سيطرة الطاقم الإدارى القديم على مفاصل المنظومة مع تغيير المسميات وتبديل الوظائف
شبهة وجود موردين بأعينهم للأجهزة والأدوية وتكهين أجهزة صالحة دون وجود لجان فنية من خارج الوزارة
سيطرة خريجى معهد فنى صحى وأطباء خارج التخصص
التلاعب فى التعيين لجميع الفئات وإحلال الواسطة والمحسوبية ومن لهم علاقات شخصية بالمكتب الفنى للوزيرة
عدم اقتصار الأمر على البورسعيدية فقط فى فئات معينة
سيطرة المكتب الفنى للوزيرة على مجريات الأمور رغم نقص الخبرة الشديد
سيطرة مستشارى الوزيرة من الأساتذة المتفرغين أو المستشارين بمسميات ليس لها علاقة بمهنة الطب
المنظومة لن تنجح إلا بتطبيق بروتوكولات تعاون حقيقية مع كليات الطب والمستشفيات الخاصة
فائدة التجريب أنه كشف وجود عجز في التخصصات.. وضرورة الرقابة الدائمة على المستشفيات
كتبت- فكرية محسن:
أثارت منظومة التأمين الصحي الشامل الجديد قضية جدلية شائكة، بعد تجربتها في محافظة بورسعيد، الثغر الساحلى الهادئ الأقل كثافة سكانية بين جميع المحافظات قبل انطلاقها الفعلي بالمحافظات، حيث شهد البث التجريبي العديد من المعوقات والمشاكل، التي يتوجب حلها؛ حتى يتحقق النجاح المأمول، الذي أراده الرئيس عبد الفتاح السيسي؛ وينعكس على المواطن بشكل ملموس.
وتهدف المنظومة إلى تقديم خدمة طبية ذات جودة عالية لجميع فئات المجتمع دون تمييز، بحيث يكون نظاما تكافليا اجتماعيا بمشاركة جميع أفراد المجتمع، على أن تتكفل الدولة بغير القادرين، كما يسهم التأمين الصحي الشامل فى تقليل الإنفاق الشخصى وتسعير الخدمات الطبية بطريقة عادلة، مع إتاحة حرية المؤمن عليه فى اختيار مقدمى الخدمة، وتحمل الدولة تكاليف الخدمات الوقائية وتنظيم الأسرة والطوارئ..
كل هذا كلام رائع، ولكن ما حدث في بورسعيد فترة التجريب كان شيئًا آخر، وهو ما رصدته "أهل مصر"؛ في سعيها لعرض التجربة وتقييمها وتقديمها، بما لها وما عليها.
كشف مصدر، رفض ذكر اسمه، وجود عيوب كثيرة في منظومة التأمين الصحي الشامل الجديد، خلال فترة التشغيل التجريبي بالمحافظة، تتمثل في سوء التنظيم أو البدء في تدشين منظومة جديدة دون توفير مثلث العلاج: الطاقم الطبى (الطبيب والتمريض) والدواء والجهاز، وعدم وضع حلول لأصحاب المعاشات والعلاج الشهري ونقص عدد الأطباء، متسائلا عن كيفية خصم مبالغ مالية من المواطنين دون تقديم الخدمة الصحية وعن وجود أماكن كثيرة غير معروف هل تتبع المنظومة الجديدة أم خارجها، كما أن أيقونة المنظومة الجديدة وهم أطباء الأسرة عددهم لا يكفي عدد المواطنين في بورسعيد، وفي نفس الوقت تم تحويل تخصصات أخرى إلى طب الأسرة كالتحاليل والعلاج الطبيعى والجلدية وغيرها لسد عجز نقص الأطباء بمجرد سفرهم لمدة أسبوعين للملكة المتحدة دون الحصول على أول مؤهل وهو ماجستير طب الأسرة رغم وجود تجربة رائدة له فى جامعة قناة السويس، ووجود أعضاء هيئة تدريس وهيئة معاونة لا يشق لهم غبار.
وأوضح المصدر أن عدد الصيادلة فى المنظومة الجديدة يفوق عدد الأطباء البشريين والتى يجب أن تدار بطبيب بشرى وصيدلي وممرضة وفني، أي أن عدد الصيادلة الموجودين برواتبهم أعلى من عدد الأطباء وبالتالي الصيادلة تحولوا إلى مناصب إدارية، فضلاً عن عدم توفير عدد كافٍ من التمريض، حيث تم ضم عدد كبير في المنظومة الجديدة للاستفادة المالية فقط، ولم يضيفوا جديدا حتى الآن، سوى أنهم يحصلون على مرتبات تصل لـ25 ألف جنيه، أي ضعف مرتب الأستاذ الجامعي بمرتين ونصف، وهم مجرد عدد، في وقت لا يوجد فيه أموال لشراء الأدوية، لافتا إلى أن الرئيس السيسي يدفع مبالغ مالية كبيرة في المنظومة الجديدة؛ لتجهيز المستشفيات، والحقيقة هي تنقُّل الأجهزة من مكان إلى آخر، فكان هناك ما يسمى الكارت الدوار، ولكن لدينا الآن الجهاز الدوار من مستشفى لآخر، وهي كارثة كبرى. والأخطر أن هناك متحكمين في الأجهزة الطبية، وهم فنيون لا يملكون الخبرة الطبية، سواء في أجهزة العمليات والحضانات والمعامل، أو الأشعة، أو.. أو..، وهم مسيطرون على ذلك عن طريق مناقصة شرم الشيخ، وهي في حد ذاتها تسببت في تكهين أجهزة دون الرجوع إلى الأطباء أو الشركات المالكة وبيعها كخردة وهي لم تعمل من الأساس لصالح من سيشتريها ليقوم بتشغيلها بعد شرائها على أنها كهنة، وهذا فقط قضية فساد أهدرت مئات المليارات وقامت بإثراء فئة معينة على حساب الشعب.
