تتداول كلمة "خلبوص" منذ عقود طويلة كلفظ يقوله الشعب المصري للشخص الناصح أو "مقطع السمكة وديلها" فينتابه الشعور بالفخر وينتشي كأنه متميزا فيما يفعل عن غيره أو يُدرك الأمور أكثر منهم ويعي أمور الحياة، أو الشخص الذي تُحاط به النساء كدليل رجولة لديه مثلا، جميعها معاني يتدراكها المجتمع كمعنى للخلبوص.
ولكن على العكس، لم تكن الكلمة دليل رجولة وفحولة أو نصاحة كما يُعتقد، بل أنها كلمة غير لائقة حتى تُقال لرجل ولا يتوقع معناها أحد.. فـ "الخلبوص" لفظ له أصل ودلالة في التاريخ، وهو "صبي العالمة".
أصل كلمة خلبوص
دُونت القصة فى بداية القرن الـ 18 حيث كان صبي “الغازية” شخص أجرودي - أي رجل أملس بدون شعر في جسمه وكان يرتدي ملابس الراقصة أو "الغازية" ويضرب على الصاجات، ويفعل مثل حركاتها في تقليد مُبتذل لحركاتها، ويهرج ويغمز لأي شخص ويهمس بشكل إباحى ومستفز، وضمن أعماله أنه يقوم بتهيئة الجو و"القاعدة" للمزاج، وفي الغالب كان له جملة شهيرة يرددها ليحمى الغازية من الحسد "4 و1 عليكى يا أبلتى".. حسب ما نشره دكتور التاريخ أحمد الدندراوي على صفتحه الشخصية.
لم يمر الأمر لشدة لفته للانتباه، حتى دوّن عنه علماء الحملة الفرنسية تاريخيا، وقالوا عنه "الخلبوص مهرج يقوم بأوضاع بالغة الفحش وبحركات وقحة تواكب حركات الغازية.. بدأ ببدلة رقص من سنين طويلة وبعدها لبس الجلابية الضيقة، ومع الزمن والتطور واكب الموضة ولبس البدلة والكرفتة.. أشهر الخلابيص كان تركى اسمه عبد الله رقص 40 ليلة فى احتفالات أفراح أنجال الخديوى إسماعيل، وشهرته نافست الحامولى وألمظ وساكنة بك.
كان للسينما دور في تجسيد شخصية "الخلبوص" ولكن ليس بشكلها القديم، لم يكن هذا فقط، بل أنه في بدايات افتتاح دور العرض السينمائية في مصر قبل قرن من الزمن، جلبوا "الخلابيص" ليروجوا للأفلام وقطعوا تذاكر على أساس أن لديهم موهبة فى الجذب، أما مُخرجي السينما قدموا هذه الشخصية اللافتة من خلال أفلام شفيقة ومتولى وسيد درويش والراقصة والسياسى وأظهر كل فيلم مرحلة زمنية معينة فى تطور الخلبوص ولكن دون ذكر اسم مهنته سوى "صبي العالمة".