تباينت ردود الأفعال بشأن محاولة الانقلاب الفاشلة، التي وقعت في تركيا الأسبوع الماضي، بين مشكك في صحة الانقلاب وتورط الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بنفسه وقيامه بالتخطيط للانقلاب، وذلك لتصفية والقضاء على معارضيه، وبين من يرى أن المحاولة الانقلابية هي محاولة حقيقية وكادت بالفعل أن تطيح الرئيس التركي وحكومته.
وبالاختلاف أو الاتفاق مع أي من الرأيين تبقى حقيقة واحدة، وهي ان الرئيس التركي هو الرابح الوحيد من تلك المحاولة، خاصة على المستوى الداخلي.
حيث وصف رجب طيب أردوغان، هذه المحاولة التي شهدتها تركيا بأنها «هدية من الله» في إشارة إلى إنها ستخلصه من الكثير والكثير من الذين لا يدعمون حكمه ويعارضونه، في عدة مؤسسات من أبرزها الجيش والقضاء وفي الحكومة أيضا.
ونستعرض هذه المؤسسات..
1 - الإحاطة بقيادات الجيش المعارضة لحكمه
منذ عدة سنوات وظهرت مؤشرات داخل اعشاء الجيش التركي بأن هناك توسيع لحجم المناهضون لسياسة أردوغان الذي يسعى إلى السيطرة بشكل كبير على المؤسسة العسكرية، وظهر ذلك في اعتراض البعض على توغل الجيش التركي في الموصل العراقية، كما أتضح ذلك ايضًا بعد اسقاط تركيا للطائرة العسكرية الروسية، عندما قالت مصادر عسكرية تركية بأن الرئاسة تريد اقحام الجيش التركي في معركة مع روسيا ليس لها مبرر.
وفي السياق ذاته يقول مراقبون أن كل هذه الخلافات التي تبين مدي كثرة عدد المعارضين لسياسة رجب طيب أردوغان في الجيش التركي، بانه سيسعى بعد فشل الانقلاب العسكري إلى بترهم والتخلص منهم والاستغناء عن خدماتهم، ووصل الأمر الى هذا بالفعل وعلاوة على ذلك تم اعتقال البعض وملاحقة الأخر، حيث قال أردوغان بعد ساعات من محاولة الانقلاب أنها فرصة غنيمة يجب استغلالها لتطهير الجيش، مشيرا الى أن هذا الانقلاب هو هدية قيمة من الله لنا، للإقامة عملية تطهير شامة للجيش.
وفي هذه الناحية قام رجب طيب أردوغان الإطاحة بـ 103 من أدميرالات وجنرالات بالجي التركي، كما اعتقلت قوات الشرطة أكثر من 3000 عسكري على في أعقاب المحاولة الانقلابية، وتشير بأن هذه الخطوة لم تكن ستتم إلا بعد تلك المحاولة الفاشلة.
2 - القضاء على قائد الانقلاب «كولن»
ما زات الحكومة التركية تردد اتهامات لـ «للكيان الموازي»، والذي يعرف ارتباطه بالقائد «بفتح الله كولن»، المتهم الأول بتدبير محاولة الانقلاب العسكري، وذلك على خلفية عداءه الشديد الرئيس التركي، وحزبه الحاكم العدالة والتنمية، بعد المحاولة الانقلابية، وعلى نفس النحو طلب رئيس الوزراء التركي، بن علي لدريم، الولايات المتحدة بتسليم قائد الانقلاب " فتح الله كولن " متوعدا لأي دولة تقف إلى جانبه فإنها لن تكون صديقة لدولتنا تركيا وستعتبرها في حالة حرب معها.
وفي نفس السياق، لم تكن هناك فرصة أفضل مثل هذه لحكومة في الفترة الراهنة للقضاء على أنصار «كولن» بكل أعضائها ومواليها في تركيا، فتعهد القائم بأعمال رئيس هيئة الأركان التركية، أوميت دوندار، أن قوات الجيش التركي عازمة على التخلص من مؤيدين حركة " الكيان الموازي " والإطاحة بهم من مناصبهم في المؤسسات التركية.
