بمناسبة اليوم العالمي للانتحار، كشفت إحصائية رسمية صادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، في العام الماضي 2018، عن أن حالات «إيذاء الذات عن عمد» أو ما يعرف بـ«الانتحار»، التي شهدتها مصر طوال السنوات الثلاث الأخيرة بلغت قرابة الـ 183 حالة، وكان الذكور الأكثر إقدامًا على التخلص من حياتهم بواقع 140 حالة، مقابل 43 حالة فقط بين الإناث.
وأشارت الإحصائية، إلي أن عدد حالات إيذاء الذات عن عمد سجل ارتفاعًا طفيفًا خلال السنوات الأخيرة، بداية من 52 حالة انتحار في عام 2015 بينهم 36 حالة من الذكور، و16 حالة من الإناث، ثم ارتفع إلي 62 حالة في عام 2016 بينهم 51 من الذكور و11 من الإناث، وصولًا إلي 69 حالة في عام 2017 بينهم 53 ذكرًا مقابل 16 أنثى، كما أن تلك الحالات تركزت بشكل كبير بين المراهقين في الفئة العمرية أقل من 20 سنة بعدد 80 حالة، يليهم الشباب في الفئة العمرية أقل من 40 سنة بعدد 67 حالة انتحار، بينما سجلت تلك الحالات أدني مستوياتها بين الأكبر سنًا بعدد لا يتجاوز 10 حالات خلال الثلاث سنوات الماضية.
وعلى الرغم من وجود حالات انتحار منذ بداية العام الحالي 2019 تحت عجلات مترو الأنفاق وغيرها من طرق قتل النفس، نفى الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في تقرير رصد الشائعات التابع للمركز الإعلامي لمجلس الوزراء منذ أيام ما تردد من أنباء تزعم تصدٌر مصر المركز الأول عالميًا في معدلات الانتحار، مُؤكدًا أنه لا صحة على الإطلاق لما تم تداوله حول تصدٌر مصر المرتبة الأولى عالميًا في حالات الانتحار، وأن كل ما يتردد في هذا الشأن مجرد شائعات تستهدف النيل من الاستقرار المجتمعي.
ومن جانبه يشير المركز الإعلامي لمجلس الوزراء، إلى أنه وفقًا للبيانات المتاحة طبقًا لمنظمة الصحة العالمية في تقريرها المُعد عام 2016، بعنوان: «الوقاية من الانتحار ضرورة عالمية»، يتضح أن نمعدل الانتحار في مصر من المعدلات المنخفضة جدًا على مستوى العالم حيث تحتل مصر المركز 150 من أصل 183 دولة، وهو ما أكده البنك الدولي أيضًا.
رأي أطباء الأمراض النفسية
وفي السياق ذاته، أوضح الدكتور محمد سامي، طبيب الأمراض النفسية، أن أكثر من 70% من المصريين يعانون من أمراض نفسية نتيجة ضغوطات الحياة والمشكلات الاقتصادية والاجتماعية وكذلك تأخر سن الزواج والإنجاب لدى الفتيات والخوف من المستقبل؛ وبالتالي فإن ظاهرة الانتحار ترجع لأسباب وعوامل نفسية كثيرة، حيث يمكن القول أن لها عدة جوانب منها النفسي والاجتماعي، فهناك حالات مرضية يصل بهم الأمر للاكتئاب وفي أخر درجة يفكر الشخص في الانتحار ويبدأ في تنفيذه، ويرجع ذلك عادة لأسباب اجتماعية أو فقدان التواصل مع المحيطين وسيطرة اليأس، وفي بعض الحالات يمكن أن تكون حالة من عدم الرضا أو تقبل النفس أو لظروف عدم القدرة على مواجهة الحياة، وهناك فئات عمرية منها الشاب أو الشخص الناضج يكون متحمل مسئولية القرار بالكامل، ولكن هناك الطفل الذي يُقدم على الانتحار ويكون الملام الأول في تصرفاته هي الأسرة.
وأضافت الدكتورة أسماء مصطفى، أخصائية نفسية، أن المصريين في الفترة الأخيرة أصبحوا غير قادرين على التواصل الاجتماعي، فمعظم حالات الانتحار لديهم علاقات اجتماعية شبه مدمرة؛ حيث يرجع الأمر لانتشار وسائل التواصل التكنولوجي الذي سبب حالة من العقم في الاتصال الاجتماعي وفقدان القدرة على التواصل على أرض الواقع، حيث بدأ الشباب في البحث عن حالة الافتراضية وبالتالي سهولة انتشار اليأس والاحباط مسببًا حالة من الاكتئاب وخلل في التوازن النفسي التي تقوده إلى التفكير في الانتحار.
وأشارت الدكتورة أسماء، إلى أن الانتحار ظاهرة صدرت إلى مجتمعنا من دول الغرب، وأن وصول أي شخص إلى مرحلة الإقدام على التخلص من حياته يرجع إلى احساسه بأن الموت يخفض له جناح الرحمة أكثر من الحياة، وهو في هذه المرحلة يكون خارج نطاق السيطرة على عقله ومشاعره وأفكاره، لذلك فإن أسباب الانتحار - سواء كانت اقتصادية أو اجتماعية أوغيرها – فهي تتحول في النهاية لما يشبه المرض النفسي، كما أن أساليب الانتحار المتبعة تختلف طبقا للدراسات النفسية باختلاف الجنس والعمر، فتميل النساء عاده إلى تناول كميات كبيرة من الأدوية أو قطع الشرايين، بينما يميل الرجال إلى الانتحار شنقًا أو القاء أنفسهم من مكان مرتفع، وعلى كل الأحوال يبقى ضعف الجانب الإيماني عامل لا يمكن اغفاله لأنه يؤثر كثيرًا في اقدام الشخص على الفعل أو التراجع عنه.
نقلا عن العدد الورقي.