شهدت البورصة المصرية خلال الفترة الماضية اتجاه قوي ناحية قطاع العقارات في الوقت الذي تراجع فيه قطاعي البنوك والاتصالات، حيث تتجه الآنظار تجاه تنويع الأسهم داخل البورصة لتفادي غياب السيولة، ومحاولة لزيادة الإقبال على القطاعات الأكثر تأثيرًا داخل السوق.
وكشف خبراء أسواق المال، عن الإقبال نحو القطاع العقاري خلال المرحلة الماضية داخل البورصة، وسحب البساط من قطاع البنوك رويدًا رويدًا، وذلك لعدة أسباب، نستعرضها في متن التقرير التالي:
قالت حنان رمسيس، خبيرة أسواق المال، إن عدد الشركات المقيدة في البورصة تبلغ 227 ورقة مالية، ولتسهيل حركة التداول قسمت البورصة الشركات إلي قطاعات تتعلق بنشاط عملها، مما يتيح الفرصة لتجميع الشركات المتشابة في نفس النشاط، لإتاحة الفرصة أمام المتعاملين للمقارنة واختيار ضخ الاستثمارت في القطاعات الأكثر تأثيرًا.
وأضافت «رمسيس»، في تصريحات خاصة لـ«أهل مصر»، أن القطاعات مقسمة بين مرافق، وإعلام، غاز بترول، عقارات، بنوك، أغذية ومشروبات، سياحة وترفية، يمثلون أكثر من 14قطاع، مشيره إلي أن القطاعات تقود تبادل أدوار الأسهم الأعلي تنفيذًا والأعلي تغاير في السعر، وكان قطاع الاتصالات في إحدي الفترات هو قاطرة الارتفاعات، والأكثر استحواذًا علي التداولات، لكن بعد خروج موبينيل وتحولها لـ«أورنج»، وكذلك بعد خروج جلوبال تليكوم أصبحت المقارنة محتدمة بين البنوك والعقارات.
وأوضحت، أن الكثير من المحللين والمتابعين للسوق يرون أت القطاع العقاري سيكون هو قائد القطاعات في الفترة القادمة لسببين؛ تنوع الأسهم المقيدة في هذا القطاع، والتنوع بين شركات قطاع الأعمال العام، والتي ستطرح حصص فيما بعد ضمن برنامج الطروحات الحكومية كـ«مدينة نصر»، وبين شركات القطاع الخاص، والتي لديها خطط طموحة للنمو والتميز، مثل «بالم هيلز»، والشركات المتواجدة في هذا القطاع تفوق الـ8 شركات وأكثر التابعة لوزارة قطاع الأعمال العام، ومعظمهم مقيدين بين المؤشر الرئيسي للبورصة والمؤشر السبعيني، وهو ما يتيح الفرصة لمتابعة الأسهم وتأثيرها في المؤشرات المختلفة، مما يتيح الفرصة لاتخاذ قرار استثماري سليم، ونجد أن بعد تخفيض المركزي لسعر الفائدة وإتباع سياسة مالية تيسرية ستتأثر الشركات بالإيجاب، خاصة التي تعتمد علي الرافعة التمويلية التي تتمثل في القروض لتسير أعمالها من استكمال البناء واستكمال خطط التنمية والتطوير، وكذلك إتاحة الفرصة للعملاء علي التقسيط والتعاون مع البنوك في تمويل الوحدات من خلال وجود البنك كطرف ثالث بين الشركة والعميل، مما يساعد في إنقاذ سوق العقارات من فقعة الركود، ويسهل العمل ويحقيق عوائد استثمارية عالية، بل ويساهم في استقرار الأسعار وعدم انهيارها، حيث أن معظم الأزمات والركود العالمي، عادة ما تُسبب أزمات في القطاع العقاري مثل أزمة الرهن العقاري 2008، والتي أطلق عليها الأزمة المالية، والتي أدت لإنهيار العديد من البورصات العالمية.
وأشارت إلي أن تنشيط قطاع العقارات يؤدي لتنشيط قطاعات تابعة؛ كالمواد الأساسية، التشيد والبناء، أما قطاع البنوك بسبب اعتماده علي سهم أو سهمين، وبسبب أن التجاري الدولي صاحب أكبر وزن نسبي في «المؤشر 30»، وبسبب عدم تفضيل بعض المستثمرين الاستثمار في هذا القطاع بسبب الثقافة الدينية والحرمانية في بعض الأحيان، وهو ما يتبعه التوجه ناحية الاستثمار في قطاع العقارات، حيث أن مدخرات القطاع يتم الاستثمار بهل في أوجه استثمارات مختلفة، عبر سياسة تيسيرية تتيح له فرصة التوسع في الإقراض وباقي الأنشطة المالية، فهو ليس قطاع تابع بل قطاع مؤثر، ولكن الترتبب في البورصة يختلف عن الترتيب في الاقتصاد الكلي، والمهم أنه من المتوقع أن تعم المصلحة علي الأسهم والبورصة عن طريق تنشيط الاستثمارات والتداولات.
