جعل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الاقتصاد محور حملته الانتخابية في سبيل إعادة انتخابه لفترة ولاية ثانية، واستمتع وتلذذ بتلك التقارير التي ترفع إليه الخاصة بالزيادة المطردة في الوظائف وانخفاض معدلات البطالة. ولكن المخاوف الآن من حدوث تباطؤ اقتصادي، فضلاً عن الحروب التجارية المتصاعدة التي أشعلها الرئيس الأمريكي، تهدد بتقويض سعيه لفترة ولاية ثانية في البيت الأبيض.
ووفقاً لتقرير لصحيفة "الجارديان" البريطانية، فإن ترامب جعل يلمّع من المؤشرات الإيجابية المتعلقة بالقرارات الاقتصادية التي اتخذها من أجل قضيته الأساسية، وهي ولاية استقطابية أخرى في منصبه. لكن منذ أن انخفضت أسواق الأسهم بنحو 3٪ الأربعاء الماضي- وهي أكبر نسبة انخفاض في بورصة نيويورك "وول ستريت" هذا العام - شعر الرئيس بالقلق إزاء التأثير المحتمل لركود اقتصادي أمريكي خلال ولايته.
اقرأ أيضاً: أول تعليق من ترامب على انتخابات الرئاسة الأمريكية 2020
وقال "مايكل ستيل"، وهو مساعد سابق لرئيس مجلس النواب الأمريكي الأسبق "جون بوينر": "إن الاقتصاد مهم للغاية لإعادة انتخابه"، مضيفاً: "إن التعامل مع الاقتصاد، بشكل عام، هو القضية الوحيدة التي ينظر إليها بشكل إيجابي في الاستطلاعات، فلا توجد وسيلة لإثبات نجاح الإدارة التي لا تعتمد بشدة على اقتصاد قوي".
وذكر تقرير "الجارديان"، أن ترامب، ومنذ توليه منصبه، كان يروج بشكل روتيني لتوسع الاقتصاد الأمريكي الذي بدأ في عهد الرئيس السابق باراك أوباما واستمر إلى حد كبير تحت إدارته. ودافع عن طفرة اقتصادية في مئات التغريدات، حيث أعلن ترامب في خطابه عن حالة الاتحاد هذا العام: "تحدث معجزة اقتصادية في الولايات المتحدة".
وأضاف تقرير الصحيفة البريطانية أن الرئيس الأمريكي تجاهل، طوال الوقت، تحذيرات الاقتصاديين من احتمالات حرب تجارية عالمية، وسعى إلى استخدام التعريفات الجمركية كسلاح ضد الصين وحتى ضد حلفاء الولايات المتحدة التقليديين مثل كندا والاتحاد الأوروبي.
اقرأ أيضاً: بايدن يتقدم على منافسيه الديمقراطيين وترامب في استطلاع رأي جديد
وتابع التقرير أنه على الرغم من ادعاءات ترامب بالعكس، فإن هذه الممارسات التجارية قد ضخت الشكوك في الأسواق. ولا يتحمل وطأة تأثير تلك التعريفة التي فرضها ترامب على الواردات الصينية، في هذه الحالة، سوى القطاع الزراعي الأمريكي والمستهلكون الأمريكيون.
وقال محللون استراتيجيون جمهوريون، إنه إذا توتر الاقتصاد واستمرت الحرب التجارية، فإن طريق ترامب إلى النصر على مدار الـ14 شهرًا القادمة قد يكون مليئًا بالتحديات.
وقال أليكس كونانت، وهو عضو جمهوري خدم كمساعد رئيسي لحملة "ماركو روبيو" الرئاسية لعام 2016: "إن الكثير من الناخبين مستعدون لتجاوز التغريدات والفوضى، لأن الاقتصاد كان قوياً للغاية، لكن إذا كان الاقتصاد ضعيفًا، فسيكونون أقل تسامحًا بشأن شكل رئاستهم التي لا يحبونها".
