ملائكة على عرش الرحمة، خلقوا على الأرض بأجساد بشر، لا تحتاج إلى كشف أو أشعة أو تلك التحاليل لتكتشف أنهم مصابون بمتلازمة أو إعاقة ذهنية، تعرفهم بمجرد النظر إليهم، هيأهم الرحمن بأشكالهم المنيرة ونفوسهم الخالية من الخطايا، ووجوههم المستديرة ومساحة ذقنهم الصغيرة، وأصابعهم المتباعدة عن بعضها، و تعدد أشكالهم، ولكن تلك الأسباب كافية حتى نتعرف عليهم.
داخل قرى الريف التابعة لمركز مشتول بمحافظة الشرقية ترعرعت أسرة بسيطة، تشكلت من عامل على باب الله وربة أسرة من عائلة بسيطة الحال، رزقهم الله بأربعة أبناء، بعث الله لهم هديتين، يتهادوا بها على الأرض في ظل عرشه، " مصطفى.ر" شاب يبلغ من العمر 16 عامًا، اصطفاه الله بإعاقة ذهنية دون إخوته، لكنها لم تكن عائق له لتجنب البشر على الإطلاق، مارس حياته كأي إنسان لكن ببعض المعوقات الذهنية التي زادت حب أهالي القرية له وعطفهم عليه .
اقرأ أيضاً.. "جزء سفلي لسيدة بدون ملابس".. تفاصيل قصة العثور على أشلاء جثة ترعة المريوطية بالجيزة
يتردد إلى المحلات والصالونات بخطوة متناثرة نابعة من تباعد أصابع قدامه، التي كانت تميزه عن غيره، بعد الانتهاء من جولته التي دامت أكثر من ساعتين، ذهب كعادته إلى صالون الحلاقة، يتعامل مع الناس ببعض التلويحات الخاصة به، التي يفهمها القليل منهم، يتشاور ويمازح ويشارك الضحكات خلالها.
" ما يزيد عن الحد ينقلب ضد".. ينطبق هذا المثل على ما حدث مع مصطفى داخل صالون الحلاقة، مصطفى ما زال غير مدرك فعقله عقل طفل، كلمات تعالت معها أصوات الضحكات ثم هزار بالأيدي حتى تطور الأمر إلى الضرب، " بصفعة على وجهه، بينما يركله الثاني بالقدم في الظهر والبطن، ولآخر بضربه بلوح خشبي"، وسط صراخ الشاب من شدة الألم، والتصوير من باب الدعابة والتسلية من قبل 6 أشخاص بقيادة صاحب الصالون.
لكن تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن، فتلاعب أحدهم بنشر الفيديو على مواقع التواصل الاجتماعي، الذي تداوله بعض النشطاء معبرين عن استيائهم من الفيديو مطالبين الجهات الرسمية بسرعة اتخاذ الإجراءات القانونية، وبالفعل احتجزت النيابة العامة 6 من المتهمين بالتعدي على معاق الشرقية للتحقيق معهم بتهمة التعدي على مريض نفسي داخل صالون حلاقة.
فيما أصدر الدكتور ممدوح غراب محافظ الشرقية، قرارا بغلق محل الحلاقة بقرية كفر إبراش محل الواقعة وقطع المرافق عنه على إثر الاعتداء على الشاب المعاق ذهنيا، مما أثار الحفيظة على الموقف القانوني لمرتكبي الواقعة، وهو ما يستعرضه "أهل مصر" خلال السطور التالية:
قال أيمن محفوظ المحامي، أن المتهمين يكونوا قد ارتكبوا عدد من الجرائم المعاقب عليها قانونا بالحبس والغرامة، وأولهما جريمة الضرب المعاقب عليها بالمادة ٢٤٢ من قانون العقوبات، وجرائم التشهير وجرائم إساءة استعمال الإنترنت وكذلك جرائم السب والقذف المعاقب عليها بعقوبة الحبس والغرامة التي قد تصل إلى السجن ٣ سنوات، لأن الجناة هم شباب صغير السن ولم يكن قصدهم غير التسلية والمرح.
وأضاف محفوظ في تصريح لـ"أهل مصر"، أن القاضي يستخدم المادة ١٧ من قانون العقوَبات، فينزل بالعقوبة درجة وذلك استهلالا للرأفة مع صغر سنهم، ولكن الاستهانة بمشاعر البشر وخاصة ذوي الاحتياجات الخاصة قد يكَون عنصر مشدد لجرائم هؤلاء الجناة.
ولم تكن هذه الواقعة الأولى أو الفريدة من نوعها، فالعنف ضد ذوي الاحتياجات الخاصة ظاهرة مؤسفة خاصة إذا كان الضحية شخصاً ضعيفاً لا يملك حتى قوة الدفاع عن نفسه قد لا يرى المعتدي، قد لا يسمع خطواته عندما تقترب منه ربما لا يدرك فكرة الاعتداء.