع شركات التأمين ضد الإرهاب لتكون بمأمن في حالة وقوع ضرر
ساهمت أحداث الرسوم الكاريكاتورية التي وجهت الأنظار إلى الدنمارك من زيادة من التخوف من عمليات إرهابية التي قد تطال منشآت حيوية مختلفة ويبدو أنّ ألمانيا ليست بمأمن من هذه الأخطار، على حد تعبيره. هذا الشعور بالتهديد والخوف من شبح الإرهاب دفع 1109 من الشركات للتعاقد مع شركة التأمين هذه، بزيادة 39 شركة عما كان عليه الحال في عام 2004.
ومن الملاحظ أن تفجيرات لندن لم تؤدي إلى حالة من الفوضى والاضطراب في السوق الألمانية، حيث انعكس ذلك على نسبة أرباح هذه الشركة ، والتي قد وصل حجم دخول الشركة 77,5 مليون يورو في عام 2004 مقابل 60,2 مليون يورو في عام 2005 الذي يرتبط أيضا بارتفاع نسبة الأقساط الشهرية التي يجب أن تسدد من قبل الشركات المؤمنة مؤثرين بذلك المجازفة على الالتزام بهذا الحجم من الالتزامات المالية.
فمن الممكن الأستفادة من تلك التجارب شركات التأمين مع خسائر العمليات التأمين الدول الأوروبية، والقيام على العمل بتطبيقها داخل مصر، وذلك من أجل ضمان تعويض الخسائر المنشآت الحيوية والعامة نتيجة للعمليات الإرهابية والتي تتحملها الدولة فقط، لذلك لابد أن يحتذى بتجارب شركات التأمين في التعامل مع أعمال الإرهاب من الدول الأخرى في حالة ما بعد وقوع ضرر على المنشآت، وذلك من أجل كيفية التعامل الشركات التأمين ضد الإرهاب في مصر خلال الفترة المقبلة.