يوافق اليوم ذكرى مرور 101 عام على ميلاد الموسيقار والمطرب العبقرى الراحل محمد فوزى، وعلى عكس ما أشيع من أكذوبة معاداته لثورة 23 يوليو 1952، وكراهيته للزعيم جمال عبد الناصر، بل ورفضه الغناء للثورة، فإن الحقيقة هي أن فوزي غنى للثورة البيضاء. ولم يكن هناك عداء بينه وبين عبد الناصر.
فى البداية تم نشر صور للفنان الراحل بعد أن أصيب بالمرض النادر الذى فشل أطباء عصره فى تشخيصه، وكان من آثاره فقدان محمد فوزى لوزنه وإصابته بالضعف الجسمانى والهزال، بعدها تم الترويج لأن المرض أصابه بسبب تأميم جمال عبد الناصر لشركته صوت القاهرة، وهي حكاية شهيرة مازالت تتردد.
يقول أحد متابعي فوزي على فيس بوك، إن هناك أشخاصا حاولوا نشر الشائعة بأن السبب وراء تأميم جمال عبد الناصر لشركته أن محمد فوزى قال له لا. هكذا يوضح.
لم تجد الإذاعة المصرية سوى أغنية "بلدي أحببتك يا بلدي" لمحمد فوزى لإذاعتها على الشعب، وهذا أكبر دليل على أن جمال عبد الناصر لم يكن بينه وبين محمد فوزى أي عداء، بعد تأميمه قناة السويس.
قصة محبوكة ممتلئة بالتراجيديا الفاقعة لجلب الدموع على الموسيقار العبقرى الراحل، هكذا يقول.. ولكن الحقيقة أن محمد فوزى لم يرفض الغناء لعبد الناصر أو للثورة بل غنى للثورة العديد من الأغانى فى أعيادها، بل إن له أغنية اسمها " رشوا الملح " فى عيد الثورة عام 1961 بعد تأميم شركته، وله أغنية أخرى فى نفس العام ضد انفصال سوريا عن مصر.
بل إن الفنان محمد فوزى دخل فى خلاف علنى -تم نشره على صفحات الجرائد فى عام 1960- مع الموسيقار محمد عبد الوهاب على تلحين وغناء أغنية " نـاصر " التى كتبها الشاعر حسين السيد، وهى أغنية تمجيد شخصي لجمال عبد الناصر، وعندما لحن عبد الوهاب الأغنية وغناها، اتهمه فوزى بالسعى نحو احتكار الأغانى الوطنية لنفسه.
رابط لأغنية " غنوا لـ 23 يوليو عيد الثورة عيد الأحرار" تلحين وغناء محمد فوزى
رابط لأغنية "رشوا الملح " فى الاحتفال بعيد ثورة 23 يوليو فى عام 1961 تلحين وغناء : محمد فوزى ، وغناها بعد صدور القرارات الإشتراكية
وهذا رابط لاخر لقاء إذاعى أجرته إذاعة الشرق الأوسط مع الموسيقار والمطرب الراحل محمد فوزى قبيل وفاته بشهر ونصف، يشكر فيه الرئيس جمال عبد الناصر والحكومة المصرية على الاهتمام بعلاجه
وبخصوص تركة الفنان الراحل محمد فوزى، فعقب وفاته فى 20 أكتوبر 1966، دبت خلافات عنيفة بين زوجاته الثلاثة، فقد حدث نزاع على تركته بين زوجته الأولى وأبنائها، وزوجته الثانية الفنانة مديحة يسرى، وزوجته الثالثة الفنانة كريمة والتى رافقته طيلة رحلة مرضه حتى رحيله.
ضمت تركة الموسيقار محمد فوزي شقة فاخرة في برج جاردن سيتي، وشقة في المعمورة في الإسكندرية، وشقة ثالثة في عمارة الإيموبيليا، وكانت تحتوي على بعض المكاتب والكراسي، ودولاب ملابس يحتوي على مائتي بدلة منها حوالي 150 بدلة جديدة لم يلبسها الفقيد بسبب مرضه، فضلاً عن أرصدته المالية بالبنوك.
كيف بدأت المشاكل بين عائلة فوزي؟
بدأت المشاكل تظهر بعدما فوجئ أبناء الفنان محمد فوزي عند فتح دولاب ملابس والدهم أنه خاوي الوفاض إلا من بضع بدل قديمة جدًا يرجع عمرها إلى أكثر من عشر سنوات مضت، وكان كل منهم يأمل بالفوز ببعض ملابس والده أو قطع القماش التي تركها، وصرخ أكبرهم محتجًا على هذه المفاجأة.
كما طلب أولاده من زوجته الأولى بساعة والدهم الروليكس وكان يقدر ثمنها بمئة جنيه بأسعار ستينيات القرن الماضي، وكان الفقيد قد وعد ابنه الأكبر باهدائها له ولكن الفنانة كريمة تمسكت بها كذكرى من زوجها كما تمسكت ببعض ملابسه، التي ارتداها في مناسبات مختلفة أثناء حياتهما الزوجية.
ورأت الفنانة هدى سلطان أن تنسحب من هذا الجو المملوء بتصرفات تمزق سمعة أخيها وتقلق روحه في مثواه، فقررت أن تعود إلى منزلها وتستقبل المعزين فيه.
بعد عشرة أيام من وفاة الموسيقار محمد فوزى سافرت مديحة يسري إلى الإسكندرية للعمل في أحد الأفلام، وشاء القدر حسب روايتها التى شككت فيها زوجته الثالثة الفنانة كريمة، أن يكون مكان التصوير في المعمورة وبجوار الفيلا التي كان يستأجر فيها محمد فوزي شقته حيث يقضي إجازة الصيف.
وكانت مفاجأة لها عندما رأت سيارة نقل أمام الفيلا، ورأت باب الفيلا مفتوحا والعمال ينقلون بعضا من الأثاث إلى السيارة، وعرفت مديحة يسري أن أحد أقارب الفنانة كريمة زوجة الموسيقار محمد فوزى الثالثة، هو الذي أمر بنقل محتويات الشقة إلى مكان مجهول، وثارت مديحة واتصلت بالشرطة التي تدخلت في الموضوع، وأعادت الأثاث إلى الشقة وأغلقتها ووضعت الشقة تحت الحراسة حتى تتم إجراءات إعلام الوراثة لجميع الورثة.
واشتدت الخلافات بين الورثة قبل مرور أربعين يومًا على وفاة محمد فوزي حيث طلبت زوجته كريمة من المحامي محمود لطفي أن يرفع دعوى في حق أولاد زوجها حول استيلائهم على منقولات شقة برج جاردن سيتي بينما اتهمها أبناء محمد فوزى من زوجته الأولى بالاستيلاء على ملابس والدهم، وحاول بعض أصدقاء الفقيد مثل الفنان فريد شوقي والموسيقار محمد عبدالوهاب التدخل لإصلاح وجهات النظر بين الورثة وتهدئة النفوس التي كانت مشحونة بمشاعر عنيفة متبادلة ولكن تعذر الصلح بينهم.
هذه هى الحقيقة فى قصة الموسيقار والمطرب العبقرى الراحل مع ثورة 23 يوليو، ولكن من أدمنوا تزوير التاريخ من خصوم جمال عبد الناصر وعهده وثورته استغلوا مرض الفنان الراحل ومحنته ووفاته من أجل المتاجرة بسيرة محمد فوزي لتشويه وقائع التاريخ.