اقرأ أيضا: التأمين الصحي الشامل يعلن الوصول إلى 3576 عملية في بورسعيد
ونوه المصدر بوجود الإبعاد المتعمد لأساتذة الجامعات عن إدارة المنظومة الجديدة رغم كونهم المسئولين عن تخريج الأطباء وتوقيع الوزيرة لبروتوكول تعاون مع 3 كليات طب حكومية بتوجيه من الرئيس لم تتحول سوى لمجرد حبر على ورق أو كوسيلة عقاب أو تمييز بناء على استفادة شخصية مباشرة لقيادات داخل أو خارج المنظومة، أو وجود صورى لهم، أو وجود مبنى على علاقات شخصية لمديرى المستشفيات باستشاريين بعينهم على المستوى الشخصى.
بل كان هناك أيضا الجانب المحير متمثلا فى أن أطباء وزارة الصحة يتعمدون عمل مشكلات معهم أو تعطيل عملهم أو خلق معوقات عنيفة لكي ينسحبوا؛ لمجرد أن هذه المستشفيات إذا تم تشغيلها، سيتم إغلاق العيادات والمعامل والمستشفيات الخاصة بدعوى أن الوزيرة وجهت لهم أمرا بذلك على النقيض ما فعلته، فهى قامت بتوجيه الجميع للاستفادة من الخبرات فى كل الجامعات والهيئات المحيطة ووقعت بروتوكولات بذلك، مشددة على أن المستشفيات تحتاج إلى الشخص الأمين لإدارتها وتشغيلها، شخص يمتلك علما وخبرة وإدارة، مشيرا إلى أن المنظومة تحتاج لأفراد لديهم ضمير، وأن الرئيس والوزيرة يعملان، ولكن يجب أن يكون مديرو المديريات على قدر من التفانى والأمانة والمؤهلات الطبية والإدارية، ومكلفين بأهداف معينة يتم محاسبتهم عليها، ولكن عند عدم توفير أطباء أو تمريض أو أدوية وغيرها، فهذه كارثة، قائلا: للأسف بورسعيد لا يوجد بها كلية طب قوية، ولكنها صغيرة ومليئة بالمشاحنات التي أدت لانقسام كبير، وفي نفس الوقت كليتا طب الإسماعيلية ودمياط وقعتا على بروتوكولات فقط دون عمل فعلي، مضيفا أن المستشفيات الخاصة التي أجرت توأمة مع المنظومة الجديدة لم تقدم حتى الآن جديدا، فهي موجودة فقط لبناء أسمائها، وليس بناء الدولة، وتم وضع أسمائها بشكل كبير على مستشفيات وزارة الصحة دون تقديم أي خدمة طبية للمرضى.
وقال المصدر: يجب أن تدار مستشفيات وزارة الصحة كما تدار مستشفيات الجامعة، بأن يكون الطبيب مقيما لمدة 3 سنوات نيابة، أي 6 أيام أسبوعيا 8 ساعات في اليوم ونوبتجيات، ولكن ليس انتداب 3 شهور لمدة 42 ساعة، وأقصى نوبتجية متصلة 12 ساعة. فأي نظام يلزم لنجاحه الإمكانيات المادية والثبات فى الطاقم وليس تغييره كل 3 شهور، فبورسعيد الآن أصبحت إعارة للخليج بالنسبة لمن ينتدب لها وعند بدء التأمين فى هذه المحافظات من أين ستأتى الوزيرة بالأطباء.
وقال مصدر آخر إنه تم صرف مبالغ مالية على المباني أكثر من الإنسان، وأن عدد الأطباء لا يكفي بالـ 7 مستشفيات و22 وحدة صحية في بورسعيد، وهي أقل محافظة بها عدد مواطنين في مصر، متسائلا عن الوضع في المحافظات الكبرى، رغم استقطاع الرواتب من المواطنين؛ وبالتالي يجب توفير فكر واعٍ لإدارة المنظومة، وأن يكون تقييمها في كل التخصصات على أيدي الاستشاريين من حملة الدكتوراه؛ ومن ثم يتم محاسبتهم أمام الرئيس، فكان يجب قبل بدء التأمين الصحي الجديد تخريج دفعات طب تغطي الخلل الموجود، فالتأمين الصحي حلم الرئيس وحق للشعب، ولكن كان يجب إبطاء المراحل، ولا توجد حاجة لتدشين المنظومة الجديدة في أربع محافظات أخرى، إلا بعد تجربتها في بورسعيد ومعرفة عيوبها لإصلاحها، مؤكدا أن هناك "أطباء جعلوا من المنظومة بطالة مقنعة بمرتبات عالية، ويتم التعامل معها كسبُّوبة فقط". وذلك على حد قوله.
