بكلمات ساحرة مخملية ومُعتّقة، مُحمّلة بكل معاني الحُب، ولحن ملائكي يُحرك الجماد،عزفت الفرقة الماسيّة ألحان موسيقار تفرّد بتلحين القصيدة العربية .. بلغ عدد مؤلفاته الغنائية ما يقرب من 539 عملا في الأوبرا العربية والأوبرت والاسكتش والديالوج والمونولوج، والأغنية السينمائية والدينية والقصيدة والطقطوقة والموّال، حتى بلغ عدد مؤلفاته الموسيقية 38 قطعة ووصل عدد الشعراء الذين لحن لهم 120 شاعر. وكان من أشهر ما قدمه السنباطي للسيدة أم كلثوم، سلسلة الخمسينات الشهيرة والمتقاربة؛ على رأسها عودت عيني، والحب كده، حيث استخدم في تلحين هذه الأغنيات وغيرها ضمن السلسلة المقام الموسيقي "كورد" وقام بتوحيده في نوتة كل أغنية، وقدمتها أم كلثوم على مدى خمس سنوات من 1954 حتى 1959 لتلاقي نجاح جماهيري كبير.
واليوم 10 سبتمبر تمر الذكرى الثامنة والعشرون على وفاة الموسيقار الكبير رياض السنباطى، الذي أعطى السنباطي شكل مميز للطرب خلال تلك الفترة، ألحان هادئة سهلة وممتنعة في الوقت نفسه كللّها صوت أم كلثوم على أنغام أوركسترا يقودها عبد الفتاح منسي القانوجي الذي لعب دورا كبير في الفرقة الماسية. وترك السنباطي خلفه موسوعة كبيرة من المؤلفات الموسيقية من أروع ما تحتويه مكتبة الموسيقى العربية.
اختار السنباطي توحيد المقامات في هذه الغنوة، ولا أحد يعلم على وجه التحديد لماذا اختار رياض السُنباطي أن يوحد المقامات بهذا الشكل رغم وجود مئات المقامات التي أثرت الموسيقى العربية. وكان مقام "كورد" هو أبسط المقامات الموسيقية، ورغم سهولته وفي الوقت نفسه عبقرية وإبداع السنباطي، حيث عندما يجتمع السهل مع العبقرية، يخرج منها أرقى الفنون وأبسطها.. هذا ما فعله السنباطي في استغلال المقام الموحد في أغنياته ليصنع مجدا مختلفا عن غيره.
ما بين لُقى وخصام.. علاقة رياض السنباطي بأم كلثوم
كان رياض السنباطي أول ملحن شهير قابل أم كلثوم منذ أن كانوا أطفالا في قرية "درينش" إحدى قرى الدقهلية، وبحسب كتاب "أم كلثوم وحكام مصر" للكاتب الصحفى سعيد الشحات، فإن رياض السنباطى جاء فى يوم إلى أم كلثوم ليعرض عليها قصدة بعنوان "حديث عين" للشاعر أحمد فتحى، وبعد أن رفضت أم كلثوم القصيدة، بحجة أنها بعيدة عن ذوق مستمعيها، بينما أعجب القصبجى بهذه القصيدة، فعرض على السنباطى إعطاءها لأسمهان، فكانت أول لحن تغنت به أسمهان من تأليف رياض السنباطى.
يبدو أن ما فعله السنباطي والقصبجي أغضب أم كلثوم كثيرا، فكان معروفا عنها غيرتها الشديدة على فرقتها الخاصة، وتسبب هذا التصرف فى توتر كبير فى العلاقة بينهما، وفسر البعض أنها وصلت حد القطيعة، وبدأت بحسب "الشحات" العلاقة تسوء بين السنباطى وثومة، إلا أن السنباطى أعاد استرضاء أم كلثوم بتقديم ألحان جديدة لها.
أما عن لقائهما الأول، روى رياض السنباطي فى أحد لقاءاته الصحفية، تفاصيل لقائه بأم كلثوم فقال: بعد سبعة عشر عاما من لقائنا الأول فى قرية "درينش" إحدى قرى الدقهلية، التقيت بالفتاة أم كلثوم مرة أخرى، بعد أن كان صيتها قد ملأ الآفاق فى القاهرة. وقتها كنت أحسد الذين يلحنون لها وكانت تتحرك فى أعماقى ملكة التلحين، تعبيرا عن عواطف جياشة يعيشها الشاب فى مثل سنى.. كنت أقيم فى شقة وحدى وطلبت تليفون كى يسهل علىّ أعمالى واتصالاتى، وفى اليوم الأول الذى دخل فيه التليفون إلى الشقة، سمعت أغنية لأم كلثوم من الراديو، فتذكرت تعارفنا فى محطة الدلتا، وكنت قد عرفت رقم تليفونها من الإذاعة فاتصلت بها، وعندما ذكرت لها اسمى تذكرت بأن والدها الشيخ إبراهيم كان يغنى مع والدى فى الأفراح، ودار بيننا حديث قصير قالت لى فى نهايته "ابقى خلينا نشوفك يا أستاذ رياض، مادام أنت فى مصر وأنا فى مصر".