سجلت مدينة رشيد بأحرف من الماس عبارات أشهر قصة حب وقع فيها الجنرال الفرنسي في مدينة رشيد حيثُ يوجد في متحف رشيد ضمن معروضاته نسخة طبق الأصل من وثيقة زواج الجنرال مينو القائد الثالث للحملة الفرنسية على مصر من السيدة "زبيدة البواب" بعد إشهار إسلامه، حيث إن الوثيقة الأصلية نفسها التي تعد كنزا تاريخيا محفوظة في دار الوثائق القومية، حيثُ تجولت كاميرا "أهل مصر" في مدينة رشيد وبيت زبيدة البواب لكي تكتشف تفاصيل الحكاية من أصحاب المدينة.
وروى حسين عبدالغني مهندس ترميم آثار في مدينة رشيد، تفاصيل القصة قائلاً: " أن محمد البواب والد زبيدة يعد من أكبر تجار رشيد كانت زبيدة من أجمل فتيات رشيد، حتى إنها تزوجت في عمر 18 سنة من سليم أغا الذي كان من أثرياء المماليك، ورغم ذلك لم يستمر زواجها منه أكثر من عام حيث وقع الطلاق بينهما ولم تنجب منه أي أبناء.
وأشار عبدالغني أنها عادت للعيش في بيت والدها مرة أخرى الذي يتكون من 5 أدوار، وواجهته بها خمسة أبواب بالدور الأرضي، ويؤدي أولهما الشرقي لمنزل الميزوني والثاني يؤدي إلى حجرة السبيل، والثالث إلى المخزن والرابع يؤدي لسلم منزل جلال الملاصق له، والخامس إلى مخزن منزل جلال، ويعلو كل من هذه الأبواب منور بالحديد، أما الباب المؤدي إلى حجرة السبيل فتعلو بلاطات القاشاني زخارفها من الأوراق والفروع وزهور اللا اللا والزنبق والرمان بالأصفر والأحمر والأخضر، وعلى يسار الباب يوجد شباك السبيل وأسفله حوض رخام لوح عليه النص الخاص بالإنشاء.
ظلت دون زواج حتى قدوم الجنرال الفرنسي إلى رشيد مع الحملة الفرنسية، مبعوثا من نابليون بونابرت إلى رشيد لتسلم مفاتيحها في 1798م، قائلا : "كان يريد زوجة جميلة، لذلك بحث عن أجمل بنات ونساء رشيد حتى عثر على ضالته في "زبيدة" التي كانت أصغر منه سنا بحوالي 30 سنة لكنه عشقها.
وأوضح : أن نابليون كان يحترم قدسية حياة المسلمين التي تحكم عليه بالزواج منها حتى تستمر قصة حبه مع زبيدة، و لذلك طلب من والدها الزواج ولكن كان الطلب مرفوض من جدها قبل والدها لأنه لم يكن مسلما وهذا كان حائلا أمام زواجه من بنات رشيد، فما كان أمامه إلا أن يشهر إسلامه وأطلق على نفسه عبد الله، حيث جاء اسمه ولقبه في وثيقة زواجه من زبيدة "عبد الله باشا مينو صاري عسكر القطر المصري"، حيثُ سجل في وثيقة زواج مينو من زبيدة، أن الصداق الذي قدمه لها مينو "100 محبوب كل واحد منها بمائة وثمانين نصفها فضة"، كما تضمنت في أحد شروطها أن يدفع لها مينو 2000 ريال نظير فراقه لها في حالة الطلاق، وإن مات وكانت لا تزال في عصمته تأخذ من ماله الألفي ريال.
كما تضمنت الوثيقة تأكيدا على صدق إسلام مينو ونطقه للشهادتين، وأنه أظهر الحب للمسلمين وبعد إسلامه سمى نفسه عبد الله، كما جاء نصا بالوثيقة- "مولانا العلامة السيد أحمد الخضري المفتي الشافعي، ومولانا الشيخ محمد صديق المفتي الحنبلي، ومولانا السيد محمد المفتي، مشيرا أن بعد ذلك تولى مينو قيادة الحملة الفرنسية بعد أن قتل سليمان الحلبي قائدها كليبر، وتركها في منزل والدها الميزوني وكانت حاملا في ابنهما الأول الذي أطلقوا عليه بعد ذلك اسم "سليمان".
وأشار: أن القصة لم تنته في مدينة رشيد، حيث وقعت بعض فصولها خارج مصر، بعد هزيمة مينو على يد الإنجليز في الإسكندرية عام1801م حتى وصلوا إلى رشيد، فطلب مينو من زبيدة الرحيل معه ورغم رفض أهلها السفر إلا أنها وافقت مينو وأخذت ابنها وذهبوا إلى فرنسا حيث أقاموا في مدينة تورينو، وبعدها عاشا في مدينة البندقية الإيطالية حتى وفاة مينو في عام 1810، أجبرت زبيدة للعودة مرة أخرى إلى مارسيليا الفرنسية، عاشت في المدينة حتى وفاة ابنها سليمان، وحينها لم يوجد أمامها إلا العودة إلى مصر لاستكمال حياتها بعدما فقدت زوجها وابنها التي غادرت مصر من أجلهم بعد فترة من رجوعه ماتت ودفنت في بلدها رشيد التي شهدت مولد قصتها مع مينو.