اقرأ أيضا: الصحة: "48% من سكان بورسعيد سجلوا في التأمين الصحي الشامل"
وأكد المصدر أن أساتذة الجامعة من جامعتى قناة السويس وبورسعيد وجامعة الأزهر فرع دمياط عندما ذهبوا لمنظومة وزارة الصحة لم يتم إعطاؤهم حقوقهم المالية رغم توقيعهم على التعاقدات مع الوزارة فى عهد وزير الصحة السابق، وإلى الآن يوجد أكثر من نصف مستحقاتهم لدى الأمانة العامة لوزارة الصحة، ورغم الشكاوى العديدة لم يتم حل المشكلة، وهذا سبب آخر لعزوف أساتذة الجامعات عن الانضمام لهذه المنظومة الوطنية.
وعن الحل لتلك الأزمة قال مصدر بالتأمين الصحي ببورسعيد، رفض ذكر اسمه، أن تكون مؤهلات كل شخص هي التي تفرض وجوده في المكان، والمحاسبة العادلة الدقيقة من الواجبات والحقوق المتفق عليها من الطرفين، وأن تدار المنظومة الجديدة على أيدي الكفاءات الطبية والإدارية من وزارة الصحة والمؤسسات الوطنية الخاصة والجامعات المصرية؛ ومن ثم محاسبتهم من الرئيس؛ لأنهم أساس العملية التعليمية الصحية في مصر.
من جانبها علقت الدكتورة سماح سعد، عضو لجنة الصحة بمجلس النواب، أن التشغيل التجريبي لمنظومة التأمين الصحي الشامل اقترب من الانتهاء في محافظة بورسعيد كأولى محافظات المرحلة الأولى، مؤكدة أنه من الجيد أن المنظومة بدأت أخيرًا؛ لأنه تم وضع قواعد معينة للأطباء ومبالغ مالية للاستشاريين والإخصائيين وأطباء الأسرة، وكانت جميعها جيدة، ولكن المشكلة هي تطبيق هذه القواعد على أرض الواقع؛ للوقوف على الإيجابيات والسلبيات لها، خاصة أن فترة التشغيل التجريبي مهمة لاختبار القواعد التي تم وضعها، ومعرفة ما تم الوصول إليه وتحقيقه من إنجازات، أو معرفة الإخفاقات، كعدم توفير تخصصات معينة، الأمر الذي ترتب عليه تحويل عدد من المرضى من مستشفى لآخر، ولكن هذا كله يمكن تداركه خلال فترة التشغيل التجريبي، قائلة "لا يمكن للمستشفيات أن تؤدي خدماتها للجمهور بدون وجود جميع التخصصات اللازمة.. يبقى فيه حاجة في السيستم غلط.. ولازم نوفر كل التخصصات؛ حتى يدخل المستشفى في منظومة التأمين الصحي الشامل الجديد".
وبالنسبة للتوأمة بين المستشفيات الخاصة ومستشفيات التأمين الصحي، قالت عضو لجنة الصحة بمجلس النواب، في تصريحات لـ"أهل مصر"، إن المستشفيات الخاصة غير مؤهلة لعلاج مرضى التأمين الصحي، خاصة أن مريض التأمين الصحي له مواصفات معينة، ويدخل المستشفى وهو يعرف علاجه، ويطالب بصرفه شهريا، ولكن في المنظومة الجديدة سيتم الكشف على المريض ومعرفة الأدوية الضرورية، وسيكون الأمر في البداية صعبا، مشيرا إلى أنه "على الرغم من إمكانيات المستشفيات الخاصة، إلا أنها لا توفر للمريض التموين الشهري الدوائي، ويمكن تقليله، وسيكون هناك تضارب بين ما يريده وما يتم تقديمه"، مضيفة أنه يجب وجود رقابة مشددة على مستشفيات المنظومة ووجود تفتيش دائم.
يُذكر أن منظومة التأمين الصحي الشامل الجديدة بدأ التشغيل التجريبي لها أول يوليو، وتستمر حتى 31 أغسطس؛ بهدف تحقيق تغطية صحية شاملة لكل المصريين، وتأمين علاج الأسرة بالكامل، حيث تستمر عمليات تسجيل المواطنين بالوحدات الصحية؛ للحصول على الخدمات الطبية في 22 وحدة ومركز و7 مستشفيات، على أن تعمل المنظومة بشكل رسمي في 13 سبتمبر المقبل.
نقلا عن العدد الورقي.