أصبحت خصوصية المستخدم أمام الفيس بوك تمثل صفرًا على اليسار في ظل كم البيانات التي يعلمها ذلك الموقع عن المستخدم وما يحبه وما يرفضه فحتى الأشياء التي يشاركها بشكل خاص يعلمها الفيس بوك فاعتمادًا على خوارزميات تحليل المعلومات صار يدرك العلاقات الإنسانية والموقع الجغرافي من خلال الـ«جي بي إس» في الحاسب أو الهاتف وتحديد المعتقدات والآراء التي نلزمها والأفلام التي نشاهدها فهو يعرف كل شيء.
فتلك الخوارزميات التي يعتمد عليها الفيس بوك عبارة عن مجموعة من الأكواد البرمجية تعطي أوامر تنفيذية معينة، لضبط المحتوى والتكيف مع تفضيلات المستخدم الفردية، وتعمل على تحليل تلك المعلومات بعد جمعها وتمررها للفيسبوك الذي يراجع ويتابع الأنشطة والأحداث في دائرة المستخدم الاجتماعية، ثم يقرر ترتيب هذه الأنشطة الأحداث بشكل متتابع متسلسل في صفحة آخر الأخبار.
وأكد الدكتور عادل عبد المنعم، رئيس لجنة أمن المعلومات بغرفة صناعة تكنولوجيا المعلومات، أن جميع أنشطة المستخدم على الفيس بوك وتفاعلاته يتم تحليلها بعد جمعها وفق مجموعة من الخوارزميات التي تحلل أحاديث المستخدم واهتماماته وأفكاره ومعتقداته، وبالتالي تبدأ في تكوين ملف خاص يظهر له في حسابه ضمن «النيوز فيد»، مضيفًا أن الإعجابات والمشاركات التي يقوم بها المستخدم على الفيس بوك يتم تحليلها لمعرفة ما يفكر فيه وعلى أي أساس يتم مخاطبته من قبل الموقع.
وأوضح «عبد المنعم» في تصريحات خاصة لـ«أهل مصر»، أن الفيس بوك يدعم برمجيات متقدمة للوصول إلى بيانات الجهاز الذي يستخدمه الفرد سواء كان هاتف ذكي أو حاسب آلي، وتتضمن تلك البيانات الصور الخاصة بالفرد أو المكان محل التواجد، كذلك جهات الاتصال فمثلا نجد أن الموقع يعمل مشاركة للمستخدم في صورة له عند شخص غريب، وذلك من خلال خوارزمية التعرف على الوجه أو يظهر للمستخدم أصحاب جهات الاتصال في قائمة إرسال طلبات الصداقة من خلال تحليل أرقام الهواتف وتحويلها لقائمة المستخدمين، وأيضًا التعرف على المحيطين في نفس دائرة البعد المكاني ذلك أيضًا بواسطة خوارزمية الموقع الجغرافي.
وأضاف «عبد المنعم»، أنه بتحليل البيانات الشخصية للمستخدم يقوم الفيس بوك بتوجيه خطابه من خلال المنشورات التي يتعرض لها ترشيح بعض الحسابات والصفحات حسب الاهتمام والإعجاب التي تم تسجيلها، وكذلك الإعلانات التي يتم توجيهها.
وقال الدكتور أحمد العطيفي، خبير الاتصالات، إن الاستحواذ على أكبر قدر ممكن من البيانات والوصول لأكبر كم من المعلومات والسيطرة عليها هو هدف الحرب المعلوماتية بين القوى العظمى للعالم حاليًا، في ظل تيقن تلك الدول بأن مستقبل التقدم السياسي والاقتصادي والعلمي يكمن في المعلومات.
وأشار العطيفي في تصريحاته لـ«أهل مصر»، إلى أن شركات مواقع التواصل الاجتماعي مثل فيسبوك وتوتير ويوتيوب وغيرها تحاول التكامل مع الشركات العالمية الكبيرة، مثل جوجل (محرك بحث) ومايكروسوفت (مقدم خدمات وحلول تكنولوجية) وأبل( أهم منتج للأجهزة والأدوات التقنية)، وغيرها من الشركات الكبيرة التي يمكن أن تقدم مساعداتها في الجانب المعلوماتي في محاولة لتشكيل مصدر عالمي للبيانات تكون تلك الشركات مسئولة عن تدفقها ومتحكمة فيه بشكل كلي.
وكشف «العطيفي»، أن الاعتماد على مواقع التواصل مثل فيسبوك في نشر المعلومات بشكل تلقائي دون تفكير أن تلك المنصات تخدم أهداف محددة لأنظمة سياسية واقتصادية عالمية، حيث تعتمد تقنيات مواقع التواصل على جمع بيانات الشخصية وإدارتها حسب التفضيلات والمواقف، بما يخدم الجهة المستحوذة عليها من خلال عمليات التحليل والتطويع المنهجي لتلك المعلومات وتوظيفها بشكل مثالي، مستشهدًا بفضيحة فيسبوك بالتعاون مع جامعة «كامبريدج أنالتيكا»، والتي تم فيها تسريب بيانات نحو 50 مليون فرد بهدف التأثير على التوجهات الانتخابية للمواطنين خلال الانتخابات الرئاسية الأمريكية الماضية، والتي فاز بها دونالد ترامب.
من العدد الورقي