مع اقتراب فصل الشتاء، يقف أهالي قرية "قشوع" التابعة لحي العامرية أول بغرب الإسكندرية، مكتوفي الأيدي في انتظار "رصاصة الرحمة" من المسؤولين بالمحافظة، حتى لا تتكرر كارثة غرق منازلهم بمياه الأمطار والصرف الصحي التي وقعت في الشتاء الماضي وأدت إلى إتلاف ممتلكاتهم وكادت أن تزهق أرواحهم خاصة الأطفال وكبار السن، والتي لم يستفيق المسؤولون حينها إلا بعد مرور قرابة الـ 3 أيام من وقوع الكارثة، بعد أن رصدت "أهل مصر" استغاثات المواطنين ومعاناتهم.
حالة من القلق والخوف تسيطر على أهالي القرية في الوقت الحالي حيث يطاردهم شبح الغرق من جديد، الأزمة مازالت مستمرة وهناك تقاعس تام من جانب قياداتهم التنفيذية عن حل مشكلتهم والتي تكمن في استكمال مشروع الصرف الصحي بالقرية المتوقف، لرفع المعاناة عن الأهالي التي استمرت قرابة الـ30 عامًا بسبب عدم وجود شبكة صرف صحي واعتمادهم علي بيارات بدائية تتسبب في انتشار المياه أسفل المنازل وفي الشوارع، وفي الشتاء يؤدي اختلاط مياه الأمطار بالصرف الصحي إلى غرق منازلهم نتيجة ارتفاع منسوب المياه.
الحاجة أم رفعت، سيدة في السبعينيات من عمرها، إحدي سكان القرية، قالت إن الأهالي قد انتشلوها من مياه الأمطار والصرف الصحي خلال غرق القرية في الشتاء الماضي، وقد أُصيبت بكسرٍ ورفضت سيارة الإسعاف النزول إلى القرية ونقلها، "تعرضت للكسر والإسعاف رفضت تنزل تنقلني، واتمرمط آخر مرمطة.. أنا بناشد الرئيس السيسي ينقذنا، إحنا عايشين في وسط مياه الصرف الصحي والشتاء قرب وهنغرقوا تاني زي ما حصل قبل كده هنروحوا فين!!".
وتضيف أم شعبان، إحدي السيدات من أهالي القرية: "مفيش مسؤول بينزل القرية واحنا تعبنا ومعانا أطفال أصيبوا بميكروبات بسبب انتشار مياه الصرف الصحي، ولكي نذهبوا لمستشفي العامرية للعلاج بيكلفنا مصاريف لا نقوى عليها، ومياه الأبيار داخلة علينا البيوت بسبب ارتدادها نتيجة وجود منزل مخالف تم بناؤه في منتصف الشارع ويحول دون مرور مياه الصرف وتصريفها، نفسي الشارع يتم فتحه إحنا تعبنا مش عارفين نعمل إيه ونروح فين، الناس تركت منازلها وغادرت لكن إحنا هنروحوا فين مالناش مكان تاني.. اللي إحنا فيه ما يرضيش حد.. إحنا عايشين في مصرف ده غير الريحة الكريهة".
أما حسين عبد المنجي، أحد الأهالي، فيقول إن المشكلة مازالت قائمة منذ وقوع كارثة غرق القرية في السيول في الشتاء الماضي والحي حتى الآن لم يُحرك ساكنًا، والأهالي يعيشون في حالة من الخوف والرعب مع اقتراب فصل الشتاء، وعندما يتم مطالبة الحي بإرسال سيارات لشفط المياه التي تحاصر المنازل وتغرقها يكون الرد "إحنا مش هنضحي بالمعدات علشان خاطر الأهالي" فهل المعدات أهم من حياة الأهالي!!، مضيفًا أن هناك سيارة شفط واحدة فقط تقوم بشفط المياه بمحيط الكنيسة والمسجد بالقرية من الخلف أما المنازل بالمنطقة الغارقة في مياه الصرف الصحي يرفضون النزول لشفط المياه.
