علم أن الدنيا لا تغني عن الآخرة ، فكلَّلَ حياته لله، وأنهاها بتوزيع ثروته على الجميع ، حتى سائقه الخاص كان له حظ وافر منها رغم منصبه، حيث كان الدكتور حلمي مراد وزيرا للتعليم، إبان حكم الرئيس عبد الناصر، ولم يستغل نفوذه ولو للحظة، فأمر باعادة جميع الهدايا التى حصل عليها بما فيها الهدايا الشخصية البسيطة إلى الدولة ، مبررا ذلك بأنه حصل عليها بموجب عمله ومنصبه كوزير، كما كان يستخدم سيارته الخاصة "فيات"، ولا يستخدم السيارة المخصصة للوزارة.
وعند وفاة الدكتور مراد أمر بالتبرع بكتبه لمكتبة جامعة عين شمس، التي شغل منصب رئاستها في يوم من الأيام، وعمل فيها فترة من الزمن.
ووضع وصية لم ينسَ فيها أحدا, ووزع تركته على الجميع، وكان نص الوصية كالتالي
الوصيـــــــــــة
"أحمد الله أنني أرحل عن الحياة الدنيا مطمئن النفس, إلي أنني أديت واجبي بما يرضي الله في كل مجال عملت فيه وخدمت أمتي وبنيها بكل إخلاص لآخر لحظة في حياتي, وإلي أن شقيقاتي العزيزات وأولادهن لا يعوزهم العون ولا يحتاجون إلي مساعدة, فضلا عن أنني حررت إقرارا بمنحهم قيمة التأمين علي حياتي لدي صندوق معاشات الحكومة, وبعت لهم حال حياتي نصيبي في العمارة الموروثة عن والدتنا والكائنة بشارع قصر العيني رقم64 بالاضافة إلي حقهم في أن يرثوا عني ما قد يكون لدي من أثاثات أو نقود أو أموال سواء في مسكني بمصرالجديدة أو في حساباتي المصرفية, راجيا ومتوقعا ألا يزاحمهم أحد من بقية الورثة وهم أولاد عمي أغناهم الله وزادهم من فضله. وفيما يلي ما أوصي به إرضاء لضميري ملتمسا من الجميع نفاذ رغبتي والإستجابة لمشيئتي.
أولا- استمرارا لارتباطي بكلية الحقوق جامعة عين شمس التي شاركت في تأسيسها وقضيت في التدريس بها جانبا كبيرا من حياتي، حيث تخرج فيها أجيال من الشباب، أعتز بالصلة الروحية التي تربطني بهم, أهدي لها بعد وفاتي مكتبتي راجيا أن يخصص لها مكان قائم بذاته في مكتبة الكلية ليفيد منها طلابها على مر السنين.
ثانيا- تقديرا لخدمات المرحوم ( عبد المحسن..) ورعاية لأبنائه الذين تربوا في داري, فإنني تنازلت نهائيا لأرملته ( رقية..) عن ملكية الأثاث وكافة الموجودات بالشقة التي تقيم بها مع أولادها رقم 6 بالعمارة المملوكة للدكتور عباس البرادي خلف 143 طريق الجيش بجليم، بما في ذلك اشتراك الكهرباء والمياه والتليفون المركب فيها، وكذلك عن حق السكنى كمستأجر بهذه الشقة، وهو ما أقره المالك- حتى تتمكن من المحافظة على كيان الأسرة واستكمال تعليم الأولاد, كما أوصي بتسليمها جهاز التليفزيون الملون الموجود بمنزلي بالقاهرة.
اقرأ أيضا.. تعرف علي أفضل التمارين الرياضية عند التقدم في المرحلة العمرية
ثالثا- عرفانا بإخلاص سائق سيارتي السيد ( أنور..) وأمانته واهتمامه برعايتي أثناء فترات مرضي، أوصي له بسيارتي البيجو 405 والمرخصة باسمي برقم 72737 ملاكي القاهرة؛ ليستعين بها أو بثمنها على بدء حياته الجديدة بعد مماتي.
رابعا- وأخيرا أوصي بالاقتصار على تشييع جنازتي دون إقامة ليلة للعزاء أو ذكرى للأربعين؛ حتى لا نشق على أحد بمراسم لا طائل منها، ولا تتفق مع ظروف الحياة الحاضرة، ولا تمت لديننا بصلة، وقد عهدت بهذه الوصية إلى ابننا الوفي الأستاذ فايز محمد علي المحامي؛ ثقة منا فيه؛ ليحفظها لي حتى يحين الأجل المحتوم, فيعمل مشكورا على تنفيذ ما ورد فيها داعيا له بالصحة والتوفيق.
- حررت بخط يدي ووقعت عليها في الخامس من ١٩٨٧.