تحمل قضية الاجتهاد الكثير من الأهمية لواقع المسلمين الذي شهد من الأمور المستحدثة ما لم يكن موجودا في عصر النبوة ولا العصور القريبة من بعده، ومن سوء حظ المسلمين أن القيود التي فرضها بعض علماء الدين على الاجتهاد قد ضيقت دائرة الاجتهاد وجعلته محصورا فعليا في أشخاص بعينهم، كما جعلت هذه القيود الاجتهاد محصورا في صنف من القضايا التي وصفها علماء الدين بأنها ظنية الدلالة ، ولكن هذا الاجتهاد له سوابق في عصر النبوة ؟ وهل الاجتهاد في عصر النبوة كان مسموحا به والنبى صلى الله عليه وسلم كان موجودا والوحي ينزل عليه من السماء؟ وهل أمر النبي صلى الله عليه وسلم الصحابة بالاجتهاد صراحة وهو موجود بينهم ؟
هل أذن النبى للصحابة بالاجتهاد وهو موجود بينهم والوحي ينزل من السماء ؟
جاء في صفحة 306 من كتاب التبصرة في أصول الفقه على مذهب الإمام أبي عبد الله محمد أبي إدارس الشافعي أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر سعد بن معاذ أن يحكم في بني قريضة باجتهاد والنبي صلى الله عليه وسلم كان حاضرا بين الصحابة والوحي ينزل له من السماء، كما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر عمر بن العاص أن يحكم بين نفسين ، على أنه من أصاب فله عشر حسنات، فقال عمرو بن العاص : يا رسول الله أجتهد وأنت حاضر؟ فقال نعم، فدل على جواز الاجتهاد في وجود النبي صلى الله عليه وسلم ، وهو ما يؤكد جواز الاجتهاد بعد أن توفى الله سبحانه وتعالى النبي ومرت كل هذه القرون على عصور النبوة