من جانبه قال محمد عبد الهادي، خبير أسواق المال، إن البورصة المصرية منذ قرار تحرير سعر الصرف اتجه العديد من المستثمرين بأموالهم للبنوك، نظرًا لارتفاع قيمه الفائدة لـ٢٠%، ما رفع إيداعات البنوك لـ٤ تريليون جنيه، إلا أنها لم يستغل منها سوي ١.٨ تريليون جنيه، ما رفع تكلفة الدين علي الموازنة العامة للدولة، مضيفًا أن ما نتج عنه زيادة في مشروعات البنوك، وارتفاع أنشطة الإقراض والاقتراض وحركة النشاط بالبنوك، وارتفعت معها أرباح البنوك، وهو الأمر الذي جذب المستثمرين لهذا القطاع، ولكن مع الخفض المتدرج لأسعار الفائدة اتجهت الأنظار نحو القطاع العقاري، والذي يعد أكثر استفادة من خفض الفائدة، ما يجعل العديد من المحللين التوقع باحتلاله نصيب الأسد خلال المرحلة المقبلة.
ويقول، سيد أبو حليمة، المحلل المالي، إن هناك العديد من الأسباب وراء اتجاه المستثمرين للاستثمار العقاري، والتي من بينها أنه أكثر المجالات الآمنة لوضع الأموال الاستثمارية به، لتحسين الأوضاع المادية والمعيشية، كما أنه يتسم بالأمان عكس التجارة في البضائع التي قد تتعرض للتلف أو للتغيرات في القيم السوقية، بجانب أنه يتسم بالاستقرار التام، عكس الصناعة التي تخضع لقوانين استثمارية متغيرة وتغيرات في الأسعار بشكل مستمر.
وأضاف « أبو حليمة» في تصريحات خاصة لـ«أهل مصر»، أن المستثمر في سوق العقارات يمكن أن يحصل على دخل ثابت شهريًا عن طريق تأجير الوحدة العقارية لأي شخص، مقابل القيمة الإيجارية، والتي من الممكن أن تكون أكبر من قيمة للفائدة في حالة إيداع رأس المال في صورة ودائع لدى البنوك دون أي تأثير على قيمة الأصول العقارية التي بدأ بها الاستثمار، ومن ثم تبقي أصول رأس المال كما هي ولا تمس، ويمكن استراجع المبلغ الذي بدأ به عن طريق البيع في أي وقت، كما أنه يتم التملك في السوق العقاري لكبار المستثمرين ليس للرفاهية والمظاهر، بل يكون تمهيدًا لأعمالهم وأنشطتهم الاستثمارية في التجارة والصناعة، فهناك دول تٌقدم تشجيع كبير لكبار المستثمرين في القطاع من خلال تقديم حوافز وتسهيلات بشرط الإقامة الدائمة، بل وهناك دول في العالم تمنح الجنسية لرجل الأعمال بشرط إمتلاك عقار في الدولة كمحل إقامة دائم.
وأوضح، أن من أهم مميزات الاستثمار في السوق العقاري هو إمكانية استخدام العقارات كضمانة مالية موثوقة من خلال رهن العقار، لتسهيل الحصول علي تسهيلات مالية وتمويلية، فمن خلال تقديم أوراق الملكية العقارية يمكن الحصول على قروض وتمويلات بنكية، مشيرًا إلي أن القيمة السوقية للأصول العقارية تبقى ثابتة حتى في حالة إنهيار العملة المحلية أو حالة الانهيارات أو الأزمات العالمية، بل ترتفع القيمة السعرية للعقار، ما يضمن عدم تأثر رأس المال بأى خسارة نتيجة التضخم.
وأكد أن سوق الاستثمار العقاري هو المجال المثالي للاستثمار، خصوصًا للأشخاص الذين لا يريدون المجازفة برؤوس أموالهم، حيث أنه يعد الاختيار الأول للمستثمرين المبتدئين والصغار في القطاع، موضحًا أنه أكثر أمانًا لتحويل الأرصدة لعملات أجنبية كالدولار الأمريكي أو اليورو، ولا يوجد به أي مخاطرة محتملة قد تصيب رأس المال بسبب التضخم الاقتصادي.
وقال وليد هلال، المحلل الفني للبورصة المصرية، إن خفض سعر الفائدة بمعدل 150 نقطة أساس يعد قرارًا مصيريًا، وقبلة حياة للقطاع العقاري في البورصة المصرية، خاصة بعد سيطرة قطاع البنوك فى السنوات الماضية على استقطاب رؤوس الأموال لصالح الشهادات المختلفة، والتي من بينها شهادات قناة السويس.
وأضاف «هلال» في تصريحات خاصة لـ«أهل مصر»، أنه نتيجة لسداد مستحقات شهادات قناة السويس خلال الشهر القادم، وتراجع أسعار الفائدة، من المتوقع عودة السيولة أو جزءًا كبيرًا منها للاستثمار في القطاع العقاري.