ويُضيف عبد المنجي، أن الأهالي قاموا بإحضار "ردم" على حسابهم ووضعه أمام المنازل خشية تكرار غرق منازلهم بمياه الأمطار لقرب موسم الشتاء، ولم يتحرك أحد من مسؤولي الحي لإنقاذهم منذ أن غرقت القرية في السيول الشتاء الماضي، مشيرًا إلى أن لجنة من حي العامرية أول برئاسة سكرتير عام الحي كانت قد جاءت إلى القرية منذ قرابة 3 أشهر للمعاينة وطلبت مهندسة بالحي تُدعي "بسنت" إحضار جواب من الجهاز التنفيذي لمشروعات الصرف الصحي مذكور فيه بأن المنزل المخالف المبني بالشارع يعيق استكمال مشروع الصرف الصحي، وبالفعل تم إرسال جواب رسمي من الجهاز التنفيذي لمشروعات الصرف الصحي برئاسة المهندس إبراهيم حافظ، ولكن في النهاية لم يحدث شئ.
فيما يُشير محمد البنداري، أحد المواطنين، إلي أنه تم عمل مذكرة إلى الدكتور عبد العزيز قنصوة، محافظ الإسكندرية، بخصوص عدم استكمال مشروع الصرف الصحي بالقرية، كما تم التقدم بمذكرة أخرى لسكرتير عام المحافظة وتم إحالة المذكرة إلي اللواء محمود نافع رئيس شركة الصرف الصحي، وإلى اللواء سمير صدقي رئيس حي العامرية أول ،ولكن في النهاية دون جدي وذلك علي الرغم من مناشدات أهالي القرية إلي كافة المسؤولين بالمحافظة منذ بداية فصل الصيف بدءً من محافظ الإسكندرية مرورًا بالمهندس إبراهيم حافظ رئيس الجهاز التنفيذي لمشروعات الصرف الصحي بالمحافظة ورؤساء حي العامرية أول المتتاليين، وطرقوا جميع أبواب المسؤولين المعنيين ولم يُحرك أحدًا ساكنًا.
وأوضح البنداري، أن سبب توقف استكمال المشروع وفقا لتقرير لجنة المتابعة والرقابة التي كلفها المحافظ بعمل متابعة للمشكلة، هو وجود منزل مخالف يقطع الشارع ويغلقه ويحول بين استكمال المشروع، وقد أوصت اللجنة بإزالة هذا المنزل للمنفعة العامة وتعويض مالك المنزل، وحتي الآن لم يتم تنفيذ الإزالة من قِبل رئيس حي العامرية أول الحالي ورؤساء الحي السابقين بحجة أنه يجب إحضار تأشيرة من المحافظ بقرار الإزالة، مضيفًا أنه قام بإرسال أكثر من مذكرة للمحافظ للتأشير عليها بتنفيذ قرار إزالة المنزل المخالف ولكن لم يتم التأشير عليهم حتى الآن.
وأضاف أنه تقدم أيَا بطلب منذ قرابة شهرين إلى مكتب محافظ الإسكندرية لتحديد موعد لمقابلته لعرض عليه وتوضيح موقف ومشكلة القرية ولم يستطع مقابلته حتي الآن، لافتًا إلي أن لجنة من حي العامرية أول برئاسة سكرتير عام الحي كانت قد جاءت إلي القرية الأمر على طبيعته بناءً على طلب من الأهالي، وقامت اللجنة بمعاينة المنزل المخالف المتسبب في الأزمة ولكن لم يتم اتخاذ أي إجراء.
وتابع أن الأهالي يعانون أيضًا أشد المعاناه بسبب ارتفاع تكلفة شفط مياه الصرف الصحي من "الأبيار" حيث ارتفعت تكلفة شفط مياه "البير" الواحد من 26 جنيه منذ عامين وأصبحت التكلفة الآن 206 جنيه، الأمر الأمر الذي يؤدي إلي عدم شفط الأبيار لعجز الأهالي عن دفع هذا المبلغ حيث من المفترض أن يتم شفط المياه 4 مرات علي مدار الشهر أي بتكلفة تتعدى الـ 800 جنيه ويمثل ذلك عبئًا كبيرًا عليهم نظرًا لظروفهم المعيشية الصعبة، وتم التقدم بمذكرة إلي سكرتير عام المحافظة لتخفيض تكلفة شفط البير إلى 50% ولكن لم يوافق السكرتير العام حتى الآن على الطلب، وتم إحالة المذكرة إلي رئيس الحي ورئيس شركة الصرف الصحي ولم يتم اتخاذ أي إجراء بشأنها حتى تاريخه، وهناك العديد من المشكلات بين الأهالي وبعضهم البعض بسبب طفح الأبيار وانحدارها إلي المنازل المتواجدة في الأماكن المنخفضة من القرية.