3 - الهيمنة على القضاء
عزلت الحكومة التركية 5 من أعضاء مجلس المحكمة العليا في تركيا، بعد يوم واحد فقط من المحاولة الانقلابية الفاشلة في خطوة وصفت بعملية التطهير الشامل للقضاء.
حيث جاء ذلك بعد أيام من معركة كانت بدأت بين القضاء والحكومة التركية بعد نقل المدعي مندريس أريجان، من إقليم في الغرب إلى موقع ليس لديه أي أهمية في الشرق، وعلى ذلك النحو قامت نقابة القضاء في تركيا باتهامها لأردوغان، بعزل والاطاحة بخصومه الذين لا دخل لهم في الانقلاب في الأساس، ولكنهم يختلفون معه في الرأي، مشيرا الى أن الرئيس التركي يريد أنه يريد ان يضع يديه على المحاكم في نفس الوقت الذي يسعى لإجراء تعديلات دستورية تدعم سلطاته ضمن نظامه الرئاسي.
4 - إعدام المعارضين
أكد بن علي يلدرم، رئيس الوزراء التركي، على أن حكومته ستطرح على البرلمان مقترح لتعديل العقوبات المتعلقة بالانقلاب العسكري لتشمل الإعدام، وأوضح يلدريم في مؤتمر صحفي بمقر الحكومة في العاصمة أنقرة إن عقوبة الإعدام ليس لها وجود في الدستور، لكن السلطات التركية، ولكن سيتم تعديل ذلك القانون لضمان عدم تكرار ما شاهدته تركيا من أحداث في الفترة الأخيرة.
ولكن تلك السياسات التي استطاع أردوغان ان يكتسبها والتي يستخدمها حاليا مع المواليين لتلك للمحاولة الانقلابية، سواء كانوا من الجيش أو مجلس الوزراء والحكومة أو حتى الشعب، ستدفع ثمنا غاليا أيضا اذا استمر بذلك التعامل الغير خلاق وتلك السياسات التي لا يوجد بها أي نوع من أنواع حقوق الانسان وحتى الأساسية سواء كانت حتى القانونية والدستورية أو الديموقراطية الذي يدعي أنها موجوده بدولته، فبعد كل هذا هل سيكون أردوغان السلطان الأعظم ويحقق حلمه الأبدي ويرجع بالزمن الي الوراء ليعيد امجاد الدولة العثمانية بعد فشل ذلك الانقلاب.
5 – العلاقات مع أمريكا
أعلنت مسئولة السياسة الخارجية باتحاد اﻷوروبي، فيديريكا موجيريني، خلال مؤتمر صحفي في العاصمة بروكسل مع وزير الخارجية الأمريكي جون كيري، اليوم الإثنين، أنه إذا طبقت تركيا حكم اﻹعدام، في المقبوض عليهم، بتهمة تأييد وتنفيذ محاولة الانقلاب العسكري الفاشل، سيتم رفضها ومنعها من دخول اتحاد.
وأوضحت موجيريني، في كلمتها خلال المؤتمر، أن محاولة الانقلاب ليست مبررا لأن تتنكر تركيا لحكم القانون، مشيرة إلى أنه يجب على السلطات التركية احترام الحقوق الدستورية والأساسية، حيث شددت على الالتزام بالإعلان العالمي لحقوق الإنسان، بشأن احتمال إعادتها عقوبة الإعدام.
كما أكد جون كيري، وزير الخارجية الأمريكي التزام تركيا باحترام الحقوق الدستورية والإنسانية للمواطنين، وعدم التمادي في فرض النظام بالعقوبات المشددة على مؤيدين الانقلاب.
وأشار أيضا، إلى أن الانقلاب ليس مبررًا للسلطات التركية على عدم الالتزام بحكم القانون، مضيفا أن عضوية حلف الناتو، التي تتمتع بها تركيا، تتطلب احترام الديمقراطية.