تهادت الزوجة بخطوات مثقلة داخل محكمة الأسرة بالمعادي، تحدق بنظراتها في جميع ما حولها، ينتابها صمت رهيب وشرود تام مما أقدمت عليه بعد تلك السنوات، ووسط جمر قلبها الذى تناثر على وجهها تحجرت دموعها، لتبدو كما لو أنه ليس في الدنيا كلها من هى أشد منها حزنا.
الساعة تتحرك ببطء، والوقت يمضي متثاقلا عليها، فداخل رأسها المسحوقة مما سمعت تتهاوى الذكريات التى باتت لا تفارقها حتى تهأيت لها فى صور مطبوعة فى خيالها، تنتظر جلسة دعوى نفقة صغارها وتحمل رقم ٤٥٦٣ لسنة ٢٠١٩، أقدم صوت الحاجب يفيق كل حضور الجلسة، لتقف هى معلنة وقوف عداد أفكارها، للدخول أمام أعضاء هيئة تسوية المنازعات، هرولت مسرعة كسمكة غادرت حوض أسرها لتغوص فى أعماق البحر.
جلست فوق المقعد وباتت تنظر فى شرود ترسل النظرات فى دهشة فاقدة للنطق، تهمس ببعض الحروف لتبدو كأنها تتحدث لكنها كانت مجرد تحريك للشفاه، تمالكت نفسها وجمعت بها ما بقى من قوة لترسل للهيئة كلمات باتت كالسهم المنطلق من رمح ضاقت عليه حدقة عين الرامي، قائلة: "تزوجت من جارى "إبراهيم.ح" مدير مالي بشركة أوراق مالية عقب قصة حب استمرت 3 سنوات وزواج دام 10 سنوات تحملت خلالها الكثير من الأذى النفسي نظرا لسلوك زوجي المنحرف".
تملكها بعض الشرود كأنها تسترجع ذكرياتها من دفاتر تراكمت عليها حزمة من جمر الدموع، لترجع وتتابع حديثها في دهشة وكأنها في حلم: "منذ ٣ سنوات لاحظت بعض السلوكيات الخاطئة في تصرفات أبنائي، وبسؤالهم اكتشفت أنهم يشاهدون أفلاما إباحية مع والدهم، وبمواجهته اعترف قائلا "ولادي وأنا حر فيهم.. ملكيش دعوة" مما اضطرني إلى أخذ أبنائي وترك منزل الزوجية ورفع دعوى خلع حملت رقم ٧٨٥٤ لسنة ٢٠١٦".
اقرأ أيضا: سهير فى دعوى الخلع: بيحطلي منوم ويجيب عاهرات البيت
ابتلعتني الدهشة عندما وردني إخطار من المحكمة يحمل رقم ١٣٩٢٦ لسنة ٢٠١٦ يتهمنى طليقى من خلاله بسرقة سيارته من أمام منزل الزوجية، ومستشهدًا بأقوال بعض شهود الزور خوفا من افتضاح أمره، وتم حفظ البلاغ عقب سماع أقوالي حيث أثبتت براءتي من الاتهام الذي وجهه لي بسرقة السيارة، وأنه اتهام كيدي كرد على دعوى الخلع وسببها المشين، كما أنني مازلت على ذمته وأن حياتنا الزوجية قائمة رغم دعوى الخلع".
وبصوت متحشرج اختتمت الزوجة حديثها: "عقب حكم الخلع رفض الإنفاق على أبنائه، وأخبرني بذات الصيغة "مش انتي اختارتي سكة المحاكم كملي فيها بقى، مما اضطرني إلى رفع دعوى نفقة صغاري".