اقرأ أيضاً: انتخابات 2020.. لماذا تقدم أكثر من 700 شخص بأوراقهم للترشح لرئاسة الولايات المتحدة؟
كشف استطلاع للرأي، أجري في وقت سابق من هذا العام، أن 56٪ من الأمريكيين وافقوا على التدابير الاقتصادية لترامب. وبدورهم، تشبث مستشاري البيت الأبيض بهذا النسبة الجديدة المرتفعة واعتبروها دلالة واضحة على شعبية ترامب الواسعة، والتي تحتل في المتوسط المرتبة الأدنى بين رؤساء أمريكا في التاريخ الحديث.
وقال "ميك مولفاني"، القائم بأعمال كبير موظفي البيت الأبيض، هذا العام: "سيصوت الناس لشخص لا يحبونه إذا اعتقدوا أنه جيد بالنسبة لهم"، في إشارة منه إلى السباق الرئاسي لعام 2020.
اقرأ أيضاً: أول مناظرة للمرشحين الديمقراطيين.. صور
وأضاف "مولفاني": "أنت تكره أن تبدو مثل كليشية، لكن هل أنت أفضل حالًا مما كنت عليه قبل أربع سنوات؟ إنها بسيطة جدا، أليس كذلك؟ إنه الاقتصاد. أعتقد أن هذا سهل".
وذكر تقرير الصحيفة البريطانية أن معظم الانتخابات الرئاسية الأمريكية ركزت على الاقتصاد، حيث ظل الناخبون يرتبون باستمرار قضايا مثل الوظائف كأولوية قصوى.
لقد أصر الديمقراطيون، الذين صاغوا بالفعل سباق عام 2020 كاستفتاء على ترامب، على أن التوسع الاقتصادي خلال فترة رئاسته قد استفاد منه، على نحو غير متكافئ، أغنى الأمريكيين.
وخلال حملته الانتخابية في نيو هامبشاير أول أمس الخميس، أكد ترامب أنه قاد تقدم اقتصادي غير مسبوق.
وقال ترامب في اجتماع حاشد في مانشستر: "ليس لديك خيار سوى التصويت لي، لأن خطة الـ 401 (ك)_ حساب المعاش الضريبي_ الخاصة بك، وكل شيء، سوف تنهار"، مضيفاً: "فسواء كنت تحبني أو تكرهني، عليك التصويت لصالحي".
ولكن تحت هذا المظهر الخارجي المتفائل، هناك علامات على أن الرئيس قلق بشأن تباطؤ اقتصادي يلوح في الأفق. حيث أعلن ترامب هذا الأسبوع عن تأجيل تطبيق التعريفة الجمركية على مجموعة واسعة من الواردات الصينية، مرجعاً ذلك إلى العواقب المحتملة على المتسوقين الأمريكيين خلال موسم الأعياد.
جاءت هذه الخطوة في الوقت الذي نشرت فيه هيئة التحرير المحافظة في صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية مقالة افتتاحية أخرى تنتقد السياسات التجارية لإدارة ترامب.
جاء فيها: "لم نفتأ نحذر لمدة عامين كاملين من أن الحروب التجارية لها عواقب اقتصادية، ولكن من وصفوا أنفسهم بالعرّافين بسياسة الحماية الإقتصادية أخبروا ترامب بعدم القلق. وورد أيضاً في المقال الافتتاحي أن الاقتصاد كان على ما يرام، وكل ما أثير بشأن المخاوف التجارية كان في غير محله.
وأضافوا: "إن مفتاح تجنب الأسوأ هو استعادة الشعور بالهدوء والثقة في السياسة. ووقف التهديدات التجارية على "تويتر". فضلاً عن طلب هدنة جمركية مع الصين وأوروبا وبقية العالم خلال استئناف المفاوضات".
واختتموا بقولهم: "يجب أن يقول شخص ما لترامب إن رؤساء عالم اليوم الذين يرأسون فترات ركود خلال عامين من فترة انتخابهم، نادراً ما يحصلون على ولاية ثانية".